الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتفنون حياتكم من أجل اكتناز خيراتها؛ حياتكم هذه أَوْلى أن تنفق في طاعة اللَّه فيعطيكم خيرًا من ذلك.
قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (آل عمران 14: 15)، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)} (التوبة: 111).
الوجه العاشر: هذا من قبيل الأمر نسبي
.
لو افترضنا أن هناك إنسانًا واقفًا على سطح المريخ (يعتبره كأنه كوكبه الذي يعيش عليه) فهو ينظر إلى أعلى فيرى سماء تحوي كواكب منها كوكب الأرض، ونحن الذين نعيش على الأرض ننظر وكأن المريخ من ضمن السماء التي تعلونا، فكلمة السماء: تعني كل ما يعلوك.
وكما أن النظرية النسبية تثبت أن الزمن هو أمر نسبي، فاليوم الذي تقضيه وأنت تعيش على الأرض ليس كاليوم الذي تعيش وأنت على المريخ.
وكذلك المكان أمر نسبي، فكان لابد من ذكر الأرض؛ لأنه بالنسبة لنا هي ليست جزءًا من السماء، وبالنسبة لمن يعيش على المريخ ينظر إليها وكأنها جزءٌ من السماء لا ينفك عنها.
واللَّه عز وجل أنزل القرآن على أهل الأرض، فكان لزامًا ذكر الكوكب الذي يعتبر سكنًا لهم ثم ذكر السماء التي يعدونها أنها كل ما هو خلاف الأرض.
والأمور النسبية مذكورة في القرآن والسنة:
1 -
قال محمد الشربيني الخطيب:
كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم كقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (هود: 107) أي: عند ظنكم وإلا فهما زائلتان (1).
قلت: فظن الناس بمنح السموات والأرض صفة الديمومية أنما هو أمر نسبي، والأولى إعطاء هذه الصفة للجنة ولمن يدخلها؛ لأنهم رأوا الأمم والحضارات تفنى والأرض والسموات باقية، فهذا البقاءٌ بقاءٌ نسبيٌ، كأن تقول: خرج كل الأولاد من الفصل وبقي ولدٌ واحدٌ، ومع ذلك فإن هذا الولد ما يمكث إلا وقتًا قليلًا وسيغادر المكان.
ومساواة عرض الجنة بعرض السموات والأرض أمر نسبي، وإلا فعرض الجنة أعظم من ذلك، وعند مساواة أمور نسبية بعضها ببعض أو ذكر شيء نسبي في أحد طرفي المعادلة للمساواة بينهما يمكن ذكر الأرض؛ حتى ولو كان حجمها أصغر بكثير من حجم السموات.
وأضرب مثالًا على ذلك: الإنسان البدائي إذا نظر إلى نجوم السماء، فمن أول وهلة يشعر بصغر حجمها بالنسبة إلى الأرض، مع أن النجم الواحد قد يفوق مئات المرات مثل حجم الأرض.
إذن هناك فارق بين ذكر الأمور النسبية، وذكر الحقائق العلمية والأرقام الفلكية، وذكر الأمور النسبية ليس عيبًا في حد ذاته؛ بل المستكشف للكون وأفلاكه يعلم أنه لابد من الأخذ في الاعتبار الأمور النسبية (كالزمن النسبي) جنبًا إلى جنب للأرقام الفلكية، وهذا ما جعل النظرية النسبية لـ (أنشتين) تحظى برواج بالغ بين الأوساط العلمية.
2 -
وفي قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} (الزمر: 10).
قال أبو مسلم: لا يمتنع أن يكون المراد من الأرض أرض الجنة (2).
(1) السراج المنير 1/ 543؛ (آل عمران: 133).
(2)
السراج المنير لمحمد الشربيني الخطيب 1/ 3750؛ (الزمر: 10).