الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويمكن تصور هذه المسألة في ضوء ما هو حاصل الآن في المدن من اتساعها وكثرة عدد سكانها، وازدحام الطرقات فيها بالسيارات، وصعوبة الخروج منها في وقت واحد، والدخول إليها كذلك. فلو لم تفتح الجوامع للناس لأداء صلاة العيدين فيها بدلا من المصليات خارجها، لتعذر على كثير من المصلين أداء هذه الصلاة، والله تعالى أعلم.
المبحث الثالث: ما يشترط لصلاة العيد:
لم تختلف أقوال أهل العلم كثيرا حول ما يشترط لصلاة العيد، فقد تقاربت أقوالهم في ذلك. فقد قال المالكية: إن كل من تلزمه صلاة الجمعة تلزمه صلاة العيد، فتلزم عندهم كل مسلم حر بالغ عاقل مستوطن قادر على السعي إليها من أهل القرى والأمصار، وأن يحضرها عشرون، وقيل: ثلاثون، وقيل: أربعون، وقيل: خمسون، وقيل: ثلاثة سوى الإمام (1) وقال الحنفية: يشترط لها ما يشترط للجمعة من المصر والجماعة والوقت والذكورة، والعقل والبلوغ والحرية، وصحة البدن، والإقامة (2). وقال الشافعية: إن من لزمته الجمعة فرضا لزمه العيد كفاية، أي أن من خوطب بالجمعة خوطب بالعيدين. فهي
(1) القرطبي، الكافي، ج1، ص248، وما بعدها، وحاشية الشيخ علي العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل، ج1، ص98.
(2)
الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص175
تلزم كل مسلم حر بالغ عاقل ذكر مستوطن، قادر على المشي إليها غير معذور، وأن يحضرها أربعون (1).
وقال الحنابلة: يشترط لها ما يشترط لصلاة الجمعة، وهي سبعة شروط: الاستيطان، والذكورة، والبلوغ، والعقل، والإسلام، وأن تكون في مصر، وأن يحضرها أربعون، فهي لا تقام إلا حيث تقام الجمعة، وهذا مذهب أبي حنيفة، كما سبق ذكره، إلا أنه لا يرى ذلك إلا في مصر لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع (2)» . .
بينما يرى الحنابلة أنها تقام في القرى والأمصار، متى وجد الأربعون، وهذه رواية في المذهب، والثانية: أنها تصح من المسافر والمنفرد والعبد والنساء (3). مما يفهم منه أن عدد الأربعين ليس بشرط لصحة صلاة العيد، وإنما هو شرط لوجوبها على الكفاية فحسب.
ومما تجدر الإشارة إليه أن القياس هو الدليل على اشتراط عدد الأربعين لصحة صلاة العيد عند من يشترط ذلك. وعليه فإنه يظهر لي -والله أعلم- جواز انعقادها بأقل الجمع، وهو الثلاثة، وأنها تصح من المسافر والمنفرد والعبد والمرأة متى صلوها على الصفة التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، وداوم عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله تعالى.
(1) النووي، المجموع، ج5، ص3، وانظر المرجع نفسه، ج4، ص483. .
(2)
أخرجه عبد الرزاق، ج3، ص301، كتاب (العيدين).
(3)
ابن قدامة، المغني، ج3، ص 202، وما بعدها، ص287