الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في غيرها من بقية المشاعر، والله تعالى أعلم.
الفصل الثاني في زكاة الفطر:
وفيه تمهيد وعشرة مباحث:
التمهيد في الحكمة من مشروعية زكاة الفطر:
أمر الزكاة عظيم وأثرها الاجتماعي على الأمة المسلمة كبير، فهي وسيلة عملية فعالة في سد حاجة المحتاج وعلاج لمشكلة الفقر في المجتمع المسلم بشكل يكاد يكون جذريا، وبطريقة ميسرة كل التيسير في حين نرى عجز الأنظمة الأرضية التي وضعها المصلحون والمفكرون في شعوب العالم عن علاج هذه المشكلة، كما عالجها الإسلام، وتحقق الأخوة الإيمانية الصادقة التي لا تتحقق عند غير المسلمين، وتظهر نظاما تكافليا ربانيا ليس له على وجه الأرض ند ولا نظير، حيث يعطف فيه الغني على الفقير، ويحترم الفقير الغني، وتبنى فيه العلاقة على أساس المودة والرحمة، ولا وجود فيه للأمراض الفتاكة كالحسد والبغض والكراهية، لأن كل واحد فيه أدى ما يجب عليه عن طواعية ورضا نفس " (1).
هذه الزكاة التي يعطيها الغني الفقير فتسد حاجته، وتغنيه عن ذل المسألة لم تكن عملا تطوعيا، ليشعر معها الغني بفضله وعلو يده والمنة على من أعطاه، ولا الفقير يرى أن هذا العطاء إحسان وتكرم ممن أعطاه، فيشعر بالذل والمسكنة والدونية أمام
(1) الدكتور عبد الله الطيار، في كتاب (الزكاة وتطبيقاتها المعاصرة) ص 8. .
المعطي، وإنما هي حق مفروض له:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (1){لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (2)، فرضه الله تعالى للفقراء والمساكين في أموال الأغنياء التي جعلهم مستخلفين فيها، قال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (3)، وقال تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (4)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان (5)» .
فالزكاة أحد مباني الإسلام ودعائمه العظام التي لا يمكن أن يكون الإنسان مسلما إلا بالإيمان بوجوبها وأدائها إلى مستحقيها. قال الدكتور محمد عمر شابرا: " لقد تضمن الإسلام في بنية معتقداته ترتيبا للمساعدة الاجتماعية يساهم فيه كل فرد حسب قدرته، وذلك لتحقيق ما يتوخاه الإسلام من أخوة حيث يتمتع كل فرد بالكرامة والرعاية من جراء كونه خليفة وعضوا في الأمة "(6).
(1) سورة المعارج الآية 24
(2)
سورة المعارج الآية 25
(3)
سورة التوبة الآية 103
(4)
سورة التوبة الآية 60
(5)
أخرجه البخاري، ج 1، ص 8 في كتاب (الإيمان) باب: قول النبي صلي الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس، ومسلم ج 1، ص 33 في كتاب (الإيمان) باب: أركان الإسلام ودعائمه العظام.
(6)
في كتابه (الإسلام والتحدي الاقتصادي) ص 330 طبعة المعهد العالمي للفكر الإسلامي عام 1416 هـ.