الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعجيل مطلقا. وقال السرخسي: إن المذهب جواز التعجيل للسنة والسنتين (1).
وأجاز المالكية والحنابلة تقديمها على سبب وجوبها بيوم أو يومين (2)، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخرجها قبل يوم الفطر بيوم أو يومين (3).
وقال الشافعية: إنه يجوز إخراجها من بداية رمضان، وقد علل النووي هذا القول بقوله: إنها تجب بسببين، وهما صوم رمضان والفطر منه، فإذا وجد أحدهما جاز تقديمها على الآخر، كزكاة المال قبل الحول، وبعد ملك النصاب، ولا يجوز تقديمها على رمضان، لأنه تقديم على السببين معا (4).
(1) انظر: بدائع الصنائع، ج 2، ص 74، والمبسوط، ج 6، ص 110.
(2)
انظر. الخرشي على مختصر خليل، ج 2، ص 233، وابن قدامة، المرجع السابق، ج 4، ص 300.
(3)
أخرجه البخاري، ج 2، ص 139، في كتاب (الزكاة) باب صدقة الفطر على الحر والمملوك.
(4)
انظر. المجموع، ج 6، ص 126.
المبحث الثامن: نوع المخرج في زكاة الفطر ومقداره:
قال الحنفية: إن الواجب في زكاة الفطر نصف صاع من بر أو صاع من شعير أو صاع من تمر (1). واحتجوا لذلك بما روي عن ثعلبة بن صعير العذري عن أبيه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) انظر: الكاساني، المرجع السابق، ج 2، ص 69، والسرخسي، المرجع السابق، ج 2، ص 112.
«صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله تعالى عليه أكثر مما أعطى (1)» وفي لفظ آخر قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأمر بصدقة الفطر صاع تمر أو صاع من شعير عن كل رأس (2)» .
وقال الجمهور؛ المالكية والشافعية والحنابلة: إن الذي يجب إخراجه في زكاة الفطر صاع عن كل إنسان من جميع أجناس المخرج، وقد احتجوا لذلك بأحاديث منها: ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: «كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك - صاعا من طعام، أو صاعا من أقط، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب، فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجا أو معتمرا المدينة، فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال: إني لأرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر. قال فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت (3)» .
(1) أخرجه أبو داود، ج 2، ص 270، 271، في كتاب (الزكاة) باب: من روى نصف صاع من قمح.
(2)
أخرجه الترمذي، ج 3، ص 59، في كتاب (الزكاة) باب: ما جاء في صدقة الفطر، وقال عنه: إنه حديث حسن صحيح، وأصل هذا الحديث في البخاري ومسلم فقد أخرجه البخاري، ج 2، ص 138 في كتاب (الزكاة) باب: صدقة الفطر صاع من طعام. ومسلم، ج 1، ص 678 في كتاب (الزكاة) باب: زكاة الفطر على المسلمين.
(3)
صحيح البخاري الزكاة (1508)، صحيح مسلم الزكاة (985)، سنن الترمذي الزكاة (673)، سنن النسائي الزكاة (2513)، سنن أبو داود الزكاة (1616)، سنن ابن ماجه الزكاة (1829)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 98)، موطأ مالك الزكاة (628)، سنن الدارمي الزكاة (1663).
وقول الجمهور أرجح، لأنه يستند إلى حديث متفق عليه، ولأن دليل الحنفية مستند إلى حديث ضعيف (1). ومعارض في الوقت نفسه بحديث آخر بدرجة الحسن عن ثعلبة نفسه قال:«خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس قبل الفطر بيومين قال: " أدوا صاعا من بر أو قمح (2)» .
أما عن جنس المخرج أو نوعه فعند الحنفية ثلاثة أنواع وهي: الحنطة والشعير والتمر، ويجزئ دقيق الحنطة وسويقه عن الحنطة، وكذلك دقيق الشعير وسويقه عن الشعير، لأن المقصود سد خلة المحتاجين، وإغناؤهم عن السؤال، وهذا يحصل بالدقيق، كما يحصل بالحب، بل إن الدقيق أعجل في وصول المنفعة إلى الفقير من الحب وأكثر منفعة وأقل مؤونة.
فهذه الأنواع الثلاثة تعتبر عندهم أصولا لغيرها، ولذلك فإنه إذا كان المخرج من الأجناس الأخرى، فإن الاعتبار فيها بالقيمة، حيث تقوم هذه الثلاثة ثم يشتري بقيمة المقوم منها الجنس المراد إخراجه، لأن الاعتبار بالمنصوص عليه لما ليس فيه نص.
كما جوز الحنفية إخراج القيمة من النقود في زكاة الفطر، وهي عندهم أفضل من إخراج العين.
(1) ضعف أهل العلم هذا الحديث، انظر: المغني، لابن قدامة، ج 4، ص 287.
(2)
أخرجه الإمام أحمد، ج 5، ص 432.
وذهب المالكية والشافعية إلى أن الواجب عليه هو غالب قوت البلد أو قوت المكلف إذا لم يقدر على قوت البلد.
وذهب الحنابلة إلى القول: إن الواجب عليه يتعين في أحد الأصناف الواردة في حديث أبي سعيد السابق، وهي الحنطة والشعير، والتمر، والأقط، والزبيب، فإذا عدمت هذه الأصناف فإنه يجزئه كل مقتات من الحبوب والثمار.
أما عن إخراج القيمة في زكاة الفطر، فقد جوز الحنفية ذلك كما سبق الذكر، وعللوه بأنه أنفع وأيسر للفقير، لكونه يستطيع بها أن يشتري أي شيء يريد في يوم العيد، وقد منع من ذلك الجمهور، لعدم النص عليها، ولأن القيمة في حقوق الناس لا بد لها من تراض، والزكاة ليس لها مالك معين حتى يتم التراضي معه أو إبراؤه.
ولا شك أن دفع القيمة في زكاة الفطر أنفع للفقير وأيسر، وأسرع في سد خلته، بل أضمن في حصول النفع كاملا له، لأن حاجته قد لا تكون معينة في الحنطة أو الشعير أو التمر أو الأقط أو الزبيب أو أي مقتات آخر، وإنما قد يكون محتاجا إلى النقود