الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولدها، فقال: إني اشتريتها أضحي بها وإنها ولدت. قال علي رضي الله عنه: فلا تشرب من لبنها إلا فضلا عن ولدها، فإذا كان يوم النحر فانحرها هي وولدها عن سبعة (1). .
(1) انظر: ابن قدامة، المرجع السابق، ج 13، ص 375، 376
المبحث الحادي عشر: في أحكام لحوم الضحايا:
المستحب في لحوم الأضاحي أن يأكل المضحي وأهل بيته الثلث، ويطعم من أراد الثلث ويتصدق بالثلث، لقوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (1). . والقانع: السائل، والمعتر الذي يعتريك، أي يتعرض لك، لتطعمه. وقيل: القانع الجالس في بيته، والمعتر السائل (2). . ولقوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (3)، ولما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال: يطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق بالثلث (4).
وهذا قول الحنابلة والشافعية في المذهب الجديد، وفي القديم أنه يأكل النصف، ويتصدق بالنصف الآخر، لقوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (5)، حيث جعلها بين اثنين،
(1) سورة الحج الآية 36
(2)
انظر: النووي، المرجع السابق، ج 8، ص 413، وابن قدامة، المرجع السابق، ج 13، ص 380
(3)
سورة الحج الآية 28
(4)
انظر: ابن قدامة، المرجع السابق، ج 13، ص 380
(5)
سورة الحج الآية 28
فدل على أنها نصفان بينهما.
وذهب المالكية إلى قول الحنابلة والشافعية في الجديد، لكنهم خالفوهم في أنه ليست هناك نسبة ثابتة للتوزيع، وإنما هي مطلقة. أي لا يشترطون أن تثلث الأضحية أثلاثا.
أما الحنفية فقالوا: يستحب التثليث، أي أن تجعل أثلاثا، ثلث يأكله المضحي وأهل بيته، وثلث يهديه، وثلث يتصدق به على الفقراء، وهذا إذا كانت الأضحية تطوعا، أما إذا كانت واجبة أو منذورة أو مشتركة بين سبعة نوى أحدهم بقسمة القضاء عن أضحية فائتة، أو كانت ولد أضحية ولدته قبل الذبح بعد التعيين فإنه يحرم الأكل منها (1).
ومما ينبغي الإشارة إليه أن الأمر في لحوم الأضاحي واسع والحمد لله، فلو أكل المضحي الأضحية كاملة، ولم يتصدق على الفقراء، ولم يهد على الأصدقاء جاز، أو تصدق بها كاملة دون الأكل منها أو الإهداء جاز، أو أكل وادخر وتصدق فلا حرج عليه في ذلك، لأن الأمر في الآيتين السابقتين للإباحة أو الاستحباب، كما ذكر أهل العلم وليستا للوجوب. ويدل عليه ما رواه سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثه وفي بيته منه شيء " فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام
(1) انظر: الكاساني، المرجع السابق، ج 3، ص 91
الماضي؟ قال: " كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها (1)». . وما روي كذلك عن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال بعد: " كلوا وتزودوا وادخروا (2)». .
ولا يجوز بيع شيء من الأضحية، سواء كان لحما أو جلدا، وسواء كانت واجبة أو تطوعا، لكونها تعينت بالذبح، ولأنها قربة. كما لا يجوز أن يعطى الجزار أجرته منها، لأن الذبح على المضحي، ولأن إعطاءه أجرته منها عوضا عن جزارته يكون كبيعه. أما إذا أعطاه لفقره، أو أهدى إليه منه فإنه لا بأس بذلك، وبه قال الجمهور لما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه أنه أخبره «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنة وأن يقسم بدنة كلها، لحومها وجلودها وجلالها ولا يعطي في جزارتها شيئا (3)» . . وفي لفظ آخر قال علي رضي الله تعالى عنه: «أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فأمرني بلحومها فقسمتها، ثم أمرني
(1) أخرجه البخاري، ج 6، ص 239 في كتاب (الأضاحي) باب: ما يأكل من الأضاحي، ويتزود، ومسلم ج 2، ص 1563 في كتاب (الأضاحي) باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام
(2)
أخرجه مسلم، ج 2، ص 1562، في كتاب (الأضاحي) باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام
(3)
أخرجه البخاري، ج 2، ص 286، في كتاب (الحج) باب: يتصدق بجلود الهدي