الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فتاوى سماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية
س: برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة تبني جماعة أعلنت عن نفسها في إحدى الصحف المحلية عن إدارة مشروع للزواج من متخلفات يقمن بالمملكة بصورة غير مشروعة، ويتم زواجهن بمهور ميسرة جدا لا تتجاوز (1000) ريال للثيب و (1500) للبكر. من هنا نود من سماحتكم تسليط الضوء على النواحي الشرعية لمثل هذا الزواج ومدى جوازه شرعا. علما أن
أولياء أمور الزوجات قد لا يوجدون عند كتابة عقود الأنكحة
؟
ج: الحمد لله، الله سبحانه وتعالى خلق بني البشر من جنسين ذكر وأنثى وهو سبحانه من حكمته جعل بين الذكر والأنثى الألفة والمودة والرحمة وغريزة التزاوج لحكمة أرادها الله. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1)، ويقول سبحانه:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (2).
(1) سورة النساء الآية 1
(2)
سورة الروم الآية 21
وشرع الله سبحانه لعباده المؤمنين النكاح إحصانا لفروجهم وتكثيرا للأمة ولغير ذلك من المصالح والمنافع التي لا تخفى، وفي شريعة الإسلام السمحاء ضبط أمر الزواج بشروط وضوابط تكفل بتوفيق من الله استمراره وبقاءه وتحقق الفوائد المتوخاة منه، وهي في نفس الوقت شرط لحل عقد النكاح في الإسلام، من ذلك: وجود الولي للمرأة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل (1)» وفي الحديث الآخر عنه صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي (2)» وعلى هذا فإن هذا الزواج المنوه عنه في السؤال نكاح باطل لعدم وجود الولي، فيكون بذلك محرما، ثم أيضا إن ولي الأمر قد وضع للناس ضوابط وتعليمات تحقق للناس المصلحة العامة وتدفع عنهم مفاسد وأضرارا قد لا يدركها آحاد الناس ومن ذلك ما كان من تنظيم أمر الزواج من الخارج، ثم أيضا قاموا بتنظيم أمر الإقامة في داخل البلد، ومخالفة هذا التنظيم أمر محرم، ثم أيضا إن مقصود الشارع من الزواج الاستقرار وتحصيل الأبناء، ومثل هذا العمل قد يؤدي إلى ضياع الأبناء والاضطرار إلى الانفصال ونحو ذلك من الأمور المنافية لمقصود الشارع.
إذن هذا الزواج محرم، وباطل من وجوه:
1 -
عدم وجود الولي.
(1) سنن الترمذي النكاح (1102)، سنن أبو داود النكاح (2083)، سنن ابن ماجه النكاح (1879)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 47)، سنن الدارمي النكاح (2184).
(2)
سنن الترمذي النكاح (1101)، سنن أبو داود النكاح (2085)، سنن ابن ماجه النكاح (1881)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 418)، سنن الدارمي النكاح (2182).
2 -
عصيان ولي الأمر بمخالفة الأنظمة التي وضعها لتحقيق مصالح عامة.
3 -
في هذا العقد مخالفة لمقصود الشارع من الزواج وهو السكن والاستقرار وتحصيل الأبناء، إذ هذا الأمر إن لم يكن متعذرا في هذا النوع من الزواج فهو متعسر جدا كما يعلم ذلك من له بصيرة في هذه الأمور.
فالواجب تقوى الله، والحرص على اتباع الطرق الشرعية، والحذر من هذه المسالك المضرة على دين المرء ودنياه.
س: ما حكم أن يحول الأب بين ابنته الموظفة وبين زواجها رغبة في مرتبها؟
ج: لا يجوز للأب ولا لغيره من أولياء البنات أن يمنعوهن من زواج الأكفاء لمثل هذه الأسباب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم (1)» والله تعالى يقول: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2). فالواجب على أولياء النساء تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه، والحذر من أسباب سخطه سبحانه. وأن يكونوا حريصين على تزويج بناتهم ومن تحت أيديهم من الأكفاء، وألا تغرنهم الحياة الدنيا بزخرفها وزينتها
(1) سنن الترمذي النكاح (1085).
(2)
سورة البقرة الآية 232
فإنها متاع قريب وعرض زائل.
س: يغادر هذه البلاد في فصل الصيف مئات من الشباب والأسر لقضاء إجازة فصل الصيف خارج المملكة في دول مختلفة، ما هي كلمة سماحتكم لمثل هؤلاء من أولياء الأمور والشباب؟
ج: أغلى ما يملك المسلم وأهم ما يجب أن يحافظ عليه هو دينه، فالواجب على كل مسلم أن يكون حريصا على دينه، فإن كان يرى من نفسه أنه قادر على إظهار دينه، وأنه إذا سافر لتلك الأماكن لن يتأثر بما هم عليه إن كان عندهم نقص أو فساد في العقائد أو الأخلاق، وكان مع هذا ملتزما بشعائر دينه عقيدة وعبادة وأخلاقا، فهذا أرجو ألا يكون في سفره بأسا، فإن زاد على ذلك بأن كان ذا علم يدعو إلى الله على بصيرة، ويبين دين الإسلام لمن هو جاهل به أو مقصر فيه فهذا خير ولعله يؤجر بهذا الفعل، أما إذا ظن أن سفره هذا سيؤثر عليه في عقيدته أو سيضعفه في عبادته أو يفسد عليه أخلاقه ويجر عليه البلاء، فهذا لا يجوز له الخروج والواجب عليه أن يحرص ويحافظ على دينه وأن يتقي الله ربه، وألا يتساهل في هذا الأمر العظيم الخطير، وفقنا الله وإياكم لكل خير وعصمنا وإياكم من مواضع الزلل.
س. من الشباب من تضطره ظروفه للإقامة في دول بعيدة عن وطنه للدراسة مثلا فلو أراد تحصين نفسه هل يحل له الزواج المدني كما يحدث في البلاد التي هو فيها؟