الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتتجمع هذه الألياف في الطبقة الرقيقة من جلد الأنملة. . .، وتشغل المراكز العصبية الدماغية التي تتحكم في حركة البنان مساحة كبيرة في الدماغ إذا قوبلت بمساحة بقية المراكز الدماغية التي تتحكم في حركة بقية الأعضاء. . .، وبالإضافة إلى الألياف العصبية توجد شبكة من الأوعية الدموية الدقيقة تقوم بإمداد البنان بالدفء والحيوية، وتصل شدة حساسية البنان إلى درجة تمييز وخز إبرتين قريبتين قربًا شديدًا والتفريق بينهما، وهو ما لا تستطيعه مناطق الجلد الأخرى.
ومن حيث الوصف:
فإنه بصمة الإصبع تتألف من خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها خطوط منخفضة (أخاديد)، وكذلك الحال في داخل الكفين، وتترك هذه الخطوط طابعها الخاص على كل شيء تلمسه خصوصًا الأشياء الملساء، ويفيدها في هذا العرق [Sweat] الذي تفرزه هذه المنطقة، حيث تفتح فيها مسام عرقية، وتتكون هذه الخطوط البارزة والمنخفضة وتتفرع بطريقة تختلف من شخص لآخر، لدرجة أنها لا تتشابه حتى في الأخوة التوائم الذين يتخلقون من بيضة مخصبة واحدة [Fertilized Ovum] في المرأة، هذا برغم تشابه التوائم في كثير من الصفات والخصائص والسلوكيات.
ويولد الطفل، وينمو، ويكبر؛ وتظل بصمته على شكلها دون تغيير طوال حياته وحتى مماته، دون أن يطرأ عليها أي تغيير، أما إذا أزيلت الأدمة [Dermis](وهى الطبقة التي تلي بشرة الجلد [Epidermis] إلى الداخل) بعمل جروح فيها -لإخفاء معالم البصمة- فإن هذه الجروح عندما تلتئم تظل بآثار مميزة، ومن سوء حظ المجرمين الذين يجرحون أصابعهم لإخفاء بصماتهم أن هذه الآثار في حد ذاتها تعد دليل إضافي إلى بصماتهم! ! وقد تزول البصمة إذا أصيب الإنسان بمرض كالجذام الذي يؤدي إلى استواء الخطوط البارزة بالخطوط المنخفضة في هذه المناطق، وتزول كذلك بفعل وتأثير المواد الكيميائية التي تأكل طبقات الجلد، وخصوصًا إذا كان استعمالها متكررًا أو دائمًا، وأما إذا حاول المجرم أن يزيل بصمته أو يغيرها -لقطع الطريق على رجال العدالة والهرب من تحققهم بشخصه- بكشط الطبقة
الخارجية لجلد أنامله، فإن هذه الطبقة تنمو مرة أخرى وتتشكل بنفس الشكل الذي كانت عليه من قبل.
ذكرت السجلات أن اليونان القدامى عرفوا "البصمة"، واعتمدوها كعلامة مميزة للأفراد، كما عرف أهل الصين القدامى بصمة الإنسان أيضًا في القرن الثامن قبل الميلاد، وتوالت محاولات البشر لمعرفة تفاصيل البصمة إلى أن جاء بيركنجى [Z.Purkinge] - الأستاذ بجامعة برسلاو [Breslau] في بولندا- وبحث الموضوع جيدًا، ثم وضع تقسيم البصمات الذي يشتمل على تسعة أقسام (أو أنواع) رئيسية، وشرحها وكان هذا هو أول تصنيف للبصمات.
وجاء من بعده الطبيب الإنجليزي فولدز [H.Faulds] - وكان يعمل في طوكيو عام 1877 م- وابتدع طريقة أخذ البصمة بحبر المطابع، ثم أوصى في سنة 1880 م بأخذ بصمات الأصابع العشر، وجاء جالتون [Galton] ووضع تقسيمًا مختصرًا للبصمات في سنة 1886 م؛ وهو أربعة أقسام فقط هى: المنحدر إلى اليمين، المنحدر إلى اليسار، والمستدير، والمقوس. ثم أكد جالتون في عام 1892 م أن البصمة تبقى في أصابع صاحبها طوال حياته دون تغيير.
وإذا كانت البصمات تختلف من شخص لآخر حتى في الأسرة الواحدة وحتى فيما بين التوائم المتطابقة "الحقيقة"[True or Identical Twins]؛ فإنها تختلف أيضًا من إصبع لآخر في اليد الواحدة، وقد تظهر على الورق أو الأشياء الملساء في شكل أقواس [Archs]، أو خطوط حلزونية [Spirals]، أو دوائر [Circles]، وقد تكون البصمة الواحدة مركبة من هذه الأشكال جميعها. وقد تتأثر البصمة بمهنة صاحبها، أو بمعنى آخر تدل البصمة على مهنة صاحبها، كالترزي، والبناء، والذي يكوي الملابس، وصانع الأحذية، والحلاق، والنقاش، والكاتب. . . إلخ.
وإضافة إلى استعمال البصمة كدليل جنائي في الطب الشرعي، ودوائر الأمن، وتعقب الجناة وتحديد الآثمين؛ فإنها تستعمل أيضًا في تحديد بعض الأمراض، أو على الأقل في تحديد القابلية للإصابة بأمراض معينة مثل: ضغط الدم الانقباضي [Systolic] الذي تدل
عليه "البصمة الدوامة"[Whorl Print] التي تسمى أحيانًا "بصمة المغزلية"، وإضافة إلى هذا وذاك، فإن من العلماء من يستطيع تقدير عمر الشخص بتحديد مساحة بصمته، وبعدد الخطوط الموجودة في وحدة القياس المستعملة فيها (وهى نصف سنتميتر مربع).
توصل العلماء -مع تقدم العلوم وابتكار الأجهزة- إلى تحديد أنواع أخرى من الأدلة التي تميز كل شخص وتفرق بينه وبين غيره، أي أنهم تعرفوا على أنواع أخرى من البصمات، ومنها: بصمة القدم، وبصمة الشفتين، وبصمة الأذنين، وبصمة الدم، وبصمة اللعاب، وبصمة الصوت، وبصمة الشعر، وبصمة رائحة العرق، وبصمة قزحية العين، والبصمة الوراثية [Genetic Fingerprint]، ولكن بصمة البنان تبقى سيدة هذه البصمات وأوضحها وأسهلها وأسرعها، لدرجة أن شركة سوني [Sony] اليابانية أنتجت جهازًا أسمته (FIU 001)، وطرحته للبيع في الأسواق بسعر (1700 دولار) في سنة 1997 م لتشخيص بصمات الأصابع بسرعة تبلغ 80 من ألف من الثانية، وتخزين وحفظ بصمات 100 شخص تقريبًا. .!
ويظل التحدي الإلهي للكافرين ومنكري البعث وإعادة الموتى أحياءً كما كانوا بالضبط في الدنيا. . . يظل هذا التحدي قائمًا، وهو ما صرحت به الآية الرابعة من سورة القيامة:{بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} . . . تظل هذه الإشارة القرآنية المعجزة التي لم يتوصل العلماء إلى فك بعض أسرارها والوقوف على بعض تفاصيلها إلا في القرن العشرين الميلادي، وبالتالي خصها اللَّه بالذكر في هذا النص القرآني المجيد للتدليل (وخاصة للكافرين ومنكري البعث) على قدرته المطلقة على الخلق والإيجاد، وإعادة الموتى مهما بليت أجزاؤهم، وتناثرت أشلاؤهم، وتباعدت أعضاؤهم، وتآكلت أنسجتهم، وتحللت خلايا أجسامهم، وتحولت جثثهم إلى تراب؛ لأن اللَّه خلق من التراب، وأماتهم وأحالهم إلى تراب، وهو القادر على إحيائهم من التراب. . . إنه على كل شيء قدير (1).
* * *
(1) نقلًا من موقع www.quranworld.com/news