الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: من تجب عليهم زكاة الفطر:
اختلفت المذاهب الفقهية في هذه المسألة اختلافا بينا. فقد ذهب الحنفية إلى القول: إنه يجب على الرجل إذا كان غنيا أن يؤديها عن نفسه، وعن كل من له ولاية عليه، وهم ابنه الصغير وبنته الصغيرة وابنه الكبير إذا كان مجنونا، لأن هؤلاء جميعا له حق التصرف في أموالهم بما يعود عليهم بالنفع بدون إذنهم. هذا في حالة كونهم فقراء. أما في حالة كونهم أغنياء فإنه يخرجها من أموالهم، لأن زكاة الفطر ليست عبادة محضة عند أبي حنيفة، وإنما فيها معنى المؤنة بدليل وجوبها على الغير بسبب الغير، فأشبهت النفقة، ونفقته في ماله إذا كان الحر له مال. كما وجبت في مال الأب لأقاربه إذا كانوا فقراء. وقد خالف في ذلك محمد بن الحسن وزفر وقالا: إنها عبادة محضة تجب في مال الأب، لأنها لا تصح من غير المكلفين.
ولا يرى الحنفية أن يخرجها الأب عن بنيه الكبار ووالديه وأقاربه وزوجته سواء كانوا أغنياء أو فقراء لأنه وإن كانت تلزمه نفقتهم إذا كانوا فقراء، فإن ولايته عليهم قاصرة بدليل أنه لا يجوز له التصرف في أموالهم إذا كان لهم مال إلا بإذنهم.
وذهب المالكية إلى أن الرجل يؤديها عن نفسه وعن من تجب عليه نفقته وهم الوالدان الفقيران، وأولاده الفقراء ذكورا أو
إناثا، والزوجة أو الزوجات ولو كن ذوات مال، وكذلك زوجة والده الفقير. وقد استدلوا على هذا بما روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال:«أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون (1)» . ويستنتج من ذلك أن المالكية لا يرون أن يؤدي المرء زكاة الفطر عن أولاده الأغنياء سواء صغارا أو كبارا، ولا عن والديه الغنيين كذلك.
ويتفق الشافعية والحنابلة مع المالكية في أن المرء يؤدي الزكاة عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته شرعا مع اختلاف يسير في التفاصيل. فقد قال الشافعية: إن الرجل يؤديها عن نفسه، وعن من تجب عليه نفقته من المسلمين لقرابة أو زوجية أو ملك، فيؤديها عن أصوله وإن علوا كجده وجدته، وفروعه وإن نزلوا ذكورا أو إناثا إذا كانوا فقراء، كما يؤديها عن زوجته، وكذلك مطلقته طلاقا غير بائن، ولا تلزمه زكاة البائن إلا إذا كانت حامل، لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (2).
(1) أخرجه الدارقطني، ج 2، ص 141 في كتاب (زكاة الفطر) الحديث رقم 12.
(2)
سورة الطلاق الآية 6