المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الحدود ‌ ‌من الصحاح 2691 - أن رجلين اختصما إلى رسول الله - كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح - جـ ٣

[الصدر المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب إعلان النكاح والخِطبة والشرط

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المحرمات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المباشرة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌فصل

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الصداق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الوليمة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب القَسْم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الخلع والطلاق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المطلقة ثلاثًا

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌فصل

- ‌من الصحاح

- ‌باب اللعان

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العدة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الإستبراء

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب النفقات وحق المملوك

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب العتق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المريض

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأيمان والنذور

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌فصل في النذور

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب القصاص

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الديات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما لا يضمن من الجنايات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب القسامة

- ‌من الصحاح

- ‌باب قتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الحدود

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب قطع السرقة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الشفاعة في الحدود

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب حد الخمر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب لا يُدْعى على المحدود

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التعزير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب بيان الخمر ووعيد شاربها

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الإمارة والقَضاء

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما على الولاة من التيسير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العمل في القضاء والخوف منه

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب رزق الولاة وهداياهم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأقضية والشهادات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الجهاد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب إعداد آلة الجهاد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب آداب السفر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب القتال في الجهاد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب حكم الأسارى

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمان

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب قسمة الغنائم والغلول فيها

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الجزية

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الصلح

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الفيء

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما يقتنى من الكلاب وما لا يقتنى وما أمر بقتله منها والنهي عن التحريش بين البهائم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما يحل أكله ويحرم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العقيقة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الضيافة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌فصل

- ‌من الحسان

- ‌باب الأشربة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب النقيع والأنبذة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب تغطية الأواني وغيرها

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

الفصل: ‌ ‌كتاب الحدود ‌ ‌من الصحاح 2691 - أن رجلين اختصما إلى رسول الله

‌كتاب الحدود

‌من الصحاح

2691 -

أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي أن أتكلم؟، قال:"تكلم"، قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا، فزنا بامرأته، فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم؟ فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإنما الرجم على امرأته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله: أما غنمك وجاريتك، فرد عليك، وأما ابنك، فعليه جلد مائة وتغريب عام، وأما أنت يا أُنيس: فاغد على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، فاعترفت فرجمها.

قلت: رواه البخاري في مواضع منها في المحاربين ومسلم وأبو داود والترمذي في الحدود والنسائي في الرجم وفي غيره وابن ماجه في الحدود كلهم من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد (1)، ولفظ مسلم: فغدا عليها، فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت، وما ذكره المصنف لفظ البخاري، ولهذا وقع في بعض تراجم البخاري: باب هل يأمر الإِمام رجلًا فيضرب الحدود غائبًا عنه، وفي بعضها: جلد ابنه مائة وغربه عامًا.

= والدارقطني (3/ 114)، والحاكم (4/ 360)، والبيهقي (8/ 136)، وإسماعيل ابن مسلم المكي، ضعيف الحديث، انظر: التقريب (489).

(1)

أخرجه البخاري (6633)، و (6835)، ومسلم (1697)، وأبو داود (4445)، والترمذي (1433)، والنسائي (8/ 240 - 241)، وابن ماجه (2549).

ص: 219

قال البخاري: وقال مالك: العسيف: الأجير، وهو بالعين والسين المهملتين.

قوله صلى الله عليه وسلم: لأقضين بينكما بكتاب الله، يحتمل أن يكون المراد بحكم الله وقيل هو إشارة إلى قوله تعالى:{أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} وفسر النبي صلى الله عليه وسلم السبيل: بالرجم في حق المحصن، كما ثبت في حديث عبادة ابن الصامت، وقيل: المراد نقض صلحهما الباطل على الغنم والوليدة.

قوله صلى الله عليه وسلم: واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها.

أنيس هذا: صحابي مشهور وهو ابن الضحاك الأسلمي.

قال ابن عبد البر: وابن مرثد، والصحيح الأول، وهو أسلمي، والمرأة أسلمية، ولذلك أرسل إليها أسلميا، وإنما بعث صلى الله عليه وسلم ليعلمها أن الرجل قذفها، وأن لها عليه حد القذف، إلا أن تعترف فعليها حد الزنا وهو الرجم.

وقد اختلف أصحابنا في هذا البعث، إذا قذف إنسان إنسانًا في مجلس الحاكم هل يجب؟ والأصح وجوبه.

وفيه دليل على جواز الفتوى في زمنه صلى الله عليه وسلم، والرخصة لمن هو من أهل الفتوى، أن يفتي وإن كان ثم من هو أعلم منه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الرجل قوله: سألت أهل العلم مع كونه صلى الله عليه وسلم مقيمًا بين ظهرانيهم.

2692 -

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر فيمن زنى ولم يحصن: جلد مائة وتغريب عام.

قلت: رواه البخاري في الشهادات من حديث زيد بن خالد، ولم يخرجه مسلم. (1)

والإحصان في هذا الباب أن يجتمع في هذا الزاني أربع شرائط: العقل، والبلوغ، والحرية، والإصابة في النكاح الصحيح.

(1) أخرجه البخاري (6831).

ص: 220

2693 -

إن الله تعالى بعث محمدًا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله: آية الرجم، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، والرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن -من الرجال والنساء- إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف.

قلت: رواه البخاري في مواضع مختصرًا ومطولًا منها في المحاربين، ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه كلهم هنا من حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب. (1)

2694 -

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا عني! خذوا عني! قد جعل الله لهن سبيلًا: البكر بالبكر، جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم".

قلت: رواه الجماعة إلا البخاري كلهم هنا (2) إلا النسائي فإنه ذكره في الرجم من حديث عبادة بن الصامت ولم يخرج البخاري عن عبادة في هذا شيئًا، ولا ذكر في كتابه جلد المحصن.

2695 -

أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما تجدون في التوراة؟ "، قالوا: نفضحهم ويُجلدون، قال عبد الله بن سلام: كذبتم! إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفعها، فإذا فيها آية الرجم.

قلت: رواه البخاري في مواضع منها في المحاربين بهذا اللفظ ومسلم وأبو داود كلاهما في الحدود والنسائي في الرجم واختصره الترمذي (3) في الحدود وأشار إلى القصة ولم يذكرها، وقال بعض أهل العلم: واسم هذه المرأة بسرة.

(1) أخرجه البخاري (6829)، ومسلم (1691)، وأبو داود (4418)، والترمذي (1432)، والنسائي (7160)، وابن ماجه (2553).

(2)

أخرجه مسلم (1690)، وأبو داود (4415)(446)، والترمذي (1434)، وابن ماجه (2550)، والنسائي في فضائل الصحابة (5).

(3)

أخرجه البخاري (3559)، ومسلم (16999)، وأبو داود (4469)، والنسائي (7334). =

ص: 221

- ويروى: فإذا آية الرجم تلوح، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما.

قلت: هذه الرواية عزاها ابن الأثير للشيخين. (1)

وفي هذا الحديث: دليل لوجوب حد الزنا على الكافر، وأنه يصح نكاحه لأنه لا يجب الرجم إلا على محصن، فلو لم يصح نكاحه لم يثبت إحصانه ولم يرجم، وفيه: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو الصحيح، وفيه: أن الكفار إذا تحاكموا إلينا حكمنا بينهم بشرعنا.

قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما تجدون في التوراة"، قال العلماء: هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم، وإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم، ولعله صلى الله عليه وسلم قد أوحي إليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه، أو أنه أخبره من أسلم منهم.

2696 -

أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل وهو في المسجد، فناداه: يا رسول الله! إني زنيت، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فتنحّى لشق وجهه الذي أعرض قِبله، فقال: إني زنيت، فأعرض عنه، فلما شهد أربع شهادات، دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أبك جنون؟ "، قال: لا، فقال:"أُحصنت؟ " قال: نعم، يا رسول الله، قال:"اذهبوا به فارجموه".

قلت: رواه البخاري في المحاربين ومسلم في الحدود من حديث أبي هريرة. (2)

واحتج بهذا أبو حنيفة وأحمد وموافقوهما في أن الإقرار بالزنا لا يثبت ويرجم به المقر حتى يقر أربع مرات، وقال الشافعي وآخرون: يثبت الإقرار بمرة واحدة واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "اغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، ولم يشترط عددًا، وقد تقدم، وحديث الغامدية الآتي، وليس فيه إقرارها أربع مرات.

= والترمذي (1436).

(1)

أخرجها البخاري (6841)، ومسلم (1699)، وانظر جامع الأصول لابن الأثير (3/ 543).

(2)

أخرجه البخاري (6825)، ومسلم (1692).

ص: 222

قوله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فارجموه: فيه دليل على جواز إستنابة الإِمام من يقيم عنه الحد.

2697 -

فأمر به، فرجم بالمصلّى، فلما أذلفته الحجارة فر، فأُدرك فرجم حتى مات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا وصلى عليه.

قلت: رواه البخاري في المحاربين مطولًا من حديث جابر (1) ولم يخرجه مسلم ، وقيل: للبخاري وصلى عليه، يصح؟ قال: رواه معمر، قيل: رواه غيره، قال: لا.

وأذلقته: بالذال المعجمة وبالقاف أي أصابته يحدها، والمراد بالمصلى هنا: مصلى الجنائز فذكر الدارمي من أصحابنا: أن المصلى الذي للأعياد ولغيره إذا لم يكن مسجدًا هل يثبت له حكم المسجد؟ فيه وجهان: أصحهما ليس له حكم المسجد، وهذا الحديث يشهد له.

قوله: وصل عليه، فيه دليل للشافعي أن الإِمام وأهل الفضل يصلون على المرجوم، كما يصلي على غيرهم، وكره مالك وأحمد للإمام وأهل الفضل الصلاة على المرجوم ومن قتل حدًّا.

2698 -

لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟ " قال: لا، يا رسول الله قال:"أنكتها؟ " لا يكني، قال: فعند ذلك أمر برجمه.

قلت: رواه البخاري في المحاربين من حديث ابن عباس ولم يخرجه مسلم. (2)

قول صلى الله عليه وسلم: "لعلك قبّلت"، فيه دليل على استحباب تلقين المقر بالزنا الرجوع وكذلك كل حد لله أقر به الآدمي قياسًا على الزنا.

2699 -

جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله طهرني، فقال:"ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه"، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا

(1) أخرجه البخاري (6820).

(2)

أخرجه البخاري (6824).

ص: 223

رسول الله طهرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مم أطهرك؟ " قال: من الزنا، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبه جنون؟ "، فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال:"أشرب خمرًا"، فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر، فقال:"أزنيت؟ "، قال: نعم، فأمر به فرجم، فلبثوا يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"استغفروا لماعز بن مالك، لقد تاب توبة لو قُسمت بين أمة محمَّد لوسعتهم"، ثم جاءت امرأة من غامد -من الأزد-، فقالت: يا رسول الله طهرني، قال:"ويحك، ارجعي واستغفري الله وتوبي إليه"، فقالت: تريد أن تردّدني كما ردّدت ماعز ابن مالك؟، إنها حبلى من الزنا، فقال:"أنت؟ "، قالت: نعم، قال لها:"حتى تضعي ما في بطنك"، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامدية، فقال:"إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من ترضعه"، فقام رجل من الأنصار، فقال: إليّ رضاعه يا نبي الله، قال: فرجمها.

قلت: رواه مسلم في الحدود من حديث بريدة بن الحصيب ولم يخرجه البخاري. (1)

قوله صلى الله عليه وسلم أشرب خمرًا، فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر": مذهبنا الصحيح المشهور صحة إقرار السكران، ونفوذ إقراره فيما له وعليه، فالسؤال عن شربه الخمر محمول عندنا على أنه لو كان سكران لم يقم عليه الحد.

ومعنى استنكهه: أي شم رائحة فيه، واحتج به المالكية لمذهبهم أنه يحد من وجد منه ريح الخمر، وإن لم تقم عليه بينة بشربها، ولا أقر به، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما أنه لا يحد بمجرد ريحها بل لا بد من بينة على شربها أو إقرار.

قوله: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة محمَّد لوسعتهم، فيه أن توبة الزاني لا تسقط عنه حد الزنا، وهذا حكم السرقة والشرب وهو أصح القولين في مذهبنا ومذهب مالك.

(1) أخرجه مسلم (1695).

ص: 224

قوله: ثم جاءت امرأة من غامد، هي بغين معجمة وراء مهملة بطن من جهينة.

وفي الحديث دليل على: أن المرأة كالرجل في وجوب الحد فإنها لا يقام عليها الحد حتى تضع ويستغني الولد عنها.

قوله: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، أي قام بمؤنتها ومصالحها وليس هو من الكفالة التي هي بمعنى الضمان لأن هذه لا تجوز في الحدود التي لله تعالى.

2700 -

وفي رواية أنه قال لها: "اذهبي حتى تلدي"، فلما ولدت قال:"اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه" فلما فطمته، أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيُقبل خالد بن الوليد بحجر، فرمى رأسها، فتنضّح الدم على وجه خالد، فسبّها! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مهلًا يا خالد! فوالذي نفسي بيده، لقد تابت توبة، لو تابها صاحب مَكْس لغفر له"، ثم أمر بها، فصلى عليها ودفنت.

قلت: رواه مسلم في الحدود من حديث بريدة ولم يخرج البخاري عن بريدة (1) في هذا شيئًا ولا ذكر حديث هذه المرأة.

فتنضح الدم: روي بالحاء المهملة وبالمعجمة والأكثرون على المهملة ومعناه: ترشش وانصب، وظاهر هذه الرواية مخالف للرواية التي قبلها؛ لأن هذه فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رجمها حتى فطمته، وأكل الخبز، وفي التي قبلها قام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعته، فرجمت عقب الولادة، ويجب تأويل الأولى وحملها على وفق الثانية، لأنهما قضية واحدة والروايتان صحيحتان، والثانية منهما صريحة لا يمكن تأويلها، والأولى ليست صريحة فيتعين تأويل الأولى، ويكون قوله في الرواية الأولى: "قام رجل

(1) أخرجه مسلم (1695).

ص: 225

من الأنصار فقال: إليّ رضاعه" إنما قاله: بعد الفطام، وأراد بالرضاعة: كفالته وتربيته، وسماه رضاعًا مجازًا.

وقد ذهب الشافعي وأحمد إلى: أن الزانية لا ترجم حتى يوجد من يرضع الصغير، فإن لم يوجد أخرت إلى الفطام، وقال أبو حنيفة: ترجم بعد الوضع ولا ينتظر حصول مرضعة.

قوله: "ثم أمر بها فصلى عليها" قال القاضي عياض: هو بفتح الصاد المهملة واللام عند جماهير رواة صحيح مسلم، قال: وعند الطبري بضم الصاد، وقال: وكذا هو في رواية ابن أبي شيبة وأبي داود.

قال القاضي (1): ولم يذكر مسلم صلاته صلى الله عليه وسلم على ماعز، وقد ذكرها البخاري انتهى كلامه. وهو كما قال، وقد بينا ذلك في حديث جابر. (2)

2701 -

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحد، ولا يثرّب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرّب، ثم إن زنت الثالثة فليبعْها ولو بحبل من شعر".

قلت: رواه البخاري في المحاربين ومسلم في الحدود والترمذي فيه والنسائي في الرجم من حديث أبي هريرة. (3)

والتثريب: التوبيخ واللوم على الذنب، ومعنى تبيّن زناها: تحققه إما بالبينة وإما برؤيته وعلمه عند من يجوز القضاء بالعلم في الحدود، وفيه: أن السيد يقيم الحد على

(1) إكمال المعلم (5/ 523).

(2)

انظر المنهاج للنووي (11/ 288 - 291).

(3)

أخرجه البخاري (6839)، (2234)، ومسلم (1703)، والترمذي (1433)، والنسائي في الكبرى (7240)(7241)، (7253).

ص: 226

عبده وأمته، وهذا مذهبنا ومذهب مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة في طائفة: ليس له ذلك.

وفيه: دليل على أن العبد والأمة لا يرجمان، سواء كانا مزوجين أم لا، لقوله صلى الله عليه وسلم: فليحدها، ولم يفرق بين مزوجة وغيرها، وفيه: دليل على أن الزاني إذا زنى وأقيم عليه الحد، ثم إذا زنى فعل به ذلك، أما إذا زنى مرارًا ولم يحد فيكفي حدٌّ واحدٌ، وفيه: الحث على مجانبة أهل الفسق وهذا البيع مستحب وليس بواجب عند الجمهور.

2702 -

يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد، من أُحصن منهم ومن لم يحصن، فإن أمَة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أحسنت".

قلت: رواه مسلم والترمذي كلاهما في الحدود من حديث علي بن أبي طالب ورواه الحاكم في المستدرك وقال: على شرط مسلم، وذهل عن كونه في مسلم، والله أعلم، ولم يخرج البخاري هذا الحديث. (1)

وفي رواية: قال: "دعها حتى ينقطع دمُها، ثم أقم عليها الحد، وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم".

قلت: رواها أبو داود في الحدود والنسائي في الرجم (2) كلاهما من حديث علي رضي الله عنه، قال: فجرت جارية لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا علي انطلق فأقم عليها الحد"، فانطلقت فإذا بها دم يسيل لم ينقطع فأتيته، فقال:"يا علي أقمت الحد؟ " فقلت: أتيتها ودمها يسيل، فقال: "دعها

" وساقه، فاقتصر المصنف على هذه القطعة لأن في الحديث قبله بقية معناه، وفي سند أبي داود والنسائي عبد الأعلى بن عامر

(1) أخرجه مسلم (1705)، والترمذي (1441)، والحاكم (4/ 369).

(2)

أخرجه أبو داود (4473)، والنسائي (7268).

وفي إسناده عبد الأعلى بن عامر قال الحافظ في التقريب (3755): صدوق يهم، انظر: الإرواء (2325).

وقال الذهبي: ليّن، ضعفه أحمد، انظر الكاشف (1/ 611)، وميزان الاعتدال (2/ ت 4726).

ص: 227