الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا شك أن دليل الجمهور أقوى، وأن ما ذهبوا إليه أولى، وأن أفضل الأضاحي البدنة ثم البقرة ثم الشاة ثم شرك في بدنة ثم شرك في بقرة، والله تعالى أعلم.
المبحث السابع: صفات الضحايا:
هناك بعض الصفات التي اتفق عليها أهل العلم للضحايا التي لا تجزئ، وهي أربع: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي، أي التي لا مخ فيها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب، قال:«قام فينا رسول صلى الله عليه وسلم وأصابعي أقصر من أصابعه، وأناملي أقصر من أنامله، فقال: " أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، والكسير التي لا تنقي (1)» . وقد ألحق أهل العلم رحمهم الله تعالى بهذه الأربع ما كان عيبه فاحشا بطريق التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأن ما هو أشد من المنصوص عليه أولى بالتحريم مما هو منصوص عليه، وكذلك لقوله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} (2).
(1) أخرجه أبو داود، ج 3، ص 236، في كتاب (الضحايا) باب: ما يكره من الضحايا، والنسائي، ج 6، ص 215، في كتاب (الضحايا) باب: العرجاء، والترمذي، ج 4، ص 85، 86 في كتاب (الأضاحي) باب: ما يجوز من الأضاحي، وابن ماجه، ج 2، ص 1050، في كتاب (الأضاحي) باب: ما يكره أن يضحى به.
(2)
سورة البقرة الآية 267
واختلفوا فيما كان من العيوب في سائر الأعضاء، ويؤثر في الحيوان وينقص من لحمه، كما تنقصه تلك العيوب المنصوص عليها، فقال الحنفية والمالكية: إنها تمنع الإجزاء كالمنصوص عليها، وقال المالكية في القول الآخر: إنها لا تمنع الإجزاء ولكن يستحب تجنبها (1).
وذهب الحنابلة إلى أنها لا تمنع الإجزاء ولكن تكره كراهة تنزيه (2)، وقد استدلوا على هذا القول بما روي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال:«أمرنا رسول صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء (3)» وقال زهير: فقلت لأبي إسحاق: أذكر العضباء؟ قال: لا. فما المقابلة؟ قال يقطع طرف الأذن، قلت: فما المدابرة؟ قال: يقطع من مؤخر الأذن، قلت: فما الشرقاء؟ قال: تشق الأذن، قلت: فما الخرقاء؟ قال: تخرق أذنها للسمة.
(1) انظر: ابن رشد، المرجع السابق، ج 1، ص 369، والكاساني، المرجع السابق، ج 3، ص 75.
(2)
انظر: ابن قدامة، المرجع السابق، ج 13، ص 372، 373.
(3)
أخرجه أبو داود، ج 3، ص 237، 238، في كتاب (الضحايا) باب: ما يكره من الضحايا، والترمذي، ج 4، ص 86، في كتاب (الأضاحي) باب: ما يكره من الأضاحي، وقال عنه: إنه حديث حسن صحيح. والنسائي، ج 7، ص 216، في باب (الأضاحي) باب: المقابلة، وهي ما قطع طرف أذنها، وابن ماجه، ج 2، ص 1050، في كتاب (الأضاحي) باب: ما يكره أن يضحى به
وقال الشافعية: إنه يكره التضحية بالجلحاء، وهي التي لم يخلق لها قرن، وبالعصماء، وهي التي انكسر غلاف قرنها، والعضباء وهي التي انكسر قرنها، وبالشرقاء، وهي التي انثقبت من الكي أذنها، وبالخرماء، وهي التي تشق أذنها بالطول، لأن ذلك كله يشينها (1).
وبهذا يظهر من كلام أهل العلم أن العيوب اليسيرة أو الخفيفة التي لا تنقص اللحم ولا تؤثر فيه لا تمنع الإجزاء. أما ما كان عيبه فاحشا بحيث يؤثر في طيب اللحم وينقصه، فإنه يكون مانعا من الإجزاء، وهذا يتضح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق:«أربع في الأضاحي لا تجوز: العوراء بين عورها والمريضة بين مرضها (2)» . . . حيث يستدل به على أنه إذا كان العيب خفيفا لا يؤثر في الأضحية، ولا يمنع الإجزاء والتضحية بها، لكنه كلما كانت الأضحية أسلم من العيوب وأسمن وأكمل كانت أفضل، فذات القيمة الأعلى أفضل من ذات القيمة الأقل، والخصي أفضل من الفحل، لأن الخصي يطيب به اللحم وتسمن به ذكور الأنعام، والبدنة أفضل من البقر والبقرة أفضل من الشاة، والضأن أفضل من المعز، والشاة السمينة أفضل من شاتين دونها في السمن، ولذلك نرى الرسول صلى الله عليه وسلم «ضحى بكبشين أقرنين أملحين موجوأين (3)» .
(1) انظر: النووي، المرجع السابق، ج 8، ص 398، 399
(2)
سنن الترمذي الأضاحي (1497)، سنن النسائي الضحايا (4370)، سنن أبو داود الضحايا (2802)، سنن ابن ماجه الأضاحي (3144)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 301)، موطأ مالك الضحايا (1041)، سنن الدارمي الأضاحي (1950).
(3)
سنن ابن ماجه الأضاحي (3122)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 220).