الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحو قوله: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)} (الغاشية: 13 - 16)، وقد يأتي: سرر مرفوعات على تقدير ثلاث سرر مرفوعة وتسع سرر مرفوعات. (1)
الوجه الثالث: يجوز وضع جمعي القلة والكثرة مكان بعضهما
.
جمع القلة هو الذي يطلق على عشرة فما دونها من غير قرينة وعلى ما فوقها بقرينة، وجمع الكثرة عكس جمع القلة، ويستعار كل واحد منهما للآخر كقوله تعالى:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (البقرة: 228) في موضع أقراء. (2)
وقد يستعار جمع الكثرة في موضع جمع القلة كقوله عز وعلا: (ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ). (3)
قال الجاربردي في شرح الشافية بعد ما قال ابن الحاجب: (وقد يجمع الجمع) -أي: جمع تكسير وجمع تصحيح بالألف والتاء-: وأفاد بقد أنه لا يطرد قياسًا لكنه كثير في جمع القلة قليل في جمع الكثرة إلا بالألف والتاء. (4)
الوجه الرابع: ليس المقصود من قوله: (معدودة) جمع الكثرة
.
قال بنو إسرائيل: لن تصيبنا النار في الآخرة إلا أيامًا قليلة العدد.
قيل في معنى: (معدودة): قليلة؛ كقوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} (يوسف: 20). (5)
والمراد من الـ (معدودة): المحصورة القليلة، وكنَّى بالمعدودة عن القليلة لما أن
(1) أسرار التكرار في القرآن للكرماني 1/ 32، وانظر كذلك بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزآبادي 1/ 98.
(2)
التعريفات للجرجاني ص 105، وانظر التعاريف للمناوي ص 256، وانظر: اللمع في العربية لابن جنى ص 171.
(3)
المفصل في صنعة الإعراب للزمخشري ص 296.
(4)
خزانة الأدب للبغدادي 1/ 208.
(5)
التفسير الكبير للرازي 3/ 152.
الأعراب لعدم علمهم بالحساب وقوانينه تُصَوِّرُ القَلِيلَ مُتيسّر العدد، والكثيرَ مُتعسّره، فقالوا: شيء معدود أي: قليل وغير معدود إي: كثير، والقول بأن القلة تستفاد من أن الزمان إذا كثر لا يعد بالأيام؛ بل بالشهور والسنة والقرن يشكل بقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} إلى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} (البقرة: 183، 184). (1)
والوصف بمعدودة مؤذن بالقلة؛ لأن المراد بالمعدود الذي يعده الناس إذا رأوه أو تحدثوا عنه، وقد شاع في العرف والعوائد أن الناس لا يعمدون إلى عد الأشياء الكثيرة دفعًا للملل أو لأجل الشغل سواء عرفوا الحساب أم لم يعرفوه؛ لأن المراد العد بالعين واللسان لا العد بجمع الحسابات. (2)
وعندنا في اللغة العربية أربعة أوزان جموع قلة، وما عداها جموع كثرة؛ أما جموع القلة فهي أربعة أوزان جمعها ابنُ مالك في قوله:
أفعِلةٌ أفعلُ ثم فعلَه
…
ثُمَّتَ أَفعالٌ جُموعُ قِلَّةْ
أي: كأسلحة وأفلُس وفِتية وأفراس. (3)
* * *
(1) روح المعاني للآلوسي 1/ 304.
(2)
التحرير والتنوير لابن عاشور 1/ 579.
(3)
انظر شرح الأشموني على ألفية ابن مالك 3/ 379.