الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لسداد أجرة المسكن، أو لشراء لوازمه الضرورية كالملابس، وعند دفع الزكاة من الأعيان المذكورة في الحديث، أو من أي مقتات في البلد يتكلف الفقير مؤونة البيع عندما تكون حاجته في غير المدفوع له، إلى جانب النقص في سعر تلك الأعيان وخاصة إذا كانت من الأعيان التي ليس لها رواج في السوق، أو الأنواع الأقل جودة، كما هو مشاهد في وقتنا الحاضر، فلا يتم له الغنى وسد الخلة التي أرادها الشارع من تشريع هذه الزكاة، وخاصة إذا علمنا أن الأعيان المشار إليها أو غيرها ليست مقصودة للشارع بذواتها، وإنما المقصود هو نفع الفقراء وإعطاؤهم الأصلح لهم والله تعالى أعلم.
المبحث التاسع: مصرف زكاة الفطر:
اختلف الفقهاء في مصرف زكاة الفطر. فقال الحنفية والشافعية والحنابلة في القول الراجح: إن مصرفها مصرف زكاة المال، فيجوز صرفها إلى الأصناف الثمانية المذكورين في قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (1)
بل إن الشافعية أوجبوا قسمتها على الأصناف الثمانية إذا وجدوا، وإذا لم يوجدوا فعلى الموجود منهم، ولم يشترط الحنفية والحنابلة استيعاب جميع الأصناف أو الموجود منهم،
(1) سورة التوبة الآية 60
وإنما جوزوا صرفها حتى إلى صنف واحد من تلك الأصناف الثمانية.
وقال المالكية والحنابلة في القول الآخر: إن زكاة الفطر خاصة بالفقراء والمساكين، وليست عامة في جميع مصارف زكاة المال، فلا يجوز دفعها إلى غير الفقراء والمساكين.
والحقيقة - عندي - أن لهذا القول وجاهته لورود اختصاص هذه الزكاة بهم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق (1)، حيث قال:«فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين» .
أما هل يعطى غير المسلمين من زكاة الفطر أو لا؟ فقد أجاب العلماء رحمهم الله تعالى - سواء القائلين: إن مصرفها مصرف زكاة المال، أو الذين قالوا: إنها مختصة بالفقراء والمساكين - أنه لا يجوز دفعها إلى غير المسلمين شأنها كشأن زكاة المال، ولم يخالف في ذلك إلا أبو حنيفة رحمه الله تعالى، فقد جوز دفعها إلى أهل الذمة. لكن الذي يؤيده الدليل وتطمئن إليه النفس هو ما ذهب إليه جمهور العلماء لا ما جوزه أبو حنيفة
(1) سبق تخريجه.