الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضل عظيم وتشريف للصناعة المحتسبة. وكان كثير من الأنبياء والصالحين أصحاب صناعة، فالصنعة أمان من الفقر، كما يقول أصحاب الخبرة (1).
مسألة: يجب ألا يتعارض أي عمل في الصناعة أو غيرها، مع ما افترضه الله على عباده، فلا يصح أن يزاحم العمل أداء الصلوات جماعة بحال. فلا تكيف الصلاة حسب العمل، وإنما يكيف العمل حسب الصلاة، وكذلك لا بد أن يتناسب العمل مع الصيام، والحج، حسب ما يبرئ ذمة العاملين، ودون أن يضر بالعمل. هذا هو المصنع الإسلامي المتميز عن غيره، بالبركة، والسلامة، وحسن الإنتاج.
(1) ينظر. سلسلة الإسلام والعلوم الإنسانية، هموم العمل والعمال لعزة عبد العظيم الطويل، ص (17).
النوع الثالث: العمل التجاري:
العمل التجاري معنى واسع في طلب الرزق واشتغالات الناس. والعمل معلوم المعنى لا يحتاج إلى بيان. وأما التجارة فقد تحتاج إلى بعض التحديد والإيضاح: فمن حيث اللغة: يقال: تجر واتجر يتجر تجرا وتجارة، فهو تاجر. والتاجر هو الذي يبيع ويشتري. والتجارة: تقليب المال لغرض الربح (1). وتعريفها في الاصطلاح العام هو قريب من التعريف اللغوي: فهي البيع والشراء، وتقليب الأموال، بقصد الربح.
(1) تاج العروس فصل التاء من باب الراء (3/ 66).
وتنقسم التجارة من حيث القصد والنية إلى ثلاثة أقسام:
1 -
تجارة آجلة.
2 -
تجارة عاجلة وآجلة.
3 -
تجارة عاجلة.
1 -
التجارة الآجلة: هي خير التجارات، وهي التجارة التي لن تبور، تجارة مع الله رب العالمين، بإنفاق الأوقات والجهود والأموال في سبيله، بغية رضاه، وهي التي وصفها الله تعالى بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} (1)، وبقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (2){تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (3)
2 -
التجارة العاجلة والآجلة: هي الاتجار بقصد الدنيا والآخرة. وهي التي يتجر فيها المرء، ويحتسب في تجارته الخير، فيطلب الحلال دون الحرام، ويتقيد بأحكام الشرع، رجاء ثواب الله، وخوفا من عقابه، وينصر دين الله بتجارته، فلهذا ربحه في الدنيا، وأجره في الآخرة.
3 -
التجارة العاجلة: هي التي لا يقصد صاحبها إلا الربح الدنيوي، وهو في غفلة تامة عن الآخرة، فلا يميز بين تجارة تضر
(1) سورة فاطر الآية 29
(2)
سورة الصف الآية 10
(3)
سورة الصف الآية 11
بالمسلمين أو تنفعهم. فهذه أخسر التجارات.
أدلة مشروعية العمل التجاري:
دل الكتاب والسنة على مشروعية العمل التجاري.
فمن الكتاب: قول الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} (1)، وقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (2).
ومن السنة:
1 -
حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التاجر الأمين الصدوق المسلم، مع الشهداء يوم القيامة (3)» .
2 -
حديث أبي موسى الأشعري حين استأذن على عمر، فلم يؤذن له، فرجع بعد الثالثة، فطلبه عمر، وطلب منه البينة على فعله، فشهد له أبو سعيد الخدري، فقال عمر:"أخفي علي من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني الصفق بالأسواق" يعني الخروج إلى التجارة (4). وأحاديث أخر تدل على أعمال التجارة من بيوع وإجارة وغيرها.
وأما عن أنواع التجارة، وفروعها فهذا ما لا يدخل تحت
(1) سورة البقرة الآية 282
(2)
سورة النساء الآية 29
(3)
أخرجه ابن ماجة، كتاب التجارة (2/ 724). وجاء في الزوائد أن فيه جوشن القشيري وهو ضعيف. وله أصل عند الترمذي.
(4)
أخرجه البخاري (كتاب البيوع) باب الخروج في التجارة (4/ 6، 7).