الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - شبهة: وضع الفعل المضارع بدل الماضي
.
نص الشبهة:
وضع الفعل المضارع بدل الماضي، فقد جاء في سورة آل عمران الآية 59:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، وكان يجب أن يراعي المقام الذي يتحدث عن الماضي لا المضارع؛ فيقول: ثم قال له كن فكان.
والجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: الكلام وإن كان بصيغة المضارع فهو حكاية حال ماضية
. (1)
قال الزمخشري: (فيكون) حكاية حال ماضية. (2)
وقال الرازي: واعلم يا محمد، أن ما قال له ربك:(كُنَّ) فإنه يكون لا محالة. (3)
(ثم قال له كن فيكون) أي: فكان، والمستقبل يكون في موضع الماضي إذا عرف المعنى. (4)
إنهم يعبرون عن الماضي والآتي كما يعبرون عن الشيء الحاضر قصْدًا لإحضاره في الذهن حتى كأنه مُشاهد حالة الإخبار، نحو:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (النحل: 124)؛ لأن لام الابتداء للحال. ونحو: {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} (القصص: 15) إذ ليس المراد تقريب الرجلين من النبي عليه الصلاة والسلام، كما تقول: هذا كتابك فخذه، وإنما الإشارة كانت إليهما في ذلك الوقت هكذا فحكيت. ومثله:{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} (فاطر: 9) قصد بقوله سبحانه وتعالى: (فتُثير) - إحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة من إثارة السحاب؛ تبدو أولًا قِطعًا، ثم تتضامُّ متقلبة بين أطوار حتى تصير
(1) الحكاية: عبارة عن نقل كلمة من موضع إلى موضع آخر بلا تغيير حركة ولا تبديل صيغة، وقيل: الحكاية: إتيان اللفظ على ما كان عليه من قبل؛ انظر التعريفات للجرجاني 122.
فالحكاية لغةً: المماثلة، واصطلاحًا: إيراد اللفظ المسموع على هيئته من غير تغيير؛ كمن زيدًا؟ إذا قيل: رأيت زيدًا، أو إيراد صفته نحو: أيًّا؟ لمن قال: رأيت زيدًا؛ انظر: حاشية الصبان على شرح الأشموني 4/ 124.
(2)
الكشاف 1/ 368، وفتح القدير للشوكاني 1/ 516.
(3)
تفسير الرازي 8/ 76.
(4)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4/ 110.