الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الأول: إجماع علماء المسلمين على أن الأرض كروية خاصةً المتقدمين منهم
.
1 -
عاش ابن حزم في القرن الرابع الهجري، وكان في زمانه يقول العوام بعدم تكوير الأرض، وهو تمسك بأنها كروية؛ لأن هذا هو قول العلماء المحققين:
فقد قال ابن حزم: قالوا: -أي: العلماء- إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية، والعامة تقول غير ذلك، وجوابنا وباللَّه تعالى التوفيق: إن أحدًا من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض، ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة؛ بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها (1).
2 -
سُئِلَ ابن تيمية عَنْ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي كَيْفِيَّةِ السَّمَاءِ وَالأرض هَلْ هُمَا جِسْمَانِ كُرِّيَّانِ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: كُرِّيَّانِ، وَأَنْكَرَ الآخَرُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَقَالَ: لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ، وَرَدَّهَا. . . فَمَا الصَّوَابُ؟
فَأَجَابَ: السَّمَاوَاتُ مُسْتَدِيرَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الإِسْلامِ مِثْلُ: أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَد بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي -أَحَدِ الأَعْيَانِ الْكِبَارِ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَد وَلَهُ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ- وَحَكَى الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ، وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ. وَرَوَى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَذَكَرُوا ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّه وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بِالدَّلائِلِ السَّمْعِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا دَلائِلُ حِسَابِيَّةٌ، وَلا أَعْلَمُ فِي عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمَعْرُوفِينَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ إلا فِرْقَةٌ يَسِيرَةٌ مَنْ أَهْلِ الْجَدَلِ لَمَّا نَاظَرُوا المُنَجِّمِينَ فَأَفْسَدُوا عَلَيْهِمْ فَاسِدَ مَذْهَبِهِمْ فِي الأَحْوَالِ وَالتَّأْثِيرِ خَلَطُوا الْكَلامَ مَعَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ فِي الْحِسَابِ؛ وَقَالُوا عَلَى سَبِيلِ التَّجْوِيزِ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُرَبَّعَةً أَوْ مُسَدَّسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْفُوا أَنْ تَكُونَ مُسْتَدِيرَةً لَكِنْ جَوَّزُوا ضِدَّ ذَلِكَ. وَمَا عَلِمْتُ مَنْ
(1) مطلب بيان كروية الأرض (2/ 78).
قَالَ إنَّهَا غَيْرُ مُسْتَدِيرَةٍ -وَجَزَمَ بِذَلِكَ- إلا مَنْ لا يُؤْبَهُ لَهُ مِنْ الْجُهَّالِ (1).
وإلى ذلك أشار أيضًا فقال: اعلم أن الأرض قد اتفقوا على أنها كريِّة الشكل، وليست تحت وجه الأرض إلا وسطها ونهاية التحت المركز وهو الذي يسمى محيط الأثقال (2).
3 -
قال ياقوت الحموي: خط الاستواء من المشرق إلى المغرب وهو أَطولُ خط في كرة الأرض. . . ثم قال: بل السماء كروية، وكل ما فيها يدور، وهو لا خلاف فيه (3).
4 -
قال ابن الجوزي: لا اختلاف بين العلماء في أن السماء مثال الكرة، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدور الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين، أحدهما في ناحية الشمال، والآخر في ناحية الجنوب، وكذلك أجمعوا على أن الأرض مثل الكرة، ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوحد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب، وكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء (4).
5 -
قال النيسابوري: قال حكماء الإسلام: قد ثبت بالدلائل اليقينية أن الأرض كروية (5).
6 -
قلت: وقال بكروية الأرض من العلماء المتقدمين: الغزالي (6)، والفخر الرازي (7)، وابن القيم (8)، والمقدسي (9)، والذهبي (10)، والقلشندي (11)، وابن حيان (12)، وأبو بكر
(1) مجموع الفتاوى (6/ 587) وما بعدها.
(2)
مجموع الفتاوى (5/ 150).
(3)
معجم البلدان (2/ 379).
(4)
مقدمة كتاب المنتظم (1/ 183 - 184).
(5)
في تفسيره (5/ 208).
(6)
في كتاب معيار العلم (ص 2)، وكذلك انظر حاشية السندي على سنن النسائي (2/ 495).
(7)
في تفسير الرازي (2/ 491 - البقرة: 164).
(8)
التبيان في أقسام القرآن.
(9)
مقدمة كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم.
(10)
مختصر العلو (ص 73).
(11)
صبح الأعشى (1/ 408).
(12)
تفسير البحر المحيط (7/ 80).