الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: الأولى أن يتزوج في بلاده فإن هذا أدعى للسكن والاستقرار وهما مقصدان مهمان في النكاح، أما الزواج الذي يكون مقدرا بمدة فهذه متعة محرمة لا يجوز الإقدام عليه، وكذلك الزواج الذي تنتفي فيه بعض شروط النكاح من رضى الزوج والزوجة ووجود الولي ونحو ذلك فهذا النكاح يعتبر باطلا محرما، وعلى الإنسان أن يحصن نفسه بالطرق الشرعية وأن يسلك أسلم المسالك التي توصله إلى نكاح شرعي، الأصل فيه السكن والاستقرار والحرص على إنجاب الأولاد وتربيتهم التربية الصالحة.
س: يدور كلام كثير حول تحريم وتحليل
زواج المسيار
ونود من سماحتكم قولا فصلا في هذا الشأن مع بيان شروطه وواجباته إن كان في حكم الحل؟
ج: شروط النكاح هي تعيين الزوجين ورضاهما والولي والشاهدان فإذا كملت الشروط وأعلن النكاح ولم يتواصوا على كتمانه لا الزوج ولا الزوجة ولا أولياؤهما، وأولم على عرسه مع هذا كله، فإن هذا نكاح صحيح سمه بعد ذلك ما شئت.
س. نسمع ونقرأ في أيامنا هذه كثيرا عن
عقوق الأبناء والبنات للآباء والأمهات
وسوء معاملتهم إلى درجة هجرهم أو إيداعهم في دور للعجزة أو الاعتداء عليهم ضربا أو مثل ما حدث مؤخرا من إقدام مراهق على قتل والده، كيف يخرج المجتمع من هذا المأزق سماحة المفتي حفظكم الله؟
ج: الله سبحانه وتعالى قد قرن حق الوالدين بحقه فقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (1) وأكد على وجوب البر بهما حال كبر سنهما وضعف قوتهما: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (2){وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (3) بل حث على حسن صحبتهما وإن كانا كافرين بل حتى وإن كانا داعيين إلى الكفر يقول الله: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (4) وأما سؤالك، كيف يخرج المجتمع من هذا المأزق، فهو العودة بالمجتمع إلى دين الإسلام وتعاليمه السمحة وتحصينه بالإيمان، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، وسالك طريق الإصلاح سيعاني وسيلقى مضايقات فالواجب الصبر والاحتساب والمجاهدة في هذا الباب، يقول الله:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (5) وأن يكون الآباء قدوة لأبنائهم في هذا فإذا رآهم أبناؤهم وهم يبرون بوالديهم كان هذا أحرى أن يقوموا هم ببرهم وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2)
سورة الإسراء الآية 23
(3)
سورة الإسراء الآية 24
(4)
سورة لقمان الآية 15
(5)
سورة العنكبوت الآية 69
س: هناك قصص كثيرة حول استغلال بعض ضعاف النفوس
والتظاهر بالتقوى والصلاح وادعاء المداواة والعلاج بالقرآن ثم يتضح غير ذلك من أعمال سحرية أو شركية أو شعوذة أو نحوا من ذلك، ما رأي سماحتكم في هذا وكيف يتجنب الناس الوقوع في أيدي مثل هؤلاء؟
ج: العلاج بالقرآن والرقى والأدعية الشرعية أمر مشروع لا شك فيه، وإذا ما استعمل استعمالا شرعيا وقويت الأسباب وضعفت أو انتفت الموانع فإنه بإذن الله مؤثر نافع وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رقى ورقي وأمر بالاسترقاء لأبناء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه. وصح أيضا أن أبا سعيد الخدري رقى سيد قوم لدغته عقرب بالفاتحة فشفاه الله، وكان قد اشتكى عليه، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال:«وما يدريك أنها رقية؟ قد أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهما (1)» وضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. والله سبحانه وتعالى يقول: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (2)، ويقول سبحانه:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (3)، هذا أمر لا شك فيه، لكن الرقى قد ضبطها العلماء بضوابط باستقرائهم للنصوص فمن الضوابط:
1 -
أن تكون من القرآن أو السنة أو الأدعية الصحيحة التي لا تخالف الشرع.
2 -
أن تكون باللغة العربية، وهذا الضابط أطلقه البعض والبعض
(1) صحيح البخاري الإجارة (2276)، صحيح مسلم السلام (2201)، سنن الترمذي الطب (2063)، سنن أبو داود البيوع (3418)، سنن ابن ماجه التجارات (2156)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 50).
(2)
سورة الإسراء الآية 82
(3)
سورة فصلت الآية 44
قيده بمن يحسنها.
3 -
أن يعتقد أنها سبب، ولا يعتقد أنها مؤثرة بذاتها حتى لا يتعلق قلبه إلا بالله عز وجل وأنه وحده الشافي سبحانه وأنه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه تبارك وتعالى ومما يدل على أنه لا بد في الرقى موافقة الشرع أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه: أرأيت رقى كنا نرتقي بها في الجاهلية، فقال:«اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (1)» والذين اشترطوا كونها بالعربية قالوا: لئلا يكون فيها شيء من الطلاسم والشعوذة، لهذا عبر بعضهم عن هذا الشرط بقوله: أن تكون بكلام مفهوم، والمعنى واحد فالمقصود أن الرقية الجائزة بل والمأمور بها هي ما كان بأدعية شرعية معروفة مفهومة اللفظ والمعنى ولم يعتقد متعاطيها أنها تؤثر بذاتها، أما ما وقع السؤال عنه من استغلال بعض ضعاف النفوس للناس بتظاهرهم بالصلاح والمداواة بالقرآن وهم إنما يقومون بالسحر والشعوذة ويرتكبون أعمالا شركية، فهذا أمر محرم وقد يصل إلى الكفر والواجب على من علم ذلك عنهم أن يبلغ ولاة الأمور، وعلى ولاة الأمر أن يأخذوا على أيدي هؤلاء وأن يقطعوا دابر الفساد، أما عامة الناس فالواجب عليهم الحرص والتحري وعدم الاغترار بالمظاهر، فينظر في الرجل الذي يرقيه والدعاء الذي يقوله، ويسبر حال الرجل فإن ظهر من الرجل ما يرتاب منه فالواجب عليه تركه وعدم الاغترار به، وإن علم أنه يتعاطى السحر أو الشعوذة أو يتعامل مع الجن وجب عليه إبلاغ الجهات المختصة ليقوموا باللازم تجاههم.
(1) صحيح مسلم السلام (2200)، سنن أبو داود الطب (3886).
س: تتعرض بعض الأراضي البيضاء التي هي في واقع الحال ملك عام إلى سطو واعتداء من بعض الطامعين والمدلسين يستحوذون عليها بطرق ملتوية وغير شرعية وقد يلحقون الضرر بغيرهم وبالملكية العامة ما حكم الشرع في هذا؟
ج: هذه الأراضي المنوه عنها في السؤال تعتبر من الملك العام والتصرف فيها يتبع المصلحة العامة التي يقررها ولي الأمر، وقد نظم ولاة الأمر حفظهم الله هذا، فالواجب التقيد بالتعليمات والحذر من الاعتداء على تلك الأراضي بطرق ملتوية وتحايل على التعليمات، فإن هذا من سرقة الأراضي وغصبها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«من غصب قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة (1)» فالواجب الحذر وألا يأخذ المسلم شيئا إلا بحقه، وأن يحرص على براءة ذمته وتخليصها من حقوق الناس.
(1) صحيح البخاري المظالم والغصب (2453)، صحيح مسلم المساقاة (1612)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 252).
س: أعمل في مركز رياضي أهلي، وصاحب المركز وضع بعض السماعات ومكبرات الصوت لتشغيل الموسيقى الغربية وبعض التلفزيونات لبث القنوات الفضائية لترغيب الشباب في التسجيل في المركز، وقد نصحنا بعض المتدربين بوجوب إقفال التسجيل وتغيير القنوات في التلفزيون، لكن البعض الآخر وهم قلة يرغب في الموسيقى. فما الحل في هذه الحالة، خاصة وأن رب العمل حريص على وجود هذا الشيء في المركز؟
ج: ما فعله صاحب هذا المركز من تشغيل الموسيقى، وعرض القنوات الفضائية، والتي قد تحتوي على ما يخالف
الشرع، من أمور مخلة بالعقائد والأخلاق، هذا أمر محرم وإعانة على المنكر، وفيه نشر للفاحشة بين المسلمين، فإن الموسيقى والمعازف محرمة بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح البخاري من حديث أبي عامر، أو أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف (1)» . . . الحديث وهو صحيح متصل. والله سبحانه وتعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (2) ويخشى على من فعل هذا الفعل وأصر عليه أن يدخل في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (3) والمنكرات والمحرمات لا يجوز أن تكون وسيلة لكسب المال، ولا لما يزعم من ترغيب الشباب أو ترويج السلعة فإن هذا متاع الدنيا الزائل وحظ قريب، تعقبه الحسرة والندامة. وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسند وغيره، أنه قال:«إن التجار يحشرون فجارا يوم القيامة إلا من اتقى وبر وصدق (4)» .
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه (5)» .
(1) سنن أبو داود اللباس (4039).
(2)
سورة المائدة الآية 2
(3)
سورة النور الآية 19
(4)
سنن الترمذي البيوع (1210)، سنن ابن ماجه التجارات (2146)، سنن الدارمي البيوع (2538).
(5)
سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2417)، سنن الدارمي المقدمة (537).