الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع: خطبتا صلاة العيد:
يتم وعظ المسلمين وتذكيرهم بما يهمهم في عيدهم عن طريق خطبتي صلاة العيد، وصفتهما: أن الإمام إذا فرغ من الصلاة على الصفة التي سبق ذكرها يصعد المنبر، ويقبل على الناس ويسلم عليهم ويردوا عليه السلام، ثم يخطب بالمصلين خطبتين يفصل بينهما بجلسة خفيفة، كما هو الحال في خطبتي صلاة الجمعة، لما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أنه قال:«شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة (1)» وما روي كذلك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة (2)» . .
وليس في ذلك خلاف بين المسلمين إلا ما روي عن مروان بن عبد الملك من خلفاء بني أمية أنه قدم الخطبة قبل الصلاة، فأنكر عليه ذلك. فقد روي عن طارق بن شهاب أنه قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة، مروان فقام إليه رجل، فقال: الصلاة قبل الخطبة. فقال: قد ترك ما هنالك. فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع
(1) صحيح البخاري الجمعة (962)، صحيح مسلم صلاة العيدين (884)، سنن النسائي صلاة العيدين (1569)، سنن أبو داود الصلاة (1142)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1273)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 368)، سنن الدارمي الصلاة (1610).
(2)
أخرجهما البخاري، ج 1، ص 5، كتاب (العيدين) باب الخطبة بعد العيد، ومسلم، ج 1، ص 602 - 605، كتاب (العيدين) الحديث رقم 884 و 888
فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (1)».
والخطبتان في العيد هما تذكير وتعليم للمسلمين لما يحتاجون إليه في ذلك الوقت، فتكون عن قضايا ساعتهم، ومن ضمن تلك القضايا قضيتا أحكام زكاة الفطر، والأضحية، لأن ذلك من قضايا الساعة بالنسبة لهم، بل والمسلمين في كل عيد، ولا سيما أحكام الأضحية، لأن صلاة عيد الأضحى وخطبتيه تسبق ذبح الأضحية.
أما زكاة الفطر فإن المفروض أن تؤدى قبل صلاة العيد (2)، ولذلك فإن ذكر الإمام لها في خطبتي صلاة عيد الفطر أقل أهمية من التعرض لأحكام الأضحية في عيد الأضحى، ولكن لا بأس من ذكر ما يتوقع الإمام حصول الخطأ فيه من أحكام زكاة الفطر دون أن يغرق في ذلك لكي لا يصرف قدرا من الخطبتين فيما هو دون الأولى بحيث يستطيع المخطئ أن يتدارك خطأه، وقضايا المسلمين العامة والكبرى أولى باهتمام الإمام، وأحق بالحديث من غيرها.
ويستحب كذلك أن يكثر الإمام من التكبير أثناء الخطبتين،
(1) أخرجه مسلم، ج 1، ص 69، كتاب (الإيمان) باب: كون النهي عن المنكر من الإيمان، باب: ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب، والنسائي، ج 8، ص 111، كتاب (الإيمان) باب تفاضل أهل الإيمان، وابن ماجه، ج 1، ص 406، كتاب (إقامة الصلاة) باب: ما جاء في صلاة العيدين، والإمام أحمد ج 3، ص 10.
(2)
أخرجه ابن ماجه ج 1، ص 585، كتاب (الزكاة) باب: صدقة الفطر.
ويكبر الناس بتكبيره، لما «روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر بين أضعاف الخطبة، يكثر التكبير في خطبة العيدين (1)» .
وحضور الخطبتين والاستماع إليهما مستحب وليس واجبا؛ لما رواه عبد الله بن السائب قال: «شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة قال: " إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب (2)» . .
والسنة أن يخطب قائما؛ لما أخرجه ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما، ثم قعد قعدة ثم قام (3)» ، وقد أخرج هذا الحديث النسائي وليس فيه:«في يوم فطر أو أضحى (4)» . .
ويجوز أن يخطب جالسا أو راكبا على راحلته حسب ما يقتضيه الحال في وقته، لأنها غير واجبة فأشبهت صلاة النافلة، ولما رواه أبو كاهل قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم عيد
(1) أخرجه ابن ماجه، ج 1، ص 409، كتاب (إقامة الصلاة) باب: ما جاء في الخطبة يوم العيد.
(2)
أخرجه أبو داود، ج 1، ص 683، كتاب (الصلاة) باب: الجلوس في الخطبة، والنسائي، ج 3، ص 185، كتاب (صلاة العيدين) باب التخيير بين الجلوس في الخطبة في العيدين، وابن ماجه، ج 1، ص 410، كتاب (إقامة الصلاة) باب ما جاء في انتظار الخطبة بعد العيد
(3)
أخرجه ابن ماجه، ج 1، ص 409، كتاب (إقامة الصلاة) باب ما جاء في الخطبة في العيدين.
(4)
أخرجه النسائي، ج 3، ص 186، كتاب (العيدين) باب: قيام الإمام في الخطبة