الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسلم أن ينفع المسلم أخاه المسلم، وصاحب الخبرة والقدرة المختص، لا ينفع مسلما واحدا، وإنما ينفع جميع المسلمين بخبراته وقدراته، بل قد يدفع عنهم أضرارا بالغة، وأخطارا جسيمة، بعلمه وخبرته وقدرته المتميزة، فالأمر متجه إليه من باب أولى أن يعمل بعلمه.
دليل العقل: بالنظر المتمعن، والفكر المتبصر في توظيف قدرات الإنسان الخاصة، فيما يعود عليه بالنفع، لا يجد الإنسان خيرا من أن يضعها فيما يقيم أمر الله، حيث يعود عليه ذلك بالنفع العظيم في الدنيا والآخرة، إذا هو احتسب الخير بذلك.
فالنظر الصائب يقتضي وجوب العمل وتعينه على أصحاب القدرات الخاصة، والكفاءات المتميزة؛ استثمارا لها في أفضل وآمن مجالات الاستثمارات.
الفصل الثاني: العمل المندوب إليه:
للندب معان متعددة في اللغة، من هذه المعاني: ندب يندب ندبا، وندبه لأمر فانتدب له: إذا دعاه له فأجاب (1). وعند الأصوليين له تعاريف كثيرة من أنسبها قولهم: "هو ما في فعله ثواب ولا عقاب في تركه"(2). وقولهم: "هو الفعل المقتضى شرعا من غير لوم على تركه"(3).
(1) ينظر. مختار الصحاح للرازي (475).
(2)
روضة الناظر لابن قدامة (1/ 113).
(3)
البرهان للجويني (1/ 310).
والعمل المندوب إليه الذي نحن بصدده مجاله واسع، ولا يمكن حصره أو تحديده، إلا أنه يمكن وضع قواعد عامة وضوابط لبعض هذه المندوبات، فمن ذلك مثلا:
ا- كل عمل مشروع في أي جانب من جوانب الحياة ينتفع المسلمون به، وليس بواجب، فهو مندوب إليه. فالتوسع في مجالات الزراعة، أو تطوير آلاتها ومعداتها مما ينتفع الناس دون الضرورة والحاجة، عمل مندوب إليه، وكذلك في مجالات الصناعة، وغيرها من الأعمال التي يجب فيها حد الكفاية.
2 -
الزيادة في جودة المنتوجات، وإتقانها، مما يرغب الناس فيها، ويروجها، ويزيد من نفعها، عمل مندوب إليه.
3 -
كل عمل واجب في كله، فهو مندوب في جزئه فالزراعة، والصناعة، وإنماء الثروة الحيوانية، والتجارة، وسائر الحرف، وغيرها مما لا تقوم حياة الأمة إلا به، واجب في كله مندوب إليه في جزئه. أي أن عموم الزراعة ونحوها مما تقوم به الضرورات والحاجات، يجب العمل على قيام كله، ويندب إلى إقامة جزء منه لا يعتمد عليه قيام الكل (1).
4 -
كل عمل مكمل للواجب، تكميلا ليس لازما، فهو مندوب إليه، وكذلك كل مزين له.
5 -
كل عمل لا يقوم المندوب إليه إلا به، فهو مندوب إليه.
(1) ينظر: الموافقات للشاطبي (1/ 132، 133).