الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وفي رواية: قال: "لا، بل أنتم العكّارون"، قال: فدنونا فقبّلنا يده، فقال:"أنا فئة المسلمين".
قلت: رواه أبو داود، وقال: الكرارون. (1)
باب حكم الأسارى
من الصحاح
3035 -
قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اطلبوه واقتلوه"، فقتلنه، فنفّلني سَلَبه.
قلت: رواه البخاري وأبو داود كلاهما في الجهاد، والنسائي في السير من حديث سلمة بن الأكوع. (2)
والعين: الجاسوس، وفيه دليل على أن الجاسوس الكافر يقتل.
3036 -
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عجب الله من قومٍ يدخلون الجنة في السلاسل".
قلت: رواه البخاري في الجهاد في باب الأسارى في السلاسل، من حديث محمد بن زياد عن أبي هريرة يرفعه، ولم يخرجه مسلم. (3)
قال في النهاية (4): ومعنى "عجب الله" أي عظم ذلك عنده وكبر لديه، أعلم الله أنه إنما يتعجب الآدمي من الشيء إذا عظم موقعه عنده، وخفي عليه سببه، فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع ذلك عنده.
(1) أخرجه أبو داود (2647)، أما الكرارون فقد ورد فقط في نسخة مختصر المنذري لأبي داود (3/ 438).
(2)
أخرجه البخاري (3051)، وأبو داود (2653)، والنسائي في الكبرى (8677).
(3)
أخرجه البخاري (3010).
(4)
النهاية (3/ 166 - 167).
وفي رواية: "يقادون إلى الجنة بالسلاسل".
قلت: رواها البخاري. (1)
3037 -
قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم هوازن، فبينا نحن نتضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ على جمل أحمر، فأناخه وجعل ينظر، وفينا ضعفةٌ ورقّةٌ في الظهر، وبعضنا مشاةٌ، إذ خرج يشتد، فأتى جملَه، فأطلق قيده، ثم أناخه فقعد عليه فأثاره، فاشتد به الجمل، وخرجت أشتد، فكنت عند ورك ناقته، ثم تقدمت، حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته، فلما وضع ركبته في الأرض، ثم اخترطت سيفي فضربت به رأس الرجل، ثم جئت بالجمل أقوده، وعليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، فقال:"من قتل الرجل؟ " قالوا: ابن الأكوع، قال:"له سَلَبه أجمع".
قلت: رواه مسلم وأبو داود كلاهما في الجهاد من حديث سلمة بن الأكوع (2)، وللبخاري الحديث الذي أول الباب.
و"هوازن"، قال في الصحاح:"قبيلة من قيس"، وغزوة هوزان هي غزوة حنين، ونتضحى: أي نتغدى، واخترطت سيفي: أي سللته من غمده.
3038 -
قال: لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء على حمار، فلما دنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قوموا إلى سيّدكم"، فجاء فجلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هولاء نزلوا على حكمك"، قال: فإني أحكم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى الذرية، قال:"لقد حكمت فيهم بحكم الملك" ويروى: "بحكم الله".
قلت: رواه البخاري في الجهاد باب "إذا نزلوا على حكم رجل"، وفي الاستئذان، وفي غيره، ومسلم في الجهاد، وأبو داود في الأدب، والنسائي في المناقب وفي غيره، من
(1) أخرجها البخاري (2677).
(2)
أخرجه مسلم (1754)، وأبو داود (2654).
حديث أبي سعيد الخدري. (1)
وهذه الغزوة فرغ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة سنة أربع من الهجرة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن هؤلاء نزلوا على حكمك" وقد جاء في رواية أخرى "نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد.
قال القاضي (2): يجمع بين الروايتين بأنهم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضوا برد الحكم إلى سعد، قال: والأشهر: أن الأوس طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم العفو عنهم لأنهم كانوا حلفاءهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضون أن يحكم فيكم رجل منكم يعني من الأوس يرضيهم بذلك، فرضوا به، فردهم إلى سعد بن معاذ الأوسي.
قوله: "وتسبى ذريتهم" الذرية تطلق على النساء والصبيان معًا.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لقد حكمت بحكم الملك" قال النووي (3): الرواية المشهورة الملك بكسر اللام، وهو الله سبحانه وتعالى، ويؤيده ما قاله المصنف.
ويروى "بحكم الله" وإنما أتى بهذه الرواية ليعلمك أن الملك هو الله تعالى، قال القاضي (4):"ورويناه" في صحيح مسلم بكسر اللام بغير خلاف، قال وضبط بعضهم في صحيح البخاري بكسرها وفتحها، وإن صح الفتح: فالمراد به جبريل، وتقديره "بالحكم الذي جاء به الملك عن الله تعالى".
3039 -
قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا قِبَل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ماذا عندك يا ثمامة؟ " قال: عندي يا محمد خير: إن تقتل
(1) أخرجه البخاري (3043)، ومسلم (1769)، وأبو داود (5215)، والنسائي في الكبرى (8222).
(2)
إكمال المعلم (6/ 106).
(3)
المنهاج للنووي (12/ 134).
(4)
إكمال المعلم (6/ 105).
تقتل ذا دمٍ، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان الغد، فقال له:"ما عندك يا ثمامة؟ " فقال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد، فقال:"ما عندك يا ثمامة؟ " قال: عندي ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أطلقوا ثمامة"، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد إن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فلقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إليّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشّره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة، قال له قائل: صبوت؟! فقال: لا، ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبةٌ حنطةٍ، حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: رواه البخاري في المغازي، ومسلم في الجهاد كلاهما من حديث الليث عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، وذكر البخاري القطعة الأولى منه أيضًا في الصلاة وفي الأشخاص، وذكر النسائي قطعة منه في الطهارة وفي الصلاة. (1)
قوله: "يقال له ثمامة بن أثال" أما ثمامة فبضم الثاء المثلثة وفتح الميم، وبعد الألف ميم أخرى مفتوحة وتاء تأنيث، وأما أثال فبضم الهمزة وبعدها ثاء مثلثه مفتوحة وبعد الألف لام، وهو مصروف.
(1) أخرجه البخاري (4372)، ومسلم (1764)، والنسائي في الكبرى (194).
قوله: "وإن تقتل تقتل ذا دم" أي تقتل من عليه دم ومطلوب به فلا عبث في قتله، قال الشافعي: كان ثمامة قد وجب عليه القصاص في الكفر فلذلك قال: "تقتل ذا دم".
ورواه بعضهم في سنن أبي داود وغيره "ذا ذمّ" بالذال المعجمة وتشديد الميم أي ذا ذمام وحرمة في قومه، ومن إذا عقد ذمة وفى بها.
قوله: "فانطلق إلى نخل قريب" هكذا هو في البخاري ومسلم وغيرهما، نخل بالخاء المعجمة، وتقديره: فانطلق إلى نخل فيه ماء فاغتسل منه.
قال بعضهم: صوابه نجل بالجيم وهو الماء القليل المنبعث، وقيل الجاري، قال النووي (1): بل الصواب الأول لأن الروايات صحت به، والله أعلم.
قوله: "صبوت" يقال صبى إذا مال من دين إلى دين وهو مهموز قاله صاحب الغريب. (2)
3040 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر: "لو كان المطعم بن عديٍّ حيًّا، ثم كلّمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له".
قلت: رواه البخاري في المغازي، وأبو داود في الجهاد، كلاهما من حديث جبير بن مطعم يرفعه. (3)
والنتنى: جمع النتن مثل زمْنَى وزمن.
والمطعم بن عدي بن نوفل بن عبد ماف كان معظمًا في قريش، وهو ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وبني المطلب.
(1) انظر: المنهاج للنووي (12/ 127).
(2)
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 244 - 245)، وغريب الحديث للخطابي (1/ 128) و (3/ 124).
(3)
أخرجه البخاري (3139)، وأبو داود (2689).
3041 -
أن ثمانين رجلًا من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلّحين، يريدون غِرّة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم سلمًا، فاستحياهم -ويروى: فأعتقهم-، فأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} .
قلت: رواه مسلم وأبو داود كلاهما في الجهاد، والترمذي في التفسير، والنسائي في السير، وفي التفسير أربعتهم من حديث ثابت عن أنس. (1)
قوله: "يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم" هو بكسر الغين المعجمة أي غفلته.
قوله: "سلمًا" يروى بفتح السين وكسرها وهما لغتان في الصلح، وهو المراد في الحديث على ما فسره الحميدي في غريبه.
وقال الخطابي (2): إنه السلم بفتح السين واللام يريد الاستسلام والإذعان ومنه {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} وهو الانقياد وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع، ولعل ما قاله الخطابي أشبه بالقصد، فإنهم لم يؤخذوا عن صلح وإنما أخذوا قهرًا وأسلموا أنفسهم عجزًا.
3042 -
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قومٍ أقام بالعَرْصة ثلاث ليالٍ، فلمَّا كان ببدر اليوم الثالث، أمر براحلته، فشد عليها رحلها، ثم مشى، واتبعه أصحابه، حتى قام على شفة الركيّ، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم:"يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ "، فقال عمر: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تكلّم
(1) أخرجه مسلم (1808)، وأبو داود (2688)، والترمذي (3264)، والنسائي في الكبرى (1150).
(2)
انظر معالم السنن (2/ 250 - 251) نحوه.
من أجساد لا أرواح لها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمدٍ بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم".
قلت: رواه الجماعة إلا ابن ماجه، البخاري في الجهاد وفي المغازي، ومسلم في صفة أهل النار، وأبو داود في الجهاد، والترمذي في التفسير، والنسائي فيه كلهم من حديث أبي طلحة الأنصاري، واسمه زيد بن سهل. (1)
- وفي رواية: "ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون".
قلت: رواها الشيخان. (2)
وصناديد قريش: أشرافهم وعظماؤهم ورؤوسهم، الواحد صنديد، وكل عظيم غالب صنديد.
والطوي: البئر المطوية بالحجارة.
وخبيث مخبث: أي فاسد مفسد، والركي: بفتح الراء المهملة قال ابن الأثير (3): هو جنس للركية وهي البئر وجمعها ركايا.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" قال المازري (4): قال بعض الناس: الميت يسمع، عملًا بظاهر الحديث، وأنكره المازري وادعى أن هذا خاص في هؤلاء، ورد عليه القاضي عياض (5) وقال: يحمل سماعهم على ما يحمل عليه سماع الموتى في
(1) أخرجه البخاري (3976)، ومسلم (2875)، وأبو داود (2695)، والترمذي (1551)، والنسائي (593).
(2)
أخرجه البخاري (137)، ومسلم (2874).
(3)
النهاية (2/ 237).
(4)
المعلم بفوائد مسلم (3/ 207).
(5)
إكمال المعلم (8/ 405).
أحاديث عذاب القبر وفتنته التي لا مدفع لها وذلك بإحيائهم أو إحياء جزء منهم يعقلون به ويسمعون في الوقت الذي يريده الله.
قال النووي: وهذا هو الظاهر المختار الذي تقتضيه أحاديث السلام على القبور. (1)
3043 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يَرُدّ إليهم أموالهم، وسَبْيهم، قال:"فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السَّبْي، وإما المال! " قالوا: فإنا نختار سَبْينا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال:"أما بعد: فإن إخوانكم قد جاؤوا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سَبْيَهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه، حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا، فليفعل"، فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم"، فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا.
قلت: رواه البخاري في مواضع منها في المغازي، والنسائي وأبو داود في الجهاد وفي السير مختصرًا ومطولًا من حديث مروان بن الحكم (2)، والمسور بن مخرمة ولم يخرج مسلم عن مروان في صحيحه شيئًا، ومن تراجمه عليه باب إذا وهب شيئًا لوكيل أو شفيع قوم جاز" لقول النبي صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن حين سألوه الغنائم، فقال: نصيبي لكم.
3044 -
قال: كان ثقيف حليفًا لبني عُقَيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسَرَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من بني عُقَيل، فأوثقوه وطرحوه في الحرة، فمرّ به النبي صلى الله عليه وسلم فناداه: يا محمد! فيم أخذت؟ قال: "بجريرة حلفائكم ثقيف"، فتركه ومضى، فناداه: يا محمد يا محمد، فرحمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع، فقال:
(1) المنهاج (17/ 207).
(2)
أخرجه البخاري (4318)، والنسائي (8876)، وأبو داود (2693).