الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الحنابلة فقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في التضحية عن اليتيم من ماله، فروي عنه أنه لا يجوز أن يضحي عنه من ماله، لأنه إخراج شيء من ماله بدون عوض، وهذا غير جائز أشبه الصدقة والهدية، وروي عنه أنه يجوز أن يضحي عنه من ماله إذا كان موسرا على سبيل التوسعة عليه تطييبا لقلبه، وإشراكه لأمثاله في يوم العيد (1).
(1) انظر ابن قدامة في المرجع السابق، ج 13، ص 378
المبحث الرابع: وقت ابتداء التضحية:
أما عن بداية وقت التضحية فقد قال الحنفية: إنه يبدأ عند طلوع الفجر من يوم النحر، وأهل الأمصار والقرى فيه سواء، إلا أنه اشترط لأهل الأمصار تقديم الصلاة على التضحية، فلا تجوز قبل الصلاة، لكنه لو ذبح بعد الصلاة وقبل الفراغ من الخطبتين أجزأته، والأفضل تأخير الذبح إلى ما بعد الفراغ من الخطبتين. كما أنه لو تعددت مصليات العيد في المصر، فإن الذبح بعد الفراغ من أسبق صلاة عيد. وإذا لم يصلوا صلاة العيد لعذر، فإنه يجوز الذبح بعد مضي وقتها. أي وقت الصلاة والخطبتين، بحيث يقدر هذا الوقت الذي يتوقع أن تستغرقه الصلاة والخطبتان ثم يضحوا.
أما من يضحي في غير المصر، فإنه لا يشترط له هذا الشرط، وإنما يجوز له أن يذبح أضحيته عند طلوع فجر يوم العيد.
وقالوا أيضا: إن العبرة لمكان الذبح لا بمكان المضحي،
فلو وكل مصري من يضحي عنه من أهل القرى، أو وكل قروي مقيم بقرية مصريا أن يذبح أضحيته بالمصر، فإن العبرة بمكان الوكيل لا بمكان الموكل، لأن الأضحية مما يتقرب به المضحي إلى الله تعالى (1).
وقال المالكية والحنابلة في رواية: إن بداية وقت ذبح الأضحية لغير الإمام هو وقت فراغ الإمام من ذبح أضحيته بعد صلاة العيد وبعد الفراغ من الخطبتين فلا يجوز الذبح قبل أضحية الإمام، وذلك في اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم النحر. وفي حالة عدم ذبح الإمام أو تكاسله عن الذبح من غير عذر فإنه يقدر الوقت الذي يظن أنه لو ذبح الإمام لكان قد فرغ من ذبح أضحيته ثم يضحوا.
أما إذا تأخر الإمام عن التضحية لعذر، كانشغاله بقتال عدو ونحوه، فإنه ينتظر حتى يزول ذلك العذر إلا إذا خيف فوات الوقت الأفضل في اليوم الأول، فإذا خيف ذلك فإنه يلزم الناس أن يضحوا ولو كان قبل تضحية الإمام. وقالوا كذلك: إذا كان في البلد نائبان أحدهما للإمام والآخر للصلاة، فإذا أخرج نائب الإمام أضحيته إلى المصلى فالاعتبار به، وإلا فالاعتبار بإمام الصلاة، وإذا عدم هذا وذاك فعلى المسلمين أن يتحروا تضحية إمام أقرب الأمصار إليهم إذا كان واحدا، وإذا تعددوا فعليهم أن
(1) انظر: ابن عابدين في المرجع السابق، ج 6، ص 318، والكاساني، ج 5، ص 65
يتحروا تضحية أقرب الأئمة إليهم.
وقال الشافعية والحنابلة في الرواية الثانية: إن وقت التضحية يحل بعد طلوع الشمس يوم العيد بمقدار ما يتسع له فعل ركعتين خفيفتين وخطبتين خفيفتين كذلك. وقد عللوا عدم توقف صحة التضيحة على انتهاء الإمام من صلاة العيد والخطبتين وفراغه بعد ذلك من ذبح الأضحية بأن الأئمة يختلفون في الصلاة من حيث التطويل والقصر، فمنهم المطيل، ومنهم المخفف فاعتبر الزمان لكونه ضابطا مناسبا أشبه ما يكون بمواقيت الصلاة، ويناسب جميع الناس في القرى والأمصار والبوادي، وأهل الخيم. . كما أن للحنابلة قولا ثالثا في المسألة، وهو أنه ليس بالضرورة أن ينتظر الناس الإمام حتى يفرغ من صلاة العيد والخطبتين، وذبح أضحيته بعد ذلك في جميع الأماكن إذا تعددت مصليات العيد، وإنما ينظر إلى أقرب مصلى فإذا فرغ المصلون من الصلاة فيه، فإنه لا بأس أن يذبحوا ضحاياهم.
أما إذا كان المضحون من أهل البوادي والخيم التي لا مصليات فيها ولا عيد على أهلها، فإن وقت التضحية بالنسبة