الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول عنها الناس الرجبية (1)». .
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور بدليل أن الشارع جعل البدنة تجزئ عن سبعة، وهي أكثر لحما من البقرة، وكذلك البقرة تجزئ عن سبعة، وهي أكثر لحما من الشاة، وكثرة اللحم وطيبه مقصود في التضحية بدليل «نهي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يضحي بالعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسير التي لا تنقي (2)» أي لا مخ فيها لهزالها، والله تعالى أعلم.
(1) سبق تخريجه
(2)
سنن الترمذي الأضاحي (1497)، سنن النسائي الضحايا (4369)، سنن أبو داود الضحايا (2802)، سنن ابن ماجه الأضاحي (3144)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 301)، موطأ مالك الضحايا (1041)، سنن الدارمي الأضاحي (1950).
المبحث العاشر: في مستحبات ينبغي للمضحي فعلها ومكروهات يحسن به اجتنابها:
ذكر العلماء رحمهم الله تعالى بعض
المستحبات
التي ينبغي للمضحي أن يفعلها قبل التضحية وبعضها عند التضحية، وبعضها بعد التضحية. وقد أوردت شيئا منها فيما سبق في مظانه. أما هنا فسأذكر ما لم يذكر هناك إن شاء الله تعالى.
كما أن للتضحية مكروهات ورد بعضها في ثنايا المطالب السابقة، فإنني سأذكر هنا البعض الآخر، لأن فعل المستحب يزيد في الأجر وعدم الاحتراز من المكروه ينقصه. فإذا فعل المضحي المستحب، واجتنب المكروه حاز على كمال أجر الأضحية بإذن الله تعالى. وإليك هذه المستحبات، والمكروهات فيما يلي:
أولا: المستحبات:
أ - تقليد الأضحية وتجليلها قياسا على الهدي، حيث إن
المضحي إذا قلد أضحيته وجللها أشعر ذلك بعظمها، كما قال تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (1)، وقوله تعالى في شأن الهدي:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} (2)، وقوله تعالى:{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} (3).
2 -
ربط الأضحية قبل أيام العيد، لأن الأضاحي من القرب التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، حيث إن المضحي إذا ربط أضحيته قبل التضحية بزمن كان له أجر عظيم بذلك، لأنه يظهر استعداده وعنايته ورغبته في التقرب إلى مولاه بهذه القربة العظيمة (4).
3 -
من السنة عند إرادة الذبح أن يسوق المضحي أضحيته إلى مكان الذبح، فيستحب له أن يسوقها سوقا جميلا لا عنف فيه ولا قوة، لأنها قربته التي يتقرب بها إلى الله تعالى ومطيته على الصراط، ثم لأن المسلم مأمور بالإحسان في كل شيء. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته (5)» . .
(1) سورة الحج الآية 32
(2)
سورة المائدة الآية 2
(3)
سورة المائدة الآية 97
(4)
انظر. الموسوعة الفقهية، ج 5، ص 94
(5)
أخرجه مسلم، ج 2، ص 1548، في كتاب (العيد والذبائح) باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة
4 -
ومن الأشياء المستحبة استحسان الأضحية واستحسانها واستعظامها لقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (1)، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: تعظيمها استسمانها واستعظامها واستحسانها (2). . وعن أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه قال: كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون (3). . ثم لأن استسمان الأضحية أعظم للأجر وأنفع للناس (4).
5 -
يستحب للمضحي كذلك ذبح أضحيته بنفسه إن قدر على ذلك، لأنها قربة، ومباشرة القربة أفضل من الإنابة فيها، ويدل على ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:«ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما (5)» .
لكنه لو أناب عنه غيره في ذبح الأضحية جاز وصحت النيابة إذا كان المنوب مسلما، لما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: «يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك أما إن لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب، أما إنه يجاء بها يوم القيامة بلحومها ودمائها سبعين ضعفا حتى
(1) سورة الحج الآية 32
(2)
ابن قدامة، المرجع السابق، ج 13، ص 367
(3)
ابن قدامة، المرجع السابق، ج 13، ص 367
(4)
ابن قدامة، المرجع السابق، ج 13، ص 367
(5)
صحيح البخاري الأضاحي (5565)، صحيح مسلم الأضاحي (1966)، سنن الترمذي الأضاحي (1494)، سنن النسائي الضحايا (4415)، سنن ابن ماجه الأضاحي (3120)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 272)، سنن الدارمي الأضاحي (1945).
توضع في ميزانك (1)». .
6 -
ويستحب كذلك أن يوجه الأضحية حين الذبح إلى جهة القبلة، وأن يقول: بسم الله والله أكبر لقوله في الحديث السابق: «ذبحها بيده وسمى وكبر (2)» وإن زاد فقال: اللهم هذا منك ولك، اللهم تقبل مني أو من فلان، فحسن، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه «قال بعد أن أخذ الكبش وأضجعه ثم ذبحه: " بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد (3)»، وإن قال:«إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، بسم الله والله أكبر (4)» فحسن أيضا لوروده عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود (5)، أو ذكر أي دعاء آخر ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا بأس بذلك، لكنه لو نسي ولم يذكر شيئا جازت الأضحية ولا شيء عليه.
(1) أخرجه البيهقي، ج 9، ص 283، في كتاب (الضحايا) باب: ما يستحب للمرء من أن يتولى ذبح نسكه أو يشهده، وعبد الرزاق في المصنف، ج 4، ص 388، في كتاب المناسك، كتاب: فضل الضحايا والهدي هل يذبح المحرم
(2)
صحيح البخاري الأضاحي (5565)، سنن الدارمي الأضاحي (1945).
(3)
أخرجه مسلم، ج 2، ص 1557، في كتاب (الأضاحي) باب: استحباب التضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل والتسمية والتكبير
(4)
صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (771)، سنن الترمذي الدعوات (3423)، سنن النسائي الافتتاح (897)، سنن أبو داود الصلاة (760)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 103)، سنن الدارمي الصلاة (1238).
(5)
أخرجه أبو داود انظر سنن أبي داود، ج 3، ص 231، كتاب (الضحايا) باب: ما يستحب من الضحايا