الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاضر قد تطور تطورا عظيما، وتعقدت أموره، وكثرت إشكالاته، وأصبح له شأن عظيم في حياة الناس، فتعين إدخال باب العمل ضمن أبواب الفقه ليدرسه الناس، فيعرفوا حقيقته، ومما هو منه حلال وما هو حرام. وهذا ميدان واسع عظيم يحتاج إلى تضافر الجهود لوضع الضوابط الفقهية العامة، وتفصيل كثير من الجزئيات بما يضمن معرفة حلاله من حرامه، ورفع الهمة لدى المسلمين، في تحقيق العزة والكرامة بالاستغناء عن الآخرين. والله المستعان.
الباب الأول: حقيقة العمل، وضمان كفايته واستمراره بقدرة عالية عند المسلمين:
وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: دواعي العمل عند المسلمين
.
الفصل الثاني: الموازنة في العمل بما يضمن جميع الكفايات.
الفصل الثالث: ضمان استمرار العمل ونحوه.
الفصل الرابع: رفع قدرات أدوات الإنتاج الآلية والبشرية.
الفصل الأول: دواعي العمل عند المسلمين:
ما هو العمل الذي نريد أن نتحدث عنه، وإذا كان العمل مشروعا في الإسلام، فما الحكمة من مشروعيته، وما الذي يترتب على مخالفة الشرع بتركه، وما الثمرة التي يرجوها المسلم من العمل؟ هذا ما أبينه في المباحث الخمسة الآتية:
المبحث الأول: المراد بالعمل.
المبحث الثاني: مشروعية العمل.
المبحث الثالث: حكمة مشروعية العمل.
المبحث الرابع: مفاسد ترك العمل عند المسلمين.
المبحث الخامس: ثمرات عمل المسلم.
المبحث الأول: المراد بالعمل:
العمل في اللغة: عمل يعمل عملا، فهو عامل. فالعين، والميم، واللام أصل واحد صحيح عام في كل فعل يفعل. والعمالة: أجر ما عمل. والمعاملة: مصدر الفعل. والعملة: القوم يعملون بأيديهم ضروبا من العمل، حفرا، أو طيا، أو غيره (1).
العمل في الاصطلاح: لم أطلع على تعريف مرض للعمل، فكل ما اطلعت عليه إما عام لا معنى له، أو خاص لا يؤدي الغرض (2) والعمل ميدان واسع متشعب متعدد الأغراض، يصعب حصره في تعريف جامع مانع. ولعل أحسن ما يقال فيه:"إنه كل ما يزاوله الإنسان من أنشطة صناعية، أو مهنية، أو زراعية، أو تجارية، أو غيرها بغية أي هدف".
ولا حدود لمعنى العمل، فقد يطلق العمل ويراد به ما
(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 145).
(2)
ينظر. (هموم العمل والعمال) لعزت بن عبد العظيم الطويل، ص (7). ومجلة الأصالة العدد (91) ص (52). .
يزاوله الإنسان من أفعال يدوية صغيرة أو كبيرة، قال الله تعالى:{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} (1)، وقال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (2).
وقد يطلق العمل ويراد به فعل الصالحات التي يتقرب بها إلى الله تعالى، قال تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (3)، وقال تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (4).
وقد يقيد بالعمل الصالح وهو أكثر ما ورد في القرآن، قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} (5). وقد يقيد بالعمل السيئ، قال تعالى:{وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (6) وبهذا يتبين أن العمل عام شامل لكل ما يفعله الإنسان ويأتيه بأي قصد أو غرض.
وإذا كان العمل على هذه الدرجة من الأهمية، والخطورة، والشمولية، فإنه لا يصح إهماله من الفقهاء بحال، بل يتعين عليهم دراسته ومعرفة أسراره، وخيره، وشره، ووضع الحلول لمشكلاته الخاصة وفقا لما يحل وما يحرم، وما ينبغي فعله، وما ينبغي
(1) سورة سبأ الآية 13
(2)
سورة الصافات الآية 96
(3)
سورة التوبة الآية 105
(4)
سورة سبأ الآية 13
(5)
سورة الرعد الآية 29
(6)
سورة الأعراف الآية 153