الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا (1)» .
ثم إن ما افترضه الله على عباده لا يقوم إلا بالحياة التي قوامها المعاش، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
(1) أخرجه النسائي (كتاب الجنائز باب (37) ترك الصلاة على من قتل نفسه (4/ 66).
الضرب الثاني: أعمال الواجب الكفائي:
وهي الأعمال التي إذا قام بها بعض الناس سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم بها أحد أثم الجميع. والمراد بالجميع ليس جميع أفراد الأمة، وإنما أهل الاختصاص في كل عمل، إن كان له أهل اختصاص، أي من لديه أهلية للقيام بهذا العمل (1)، وعلم بتعطله. فإن لم يكن لهذا العمل أهل اختصاص ولم يقم به أحد أثم الجميع الذين يعلمون بتعطله، ويمكنهم أن يقوموا به فلم يفعلوا.
وفروض الكفايات كثيرة، منها ما هو خاص بالعبادات، ومنها ما هو خاص بمتطلبات الحياة، ومنها ما هو من المشتركات. فمن الواجبات الكفائية:
1 -
الزراعة التي تحتاجها الأمة في المعاش: فيجب أن تقوم فئة من الناس بالزراعة، بما يسد حاجة المسلمين، فإن لم
(1) تنظر: الموافقات للشاطبي (1/ 176).
يقم بهذا المقدار أحد، أثم القادرون العالمون بالحال.
2 -
الصناعة: لا تستغني الأمة عن الصناعة في أي حال، فبها تسد الحاجات، وتدفع الأضرار، ويرفع لواء الجهاد في سبيل الله. فإن لم يقم بالصناعة من يفي بهذه الالتزامات أثم كل قادر، عالم بالحال، وكذلك أهل الحل والعقد من المسلمين.
3 -
التجارة: لا بد لتجارة المسلمين من ترويج، وتنشيط؛ لتقوم بدورها في خدمة الناس على الوجه الصحيح، الموافق لشرع الله. فإذا لم يقم أحد بالتجارة، وتعطلت مصالح الناس، أثم كل قادر على التجارة، عالم بتعطيلها.
4 -
ولاية أمر المسلمين ورعاية مصالحهم: هذا واجب لا يقوم الأمر إلا به، فإذا لم يتول أحد أمر المسلمين، ولم يرع أحد مصالحهم، أثم أهل الحل والعقد من المسلمين.
5 -
طلب العلم والتفقه في الدين: يجب على بعض الناس أن يتعلموا العلم، ويتفقهوا فيه؛ ليعلموا الناس دينهم، ويقضوا بينهم، ويفتوهم في مسائلهم. فإذا تعطل هذا الأمر، أثم كل قادر على ذلك.
6 -
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: على القادرين من أهل العلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم يفعل أحد ذلك، أثم كل قادر عليه، وأهل الحل والعقد فيهم.
7 -
الجهاد في سبيل الله: الجهاد في سبيل الله إحدى فرائض الله التي يجب أن تقوم أبدا ولا تتعطل، فإذا تعطلت في
أحد الأزمان أثم كل قادر على الجهاد إذا أمكنه فلم يفعل، كما يأثم كل من تسبب في تعطيله.
8 -
خدمة المسلمين في مختلف الشؤون: هذه من الواجبات التي لا تقوم أمور المسلمين إلا بها. فإذا لم يقم عدد كاف من الناس بالخدمات العامة، وتعطلت مصالح الناس، أثم كل قادر على الخدمة (الوظيفة) إذا دعي إليها فأباها. إلى غير ذلك من الواجبات الكفائية.
أدلة هذا الضرب: يدل على هذا الضرب أدلة كثيرة منها:
1 -
2 -
قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2).
ففي الآيتين وما ماثلهما من الآيات دلالة على أنه لا يمكن أن يوجه الناس جميعا لأداء عمل معين، بل إذا قام به من يحصل به المطلوب سقط الواجب عن بقية القادرين عليه. ويدل على ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يندب لكل مهمة أقدر الناس عليها، في الولايات، والجهاد، وسائر المهمات. وكذلك فعل أصحابه من بعده.
(1) سورة التوبة الآية 122
(2)
سورة آل عمران الآية 104