الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لي إِنَّهَا ابْنَةُ أخي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّحِمِ (1).
وأما الإجماع:
فقال ابن المنذر: وأجمعوا على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (2).
وقال ابن قدامة: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ عَلَى التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ (3).
وقال ابن القيم: قوله صلى الله عليه وسلم: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)(4). وهذا الحكم متفق عليه عليه بين الأمة (5).
الوجه الثاني: الرضاع الذي يثبت به التحريم، والآثار الشرعية المترتبة عليه
.
أولا: في الرضاع الذي يثبت به التحريم
.
1 - في عدد الرضعات التي يثبت بها التحريم:
اختلف العلماء في الرضاع الذي يثبت به التحريم، وذلك على أقوال عدة (6):
فذهب بعض العلماء، إلى أن قليل الرضاع وكثيره يثبت به التحريم.
والثاني: إلى أن المصة والمصتين لا تحرم.
والثالث: إلى أن خمس رضعاتٍ فأكثر هو المعتبر، وهو الذي يثبت به التحريم. وهذا هو
(1) البخاري (5100)، مسلم (1447) واللفظ له.
(2)
الإجماع لابن المنذر (77).
(3)
المغني (9/ 192).
(4)
البخاري (4811)، ومسلم (1444).
(5)
زاد المعاد (5/ 556)، وراجع في ذلك أيضًا: بداية المجتهد (2/ 35) فقد نقل الاتفاق على ذلك، والإفصاح لابن هبيرة (2/ 178).
(6)
انظر الحاوي الكبير للماوردي (14/ 419)، بداية المجتهد (2/ 35)، المغني (9/ 193، 192)، زاد المعاد (5/ 570 وما بعدها).
الرجح من أقوال العلماء (1)؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ)(2). وهذا الحديث مُقَيِّدٌ للأحاديث المطلقة، والقولُ بخمسٍ معلوماتٍ صريحٌ بخلاف الأحاديث الأخرى (3).
فالروايات فيها غير صريحةٍ بتحريم الثلاث أو الأربع، وفي الخمس حصر، ومعلوم لدى علماء البيان كالزمخشري أن الأخبار بالجملة الفعلية المضارعية يفيد الحصر ومفهوم الحصر أرجح من مفهوم العدد (4).
(1) انظر الحاوي الكبير للماوردي (المصدر السابق)، بداية المجتهد (2/ 36)، المغني (المصدر السابق)، زاد المعاد (5/ 573)، السيل الجرار (2/ 465 وما بعدها).
(2)
مسلم (1452).
(3)
كحديث (أُمَّ الْفَضْلِ حَدَّثَتْ أَنَّ نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوِ الرَّضْعَتَانِ أَوِ الْمَصَّةُ أَوِ الْمَصَّتَانِ) مسلم (1451)، وحديث عائشة (الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَة) البخاري (2647)، مسلم (1455)، حديث أم سلمة قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرِّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثَّدْي وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَام" سنن الترمذي (1072) - بَاب مَا جَاءَ مَا ذُكِرَ أَنَ الرَّضَاعَةَ لَا تُحَرَّمُ إِلَّا فِي الصِّغَرِ دُونَ الْحَوْلَيْنِ)، وقال الترمذي: حديث صحيح، وصححه الألباني في الإرواء (7/ 221)؛ فكل هذه الأحاديث ليس فيها تصريح بالعدد الذي يثبت به التحريم؛ بل هي على الإطلاق، وحديث عائشة مقيّد لها - من باب حمل المطلق على المقيد كما هو معلوم في كتب أصول الفقه.
(4)
انظر: السيل الجرار (2/ 468). (لطيفة): أورد الآلوسي في تفسيره انتصارًا لمن قال: يحرم الرضاع بخمس رضعات، فقال:(ومن غرائب ما وقفت عليه مما يتعلق بهذه الآية عبارة من مقامة للعلامة السيوطي -رحمه اللَّه تعالى- سماها (الدوران الفلكي على ابن الكركي) وفيها يخاطب الفاضل المذكور بما نصه: ماذا صنعت بالسؤال المهم الذي دار في البلد ولم يُجبْ عنه أحدٌ، وهو الفرق بين قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} وبين ما لو قيل: (واللاتي أرضعنكم أمهاتكم) حيث رتّب على الأول خمس رضعات واردة، ولو قيل الثاني لاكتفى برضعةٍ واحدةٍ. . . وأقول (الآلوسي): لعل الفرق أنه سبحانه لما ذكر أمهاتكم في هذه الآية معطوفًا على ما تقدم في الآية السابقة وفيها تحريم الأمهات بقي الذهن مشرئبًا إلى بيان الفارق بين هذه الأمهات وتلك الأمهات، فأتى سبحانه بقوله:{اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} بيانًا لذلك دافعًا لتوهم التكرار فكان =