الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا إبراهيم النخعي، وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب (1) وإذا صح الحديث وجب القول به إلا أن يكون منسوخًا أو معارضًا بما هو أولى منه انتهى كلامه.
وفيما قاله نظر فقد حكي هذا القول عن الإمام أحمد وفي المسألة مذاهب للعلماء ذكرها أصحاب الخلاف.
باب الأيمان والنذور
من الصحاح
2560 -
أكثر ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف: "لا، ومُقلّب القلوب".
قلت: رواه البخاري في غير موضع منها في التوحيد بهذا اللفظ والترمذي والنسائي في الأيمان والنذور وابن ماجه (2) في الكفارات من حديث ابن عمر.
2561 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت".
قلت: رواه الشيخان في الأيمان والنذور من حديث عبد الله بن عمر، وروياه أيضًا وأصحاب السنن إلا الترمذي من حديث عمر بن الخطاب. (3)
وفيه دليل على النهي عن الحلف بغير الله تعالى، قال الشافعي: من حلف بغير الله فهي يمين مكروهة، وأخشى أن يكون معصية للنهي عنها، فإن قيل هذا الحديث مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: أفلح وأبيه إن صدق، فجوابه أن هذه كلمة تجرى على اللسان لا يقصد بها
(1) أخرجه النسائي (5023)، وأحمد (1/ 94) وإسناده صحيح.
(2)
أخرجه البخاري (7391)، (6628)، والترمذي (1540)، والنسائي (7/ 2)، وابن ماجه (2092).
(3)
أخرجه البخاري (6646)، ومسلم (1646)، وأبو داود (3250)، والنسائي (417)، وابن ماجه (2094).
اليمين، فإن قيل قد أقسم بمخلوقاته لقوله تعالى:{وَالصَّافَّاتِ} {وَالذَّارِيَاتِ} {وَالطُّورِ} {وَالنَّجْمِ} فالجواب أن لله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيهًا على شرفه.
2562 -
قال صلى الله عليه وسلم: "لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم".
قلت: رواه مسلم والنسائي هنا وابن ماجه في الكفارات من حديث عبد الرحمن بن سمرة ولم يخرجه البخاري. (1)
والطواغي: قال في النهاية (2): جمع طاغية، وهو ما يعبدونه من الأصنام وغيرها، وأما الطواغيت: فجمع طاغوت وهو الشيطان، أو ما يزين لهم أن يعبدوه من الأصنام.
2563 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من حلف، وقال في حلفه: باللات العُزّي، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق".
قلت: رواه الجماعة هنا إلا ابن ماجه فإنه رواه في الكفارات كلهم من حديث أبي هريرة، وأعاده البخاري في مواضع. (3)
قال في "شرح السنة"(4): قيل أمر أن يتصدق بالمال الذي يريد أن يقامر به، ويحكى ذلك عن الأوزاعي، وقيل يتصدق بصدقة من ماله كفارة لما جرى على لسانه وهذا هو الصواب.
(1) أخرجه مسلم (1648)، والنسائي (7/ 7)، وابن ماجه (2095).
(2)
النهاية (3/ 116).
(3)
أخرجه البخاري (6650)، ومسلم (1647)، وأبو داود (3247)، والترمذي (1545)، والنسائي (7/ 7)، وابن ماجه (2096).
(4)
شرح السنة (2433).
2564 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من حلف على ملة غير الإسلام كاذبًا، فهو كما قال، وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك، ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا، عذب به يوم القيامة، ومن لعن مؤمنًا، فهو كقتله، ومن قذف مؤمنًا بكفر، فهو كقتله، ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها، لم يزده الله إلا قِلَّة".
قلت: رواه البخاري في الأدب من حديث ثابت بن الضحاك يرفعه، إلا قوله صلى الله عليه وسلم:"ومن ادعى دعوى كاذبة .... " إلى آخر الحديث، فإنها ليست في البخاري بل هي في مسلم، ورواه مسلم في الأيمان إلا قوله صلى الله عليه وسلم:"من قذف مؤمنًا فهو كقتله" فإنها في البخاري، وليست في مسلم، فتلخص أن مجموع الحديث في الصحيحين، لكنه ليس بجملته في واحد منهما كما أورده المصنف. (1)
وقد اختلف العلماء فيما إذا حلف الرجل بغير ملة الإسلام، فمَال: إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام ففعل، فقالت الحنفية وجماعة: عليه كفارة يمين، وقال مالك والشافعي وجماعة: لا كفارة عليه، واستدلوا بحديث أبي هريرة المتقدم فليقل: لا إله إلا الله، فجعل ذلك كفارة له، لكنه يلزمه التوبة، وإنما أمره بكلمة التوحيد، لأن اليمين إنما تكون بالمعبود، فإذا حلف بملة غير الإسلام أو علق الإسلام أمر أن يتدارك ذلك بكلمة التوحيد.
قوله: فهو كما قال، يعني إن نوى التعليق أو استحل ذلك.
قوله: وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك، يعني إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه، بأن قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق عبد فلان أو أتصدق بثوبه ونحو ذلك، فأما إذا التزم في الذمة شيئًا لا يملكه فيصح نذره، مثاله إن شفى الله مريضي فلله علي عتق رقبة وهو في ذلك الحال، لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره، وإذا شفي مريضه ثبت النذر في ذمته.
(1) أخرجه البخاري (6047)، ومسلم (110).
2565 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إني والله، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير".
قلت: رواه الشيخان وأبو داود والنسائي هنا وابن ماجه في الكفارات من حديث أبي موسى الأشعري (1) وقال البخاري وأبو داود في رواية: إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني.
2566 -
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت علي يمين فرأيت غيرها خيرًا منها، فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير".
قلت: رواه الشيخان والترمذي كلهم هنا وأبو داود فرّقه فجعل قصة الإمارة في الخراج، واليمين هنا، وكذا النسائي جعل قصة الإمارة في القضاء واليمين هنا كلهم من حديث عبد الرحمن بن سمرة ولفظ البخاري ومسلم وتقديم الكفارة، وفي لفظ للبخاري فأت الذي هو خير وكفر، وكذلك لفظ الترمذي، وذكر أبو داود والنسائي الروايتين، (2) وقال أبو داود: أحاديث أبي موسى وعدي بن حاتم وأبي هريرة في هذا الحديث روى كل واحد منهم في بعض الروايات "الحنث قبل الكفارة" وفي بعضها: "الكفارة قبل الحنث" انتهى كلامه، وقد ذكرنا عن عبد الرحمن بن سمرة الجمع بين الروايتين أيضًا.
وإذا تقرر هذا فاعلم أنهم قد اتفقوا على أنه لا تجب الكفارة قبل الحنث، وعلى أنه يجوز تأخيرها عن الحنث، وعلى أنه لا يجوز تقديمها قبل اليمين، واختلفوا في جوازها بعد اليمين، وقبل الحنث، فجوزها مالك والشافعي وأربعة عشر صحابيًّا وجماعات من
(1) أخرجه البخاري (6718)، ومسلم (1649)، والنسائي (7/ 9)، وأبو داود (3276)، وابن ماجه (2107).
(2)
أخرجه البخاري (7146)، ومسلم (1652)، والترمذي (1529)، وأبو داود (1929)، والنسائي (8/ 225).
التابعين، لكن قالوا يستحب كونها بعد الحنث، واستثنى الشافعي التكفير بالصوم، فقال: لا يجوز قبل الحنث، لأنه عبادة بدنية، فلا يجوز تقديمها على وقتها كالصلاة والصوم.
وأما التكفير بالمال فيجوز تقديمه كما يجوز تعجيل الزكاة، واستثنى بعض أصحابه حنث المعصية، فقال: لا يجوز تقديم كفارته لأن فيه إعانة على المعصية، وقال أبو حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم: لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث بكل حال، وهذه الروايات التي ذكرناها تدل للقول الأول.
- وفي رواية: "فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك".
قلت: رواها البخاري والترمذي كما بيناه. (1)
2567 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمين، فرأى خيرًا منها، فليكفر عن يمينه وليفعل".
قلت: رواه مسلم والترمذي والنسائي كلهم في الأيمان والنذور من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (2)
وقد دل هذا الحديث، والحديثان قبله على أنه لا يصح الاستثناء المتراخي عن اليمين المنقول عن ابن عباس إذ لو صح الاستثناء أبدًا بغير إيصال لأعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم به في دفع اليمين فإنه أسهل.
2568 -
قال صلى الله عليه وسلم: "لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله: آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه".
قلت: رواه الشيخان في النذور من حديث أبي هريرة. (3)
(1) أخرجه البخاري (6722)، والترمذي (1529).
(2)
أخرجه مسلم (1650)، والترمذي (1530)، والنسائي في الكبرى (4722).
(3)
أخرجه البخاري (6625)، ومسلم (1655).
أما قوله صلى الله عليه وسلم: لأن يلج: فبفتح اللام وهي لام القسم، وقوله صلى الله عليه وسلم: يلج، بفتح الياء المثناة من تحت واللام وتشديد الجيم، وآثم: بهمزة ممدودة وثاء مثلثة أي أكثر إثمًا.
ومعنى الحديث: أنه إذا حلف يمينًا تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه يكون الحنث ليس بمعصية، فينبغي له أن يحنث فيفعل ذلك الشيء، ويكفر عن يمينه، فإن قال: لا أحنث بل أتورع وأخاف الإثم فيه، فهو مخطيء بهذا القول بل استمراره في عدم الحنث وإدامة الضرر على أهله أكثر إثمًا من الحنث، واللحاج في اللغة هو الإصرار على الشيء، ولا بد من تنزيل الحنث على ما إذا كان الحنث ليس بمعصية.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: آثم فخرج على لفظ الفاعلة المقتضية للاشتراك في الإثم، لأنه قضا مقابلة اللفظ على زعم الحالف وتوهمه، فإنه يتوهم أن عليه إثمًا في الحنث مع أنه لا إثم عليه، فقال صلى الله عليه وسلم:"الإثم عليه في اللجاج أكثر لو ثبت الإثم".
2569 -
وقال صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك".
قلت: رواه مسلم في الأيمان والنذور وأبو داود فيه والترمذي في الأحكام وابن ماجه في الكفارات ولم يخرجه البخاري. (1)
2570 -
قال صلى الله عليه وسلم: "اليمين على نية المستحلف".
قلت: رواه مسلم في الأيمان من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (2)
والمستحلف: هو بكسر اللام، وهذا الحديث والذي قبله محمولان على الحلف باستحلاف القاضي، فإذا ادعى رجل على رجل حقًّا، حلّفه القاضي فحلف، وورى، فنوى غير ما نوى القاضي، انعقدت يمينه على ما نوى القاضي، ولا تنفعه التورية، وهذا مجمع عليه.
(1) أخرجه مسلم (1653)، وأبو داود (3255)، والترمذي (1354)، وابن ماجه (2120).
(2)
أخرجه مسلم (21/ 1653).