الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الألباب ولا تبلغه إدراكات العقول الراجحة دون الاهتداء بإعلامه والاستنارة بنوره (1).
قال ابن عاشور: إن علاقة العلوم بالقرآن على أربع مراتب:
الأولى: علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق، والفقه، والتشريع، والاعتقاد، والأصول، والعربية، والبلاغة.
الثانية: علوم تزيد المفسر علمًا كالحكمة، والهيأة، وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض، والطب، والمنطق.
الرابعة: علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر، والعيافة، والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي (2).
ضوابط وقواعد البحث في الإعجاز العلمي:
يجب أن تقوم هذه الأبحاث على ما يلي:
1 -
علم اللَّه هو العلم الشامل المحيط الذي لا يعتريه خطأ ولا يشوبه نقص، وعلم الإنسان محدود يقبل الازدياد ومعرَّض للخطأ.
2 -
هناك نصوص من الوحي قطعية الدلالة، كما أن هناك حقائق علمية كونية قطعية.
3 -
في الوحي نصوص ظنية في دلالتها، وفي العلم نظريات ظنية في ثبوتها.
4 -
لا يمكن أن يقع صدامٌ بين قطعي من الوحي وقطعي من العلم التجريبي، فإن وقع في الظاهر فلا بد أن هناك خللًا في اعتبار قطعية العلم التجريبي.
5 -
إن نصوص الوحي قد نزلت بألفاظ جامعة تحيط بكل المعاني الصحيحة في مواضيعها التي قد تتابع في ظهورها جيلًا بعد جيل.
6 -
إذا وقع التعارض بين دلالة قطعية للنص وبين نظرية علمية رفضت هذه النظرية لأن النص وحي من الذي أحاط بكل شيء علمًا؛ وإذا وقع التوافق بينهما - تُقبل النظرية
(1) الموافقات 2/ 53: 52.
(2)
التحرير والتنوير 1/ 45.
كوجهٍ من أوجه التفسير العلمي، وإذا كان النص ظنيًا والحقيقة العلمية قطعية وأمكن التأويل بضوابطه قُبل.
7 -
إذا وقع تعارض بين حقيقة علمية قطعية وبين حديث ظني في ثبوته، فيئوَّل الظني من الحديث ليتفق مع الحقيقة العلمية، وحيث لا يوجد مجال للتوفيق نتوقف (1).
8 -
إذا اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تفسير الآية على قولين لَمْ يَجُز لمن بعدهم إحداث قول ثالث يخرج عن قولهم، وبهذا يُعلم بُطلان كثير من التفسير العلمي، فإن كثيرًا من أقوال أصحاب هذا الاتجاه تقرر معاني مغايرة تمامًا لما قاله السلف في الآية مما يلزم عنه نسبة جميع الأمة إلى الجهل والخطأ في تفسير ذلك الموضع (2).
بخلاف ما لو وافق البعض واستلزم نقص البعض الآخر، فذلك لا يمنع التفسير به، مع مراعاة عدم التسرع في ترجيح وجه تفسيري دون مرجع معتبر (3).
9 -
الالتزام بالمعاني اللغوية للآيات؛ لأن القرآن عربي مبين، وعَدُّ الربط اللغوي بين اللفظ القرآني والمصطلح العلمي دون إحاطة تامة بدلالات اللفظ القرآني من جهة وبتاريخ المصطلح العلمي وسيرته وما يدل عليه من جهة أخرى، فاستخدام مصطلح الذرة بمعناه الفيزيائي والكيميائي في لغة العلم العربية قد شاع وأصبح مقبولًا كمقابل لكلمة (atom) الإغريقية التي احتفظت بأصلها الإغريقي في جُل اللغات الأجنبية، لكنه لا يطابق المعنى اللغوي والبياني الذي يدل عليه السياق في القرآن الكريم (4).
10 -
أن تُراعى القواعد النحوية ودلالاتها، والقواعد البلاغية ودلالاتها، وخصوصًا قاعدة:(ألا يخرج اللفظ من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة كافية)، فلا ينبغي فهم الآيات
(1) تأصيل الإعجاز العلمي (36: 34)، المعجزة والإعجاز (201: 194).
(2)
شرح الكوكب المنير (2/ 272: 264)، الرسالة (598: 596).
(3)
ضوابط البحث في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (مجلة الإعجاز العلمي).
(4)
رحيق العلم والإيمان (39: 38).
الكونية من القرآن الكريم بأن نعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا قامت القرائن الواضحة التي تمنع من إجراء اللفظ على ظاهره (1).
11 -
المطابقة بين آيات الكتاب الكريم وما يتصل بموضوعها من الحقائق العلمية من الآيات، ثم نفسر هذه الحقيقة في ضوء كل ما يتصل من الآيات؛ لأن القرآن يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بعضًا. (2)
12 -
أن نتوخى الدقة التامة، فلا نفتعل مناسبة أو نتشبث بلفظ ونحمله فوق ما يحتمل أو نتجاهل حقائق التاريخ. (3)
13 -
الرجوع إلى المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.
14 -
الاستئناس بالتفاسير المختلفة (4).
15 -
الإلمام بآخر ما توصل إليه العلم في العقل الذي تتعرض له الآية الكريمة أو الحديث النبوي الشريف، وهذا يعني احترام التخصص العلمي حتى لا يخوض في القضية التخصصية كل خائض. (5)
16 -
التأكد من صحة الحديث النبوي الشريف ودرجته قبل التعرض لإثبات جوانب الإعجاز العلمي فيه. (6)
* * *
(1) المعجزة والإعجاز (196).
(2)
المعجزة والإعجاز (167).
(3)
رحيق العلم والإيمان (42).
(4)
الإشارات العلمية في القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق ل- د/ كارم سيد غنيم.
(5)
الإعجاز العلمي لغة الدعوة في عصر العلم.
(6)
المصدر السابق.