الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس منه فهو رد (1)» وفي رواية لمسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» ، والقول بترخيص العمال في شيء من الفرائض بسبب العمل قول محدث، ليس عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، فهو باطل.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الصلح)(53) باب إذا اصطلحوا على جور فالصلح مردود، وأخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الأقضية) باب (8) نقص الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور.
(2)
صحيح مسلم (كتاب الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور.
الخاتمة:
الحمد لله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، له الحمد في الأولى والآخرة، لا نحصي ثناء عليه، اللهم لك الحمد على ما قدرت، ولك الحمد على ما علمت، ولك الحمد على ما يسرت، ولك الحمد على ما أتممت. أسألك ربي الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد. وأسألك علما نافعا، ولسانا صادقا، وقلبا شاكرا، وإيمانا خالصا، وأسألك ربي كما وفقتني لإتمام هذا البحث أن تتقبله مني، وأن تنفعني به وإخواني، وأن تجعله بغية وجهك الكريم، وأن توفق من هو أعلم مني وأقدر لإتمام نقصه، وتفصيل مجمله، وبسط مشكله، خدمة للإسلام والمسلمين. وأصلي وأسلم على رسول الله الأمين المرسل رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه أهم ما توصلت إليه من نتائج في هذا البحث:
ا- يتعين على المسلمين العمل لسد حاجاتهم، والقدرة على قتال أعدائهم، وصناعة طعامهم وشرابهم، ومنع العمالة الكافرة، التي تفسد دينهم ودنياهم. وتعويدهم على الصبر وتحمل الشدائد.
2 -
العمل هو كل ما يزاوله الإنسان من أنشطة صناعية، أو مهنية، أو زراعية، أو تجارية، أو غيرها، بغية أي هدف.
3 -
دل الكتاب، والسنة، والإجماع على مشروعية العمل.
4 -
لمشروعية العمل عند المسلمين حكم كثيرة، أهمها: إقامة دين الله على وجه الأرض، وعزة المسلمين، ورفع المفاسد عنهم، وعمارة الأرض وفق أمر الله تعالى.
5 -
ترك المسلمين العمل يؤدي إلى مفاسد عظيمة، من أخطرها: اختلال الدين والعقيدة، وهيمنة أعداء الإسلام، وشيوع الفاحشة في المسلمين، وضعف اقتصادهم، وأبدانهم، وانحطاط معنوياتهم.
6 -
لعمل المسلم ثمرات عاجلة وآجلة، فعمله لا يخلو من الخير العاجل والآجل إذا هو احتسب. فإما أن يكون عمله عبادة محضة، أو عادة وعبادة إذا هو احتسب، وفي كل منهما خير دنيوي عاجل، وأخروي آجل.
7 -
العمل عند المسلمين وسيلة لا غاية، حيث إنه يطلب
بعمله الدنيوي تحقيق الغاية العظمى التي من أجلها خلقه الله، وهي عبادة الله تعالى.
8 -
العمل أنواع متعددة منها: الزراعي، والصناعي، والتجاري، والخدمة العامة، وتنمية الحيوان، والمهن الحرفية، وغيرها. واختلف العلماء في أفضل الأعمال، ولعل أفضلها ما بالناس حاجة شديدة إليه.
9 -
يلزم من يقوم على أمر المسلمين إيجاد العمل للمسلمين، وإيجاد العمال الذين يقومون بكل عمل لازم. والأصل عند المسلمين أن لا توجد بطالة كما هي عند الكافرين، وذلك لسعة أبواب الرزق عند المسلمين، ولسعة أبواب الإنفاق على المسلم.
10 -
يجب وفاء العمل باحتياجات الأمة في كل عصر وظرف، واحتياجات الأمة تختلف باختلاف العصور وتقلب الأحوال، وهمم ولاة أمور المسلمين، والاحتياجات المعيشية.
11 -
لإنعاش اقتصاد المسلمين، ورفع مستوى معيشة الفرد المسلم، لا بد من ضمان استمرار العمل، وتنميته.
12 -
تكثير مجالات العمل وتطويرها من أسباب استمرار العمل، ونموه.
13 -
لضمان استمرار العمل، وتنميته يجب تذليل جميع معوقات العمل، البشرية، والنفسية، والآلية، والمالية، وإيجاد عمل لكل طالب عمل.
14 -
يلزم توفير المواد الأساسية لمختلف الأعمال، والتوسع فيها، وتحسينها؛ لكي يستمر العمل، وينمو.
15 -
من الأمور الهامة في استمرار العمل، السعي المستمر في تحسين نوعية الإنتاج، والرقي به إلى أعلى الدرجات.
16 -
رفع قدرات أدوات الإنتاج الآلية والبشرية أمر ضروري، لقيام العمل باحتياجات المسلمين.
17 -
لرفع قدرات أدوات الإنتاج، يجب الأخذ بوسائل رفع الكفاءات العمالية. من تعليم، وتدريب، وتثقيف تقني، وإيجاد المحبة والألفة بين العاملين.
18 -
للصبر على العمل وتحمل عنائه ومشقته لا بد من حوافز ومغريات مادية ومعنوية للعاملين.
19 -
لتحقيق رفع قدرات وأدوات الإنتاج، يلزم تحقيق المسألة الهامة في ميدان العمل، وهي:" ضمان الإنتاج الكامل لكل عامل " وهو ما يحصل بالتخطيط الدقيق، والتقدير السليم للاحتياجات والقدرات، والتوازن في توزيع الأعمال، والمتابعة والمراقبة، والإدارة الحية، والأخذ بطريقة العقاب والثواب، وغير ذلك من مقومات العمل.
20 -
تطوير آلات الإنتاج أمر هام في رفع قدراتها على الإنتاج، وهو ما يحصل بإيجاد الآلات القادرة على تصنيع أدوات الإنتاج وهو ما يعرف بالصناعة الثقيلة. والمسلمون قادرون على امتلاكها، لو صلحت النيات، وقامت الهمم.
21 -
يلزم علماء المسلمين بيان أحكام جميع المسائل والأمور الحادثة، فليس هناك مسألة أو قضية صغيرة أو كبيرة إلا ولها حكم في شرع الله. فعلى كل جيل أن يبين أحكام الأمور الحادثة في عصره، وأن يبلغها للناس بوسائل التبليغ المتاحة له.
22 -
من الأعمال ما هو واجب، والواجب في الأعمال قد يكون على جميع القادرين عليه، وهو العمل من أجل المعاش، وقد يكون كفائيا، وهو العمل الذي إذا قام به بعض الناس من أهل الاختصاص سقط الإثم عن بقية أهل الاختصاص، وإن لم يكن له أهل اختصاص أثم الجميع. وقد يكون العمل الواجب عينيا وهو العمل الذي يتعين على أشخاص بأعينهم؛ لتميزهم بقدرات وكفاءات خاصة يحتاج المسلمون إليها.
23 -
من الأعمال ما هو مندوب إليه. وهو واسع ولا يمكن حصره، ولكن يمكن وضع قواعد عامة، وضوابط لبعض أحواله. مثل: كل عمل نافع للمسلمين وليس بواجب، فهو مندوب إليه.
24 -
من الأعمال ما هو مباح، وهو أوسع الأعمال، فهو الأصل، وما خرج من هذا الأصل إلى الوجوب أو الندب أو الكراهة أو التحريم، فقد خرج من هذا الأصل بعلة.
25 -
من الأعمال ما هو مكروه، ويصعب حصر هذه الأعمال، ولكن يمكن وضع بعض المعايير والضوابط لأنواع من المكروهات، مثل: كل عمل يتعارض مع الأخلاق والقيم والعادات الحسنة فهو مكروه.
26 -
من الأعمال ما هو محرم، والأعمال المحرمة كثيرة، مادية، وفكرية. فمن الماديات ما يكون في الزراعة، والصناعة، والتجارة، وغيرها، ومن الفكريات، كل عمل فكري يضر بالمسلمين أو أي جانب من حياتهم، سواء كان ذلك عن طريق الكتب، أو المجلات، أو المحاضرات، أو غير ذلك.
27 -
لا يترخص العمال في شيء من فرائض الله بسبب العمل، ودعوى الترخص باطلة لا أصل لها.
دعوة ووصية: يعلم إخواني من طلبة العلم والمهتمين بأمور المسلمين ما للعمل من شأن وخطورة في حياة الناس، وما يؤدي إليه تركه من مفاسد عظيمة لا تحصى، وما ينتج عن إقامته على الوجه الشرعي من مصالح وعزة، ورفعة للإسلام والمسلمين.
لذا فإنني أدعو إخواني من طلبة العلم من أهل الدراية والفكر، وأوصيهم بأن يهتموا بالعمل، وأن يدرسوا حقيقة أمره في كل جانب، ليضعوا الحلول المناسبة لمشكلاته، وليقيموا أمره، ويحموه من تطرق الآفات القاضية عليه وعلى أهله، وليبينوا حلاله من حرامه، فطلبة العلم هم أقدر الناس على ذلك، وعليهم تقع المسؤولية.
كما أوجه الدعوة إلى جامعات المسلمين كافة، كل بحسب اختصاصه، بأن يهتموا بأمر العمل عند المسلمين، وأن يخصوه بدراسة جادة متميزة، وأن يكلفوا من لديه القدرة ببحث مسائله وجزئياته، تحقيقا، ونقدا، وتطويرا، وتحليلا، وتحريما؛ ليعلم الناس حقيقة أمره، وعظيم خطره وشأنه، فيأخذوه بعين الجد والحزم. والله المستعان على ذلك.