الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحمل أصلًا في الكتاب؛ وهو الأشهر الستة، فنحن نقول بهذا ونتبعه، ولم نجد لآخره وقتًا وهذا قول أبي عبيد (1).
وقال ابن باز: وذهب بعض أهل العلم إلى أن مدة الحمل لا حدَّ لأكثرها، وهو الأرجح دليلًا (2).
وهكذا لم يَرِدْ في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف مرفوع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أكثر مدة الحمل أربع سنين، ولكنه قد اتفق ذلك ووقع كما تحكيه كتب التاريخ، غير أن هذا الاتفاق لا يدل على أن الحمل لا يكون أكثر من هذه المدة كما أن أكثرية التسعة أشهر في مدة الحمل لا تدل على أنه لا يكون في النادر أكثر منها، فإن ذلك خلافَ ما هو واقع، والحاصل أنه ليس هناك ما يوجب القطع، بل إذا كان ظاهر بطن المرأة أن فيه حملًا كأن يكون متعاظمًا ولا علة بالمرأة تقتضي ذلك وحيضها منقطع وهي تجد ما تجده الحامل - فالانتظار متوجه ما دامت كذلك وإن طالمت المدة، أما إذا كان ثَمَّ حركةُ في البطن كما يكون في بطن الحامل فلا يقول بأنها إذا مضت الأربع السنين لا يكون له حكم الحمل إلا مَنْ هو من أهل الجمود الذين لا يميزون، فإن الحمل هاهنا صار متيقنًا بوجود الحركة التي لا تكون إلا من جنين موجود في البطن، ولا يجوز المصير إلى تجويز أن ذلك المتحرك غير جنين، وأما إذا لم يكن البطن متعاظمًا وليس إلا مجرد دعوى المرأة على الحمل بانقطاع حيضها أو غيره من القرائن التي لا تظهر وتحس فيجب الانتظار إلى انقضاء المدة الغالبة وهي التسعة أشهر، فإن مضت ولم يظهر في بطنها ما يدل على الحمل من التعاظم والحركة فلا انتظار بعدها؛ لأن هذه المدة الغالبة لا تنقضي والبطن كما هي في غير الحامل، فهذا هو الذي ينبغي اعتماده في مثل هذه المسألة (3).
الوجه الثاني: أقوال العلماء
.
(1) تحفة المودود 1/ 270.
(2)
فتاوى ابن باز (18/ 110).
(3)
السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (2/ 334).
قال الطحاوي: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بِما رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُغِيرَةِ قَالَ: ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَأَنْ أَحْلِفَ عَشْرَ مِرَارٍ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ مَرَّةً وَاحِدَةً إنَّهُ لَيْسَ بِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعَثَنِي إلَى أُمِّهِ، فَقَالَ: سَلْهَا كَمْ حَمَلَتْ بِهِ؟ فَسَألْتُهَا فَقَالَتْ: حَمَلْت بِهِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إلَيْهَا الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: سَلْهَا عَنْ صِيَاحِهِ حِينَ وَقَعَ؟ فَأَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: صَاحَ صِيَاحَ الصَّبِيِّ ابْنِ شَهْرَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنِّي قَدْ خَبَأْت لَك خَبِيئًا، قَالَ: خَبَأْت لِي عَظْمَ شَاةٍ عَفْرَاءَ، وَالدُّخَانَ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ الدُّخَانَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ: الدُّخُّ الدُّخُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: اخْسَأْ فَإِنَّك لَنْ تَسْبِقَ الْقَدَرَ (1).
فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ حِكَايَةَ أَبِي ذَرٍّ عَنْ أُمِّ ابْنِ صَيَّادٍ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ اثْنَيْ عَشَر، وَلَيْسَ فِيهِ رُجُوعُهُ بِذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُنْكِرَهُ أَوْ لَا يُنْكِرَهُ، فَنَظَرْنَا هَلْ نَجِدُ ذَلِكَ فِي هَذَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَى: ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ يَعْنِي: ابْنَ زِيَادٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: لَأَنْ أَحْلِفَ عَشْرًا إنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ يَمِينًا وَاحِدَةً إنَّهُ لَيْسَ هُوَ؛ وَذَلِكَ لِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ
(1) إسناده ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة 15/ 141 (37485) قال: حدثنا المعلى بن منصور، وأحمد 5/ 148 (21645) قال: حدثنا عفان؛ كلاهما (المعلى وعفان) قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحارث بن حصيرة، حدثنا زيد بن وهب، فذكره.
والحديث في إسناده (الحارث بن حصيرة) وهو شيعي غالٍ في التشيع محترق، وثقه النسائي. وقال ابن عدي: هو على ضعفه يكتب حديثه. وقال الحافظ: صدوق يخطئ. وقال العقيلي: له غير حديث منكر لا يتابع عليه؛ منها حديث أبي ذر في ابن صياد. وقال الأزدي: زائغ، سألت أبا عباس بن سعيد عنه فقال: كان مذموم المذهب أفسده. تهذيب التهذيب (2/ 121) تقريب التهذيب (1/ 145) الكامل في الضعفاء (2/ 187) وضعفاء العقيلي (1/ 216) وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.
مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلَى أُمِّ ابْنِ صَيَّادٍ فَقَالَ: سَلْهَا كَمْ حَمَلَتْ بِهِ؟ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: حَمَلْت بِهِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ.
فَكَانَ فِي هَذَا إخْبَارُ أَبِي ذَرٍّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمِّ ابْنِ صَيَّادٍ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا؛ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم دَفْعٌ لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مُحَالًا لَأَنْكَرَهُ عَلَيْهَا وَدَفَعَهُ مِنْ قَوْلِهَا، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ عَلَى مَا قَدْ قَالَهُ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ سِوَى هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مِقْدَارِ أَكْثَرِ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ، فَتَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إنَّهُ سَنَتَانِ لَا أَكْثَرُ مِنْهُمَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَسَائِرُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: هُوَ أَرْبَعُ سِنِينَ لَا أَكْثَرُ مِنْهَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنْ قُدَمَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: إنَّهُ يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ مِنْ الزَّمَانِ؛ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رحمه الله، وَاحْتَجْنَا عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ هَذَا إلَى طَلَب الْأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ فَوَجَدْنَا اللَّه عز وجل قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ جَمْعُ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَقَاوِيلِ اللَّاتِي ذَكَرْنَا فَكَانَ يَخْرُجُ عَنْ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَ الْحَمْلُ حَوْلَيْنِ - كَانَ الْبَاقِي مِنْ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ سَأَلَ عَنْهُ بَعْضُ مَنْ سَأَلَ فَقَالَ: أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفِصَالُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَبْدَانُ الصِّبْيَانِ لَا تَقُومُ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ مِنْ الرَّضَاعِ إلَى مُدَّةٍ هِيَ أَكْثَرُ مِنْهَا؟
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّه عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُونَ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ يَرْجِعُونَ إلَى لَطِيفِ الْغِذَاءِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَيْشًا لَهُمْ وَغِنًى لَهُمْ عَنْ الرَّضَاعِ، غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَا مَا فِي كِتَابِ اللَّه عز وجل مِنْ ذِكْرِ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ فَوَجَدْنَا مِنْهُ الآيَةَ الَّتِي قَدْ تَلَوْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ.
وَوَجَدْنَا مِنْهُ قَوْلَ اللَّه عز وجل: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} فَجَعَلَ الْفِصَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ مِنْ المُدَّةِ عَامَيْنِ، وَوَجَدْنَا مِنْهُ قَوْلَهُ عز وجل:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فَكَانَ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ إثْبَاتُ الْحَوْلَيْنِ لِلْفِصَالِ، فَاحْتَمَلَ عِنْدَنَا -وَاللَّه أَعْلَمُ- أَنْ يَكُونَ اللَّه عز وجل جَعَلَ الْحَمْلَ وَالْفِصَالَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا لَا أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى مَا فِي الآيَةِ الْأُولَى مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُدَّةُ الْفِصَالِ فِيهَا قَدْ تَرْجِعُ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ زَادَ اللَّه عز وجل فِي مُدَّةِ الْفِصَالِ تَمَامَ الْحَوْلَيْنِ بِالآيَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، فَرَدَّ حُكْمَ الْفِصَالِ إلَى جِهَتِهِ مِنْ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا وَعَلَى تَتِمَّةِ الْحَوْلَيْنِ عَلَى مَا فِي الْآيَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَبَقِيَ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى مَا فِي الآيَةِ الْأُولَى فَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا، وَأَخْرَجَ مُدَّةَ الْفِصَالِ مِنْ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا إلَى مَا أَخْرَجَهَا إلَيْهِ بِالآيَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَاللَّه عز وجل أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ فِي ذَلِكَ وَبِمَا كَانَ مِنْهُ فِيهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ المُرَاعَاةُ بِالرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم غَيْرُ وَاحِدٍ؛ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ يُونُس بْنِ يَزِيدَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ اللَّه، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ.
كَمَا حَدَّثَنَا يُوُنُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ قَصَدَ إلَى الرَّضَاعِ بِالْحَوْلَيْنِ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُمَا لَهُ عِنْدَهُ مُدَّةٌ، وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ فِي الثَّلَاثِ الآيَاتِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ (1).
قال السرخسي: فَأَمَّا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَبَلِ سَنَتَانِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّه تعالى-: أَرْبَعُ سِنِينَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ سَنَتَيْنِ ثُمَّ قَدِمَ وَهِيَ حَامِلٌ، فَهَمَّ عُمَرُ رضي الله عنه بِرَجْمِهَا، فَقَالَ مُعَاذٌ رضي الله عنه: إنْ يَكُ لَك عَلَيْهَا سَبِيلٌ فَلَا سَبِيلَ لَك عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا. فَتَرَكَهَا حَتَّى
(1) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (7/ 287)، والبحر الرائق (11/ 176)، والمحيط البرهاني برهان الدين مازه (4/ 224).
وَلَدَتْ وَلَدًا قَدْ نَبَتَتْ ثَنِيَّتاهُ يُشْبِهُ أَبَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ الرَّجُلُ قَالَ: ابْنِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَتَعْجَزُ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ مُعَاذٍ؟ ! لَوْلَا مُعَاذٌ لَهَلَكَ عُمَرُ رضي الله عنه! فَقَدْ وَضَعَتْ هَذَا الْوَلَدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ أَثْبَتَ نَسَبَهُ مِنْ الزَّوْجِ. وَقِيلَ: إنَّ الضَّحَّاكَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ مَا نَبَتَتْ ثَنِيَّتَاهُ وَهُوَ يَضْحَكُ؛ فَسُمِّيَ ضَحَّاكًا. وَعَبْدَ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِيَّ رضي الله عنه وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَهَذِهِ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي نِسَاءِ مَاجِشُونَ رضي الله عنهم أَنَّهُنَّ يَلِدْنَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَلَنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(لَا يَبْقَى الْوَلَدُ فِي رَحِمِ أُمَّهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلَوْ بِفَلْكَةِ مِغْزَلٍ)، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعْرَفُ بِالرَّأْي، فَإِنَّمَا قَالَتْهُ سَمَاعًا مِنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ وَلأَنَّ الْأَحْكَامَ تَنْبَنِي عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ، وَبَقَاءُ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ، فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَيْهَا؛ مَعَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِمَا يُحْكَى فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّ الضَّحَّاكَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ مَا كَانَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ مِنْ أَنْفُسِهِمَا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا كَانَ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الرَّحِمِ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّه -تعالى-، وَلَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ النَّسَبَ بِالْفِرَاشِ الْقَائِمِ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ، وَبِهِ نَقُولُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَنَّهُ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ سَنَتَيْنِ أَيْ: قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ. إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: مَتَى كَانَ الْحَلُّ قَائِمًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَسْتَنِدُ الْعُلُوقِ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إثْبَاتُ الرَّجْعَةِ بِالشَّكِّ أَوْ إيقَاعُ الطَّلَاقِ بِالشَّكِّ فَحِينَئِذٍ يَسْتَنِدُ الْعُلُوقُ إلَى أَبْعَدِ الْأَوْقَاتِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَالرَّجْعَةَ لَا يُحْكَمُ بِهِمَا بِالشَّكِّ، وَمَتَى لَمْ يَكُنْ الْحِلُّ قَائِمًا بَيْنَهُمَا يَسْتَنِدُ الْعُلُوقُ إلَى أَبْعَدِ الْأَوْقَاتِ لِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِ النَّسَبِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الاحْتِيَاطِ (1).
وقال ابن رشد: وأما المسترابة أعني: التي تجد حسًا في بطنها تظن به أنه حمل؛ فإنهما تمكث أكثر مدة الحمل، وقد اختلف فيه. فقيل في المذهب: أربع سنين، وقيل: خمس سنين، وقال أهل الظاهر: تسعة أشهر (2).
(1) المبسوط (5/ 7).
(2)
بداية المجتهد (2/ 75).
قال القرطبي: واختلف العلماء في أكثر الحمل، فروى ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ جَمِيلَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:(لَا يَكُونُ الْحَمْلُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ قَدْرَ مَا يَتَحَوَّلُ ظِلُّ الْمَغْزَلِ) وَجَمِيلَةُ بِنْتُ سَعْدٍ أُخْتُ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدٍ. وعن الليث بن سعد: إن أكثره ثلاث سنين.
وعن الشافعي: أربع سنين. ورُوي عن مالك في إحدى روايتيه والمشهور عنه: خمس سنين، وروى عنه: لا حدَّ له ولو زاد على العشرة الأعوام؛ وهي الرواية الثالثة عنه.
وعن الزهري: ست وسبع.
قال أبو عمر: ومن الصحابة من يجعله إلى سبع، والشافعي: مَدَّهُ لغاية منها أربع سنين، والكوفيون يقولون: سنتان لا غير، ومحمد بن عبد الحكم يقول: سنة لا أكثر، وداود يقول: تسعة أشهر لا يكون عنده حمل أكثر منها.
قال أبو عمر: وهذه المسألة لا أصل لها إلا الاجتهاد والرد إلى ما عرف من أمر النساء، وباللَّه التوفيق.
روى الدارقطنيُّ عن الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: قُلْتُ لمِالِكِ بْنِ أَنَسٍ: إِنِّي حُدِّثْتُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: (لَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ في حَمْلِهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظِلِّ الْمِغْزَلِ) فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّه! مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ ! هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةُ صِدْقٍ، وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ، حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ في اثني عَشَرَ سَنَةً، تَحْمِلُ كُلَّ بَطْنٍ أَرْبَعَ سِنِينَ (1).
وذكره عن المُبَارَكُ بْنُ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَشْهُورٌ عِنْدَنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ تَحْمِلُ وَتَضَعُ في أَرْبَعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ تُسَمَّى حَامِلَةَ الْفِيلِ (2).
وروى أيضًا قَالَ: بَيْنَمَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَوْمًا جَالِسٌ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا يَحْيَى، ادْعُ
(1) أخرجه البيهقي (443/ 7)، وقال الألباني: وهذا إسناده صحيح إلى مالك؛ رجاله كلهم ثقات. الإرواء (7/ 189).
(2)
أخرجه الدارقطني في السنن (283)، والبيهقي (7/ 443)، وقال الألباني: ورجال هذا الإسناد ثقات غير المبارك بن مجاهد؛ وقد ضعفوه سوى أبي حاتم فإنه قال: ما أرى بحديثه بأسًا. الإرواء (7/ 189).
لِامْرَأَةٍ حُبْلَى مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ قَدْ أَصْبَحَتْ في كَرْبٍ شَدِيدٍ، فَغَضِبَ مَالِكٌ وَأَطْبَقَ المُصْحَفَ، قَالَ: مَا يَرَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ إِلَّا أَنَّا أَنْبِيَاءُ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ: اللهمَّ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَ في بَطْنِهَا رِيحٌ فَأَخْرِجْهُ عَنْهَا السَّاعَةَ، وإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا جَارِيَةٌ فَأَبْدِلْهَا بِهَا غُلَامًا؛ فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ، ثُمَّ رَفَعَ مَالِكٌ يَدَهُ وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ، وَجَاءَ الرَّسُولُ إِلَى الرَّجُلِ فَقَالَ أَدْرِكِ امْرَأَتَكَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَمَا حَطَّ مَالِكٌ يَدَهُ حَتَّى طَلَعَ الرَّجُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَى رَقَبَتِهِ غُلَامٌ جَعْدٌ قَطَطٌ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ قَدِ اسْتَوَتْ أَسْنَانُهُ مَا قُطِعَتْ سَرَارُهُ (1).
وقال النووي: أكثر مدة الحمل أربع سنين فلو أبانها بخلع، أو بالثلاث، أو بفسخ، أو لعان، ولم ينف الحمل فولدت لأربع سنين فأقل من وقت الفراق - لحق الولد بالزوج؛ هكذا أطلقوه.
وقال أبو منصور التميمي: ينبغي أن يُقال: لأربع سنين من وقت إمكان العلوق وقبيل الطلاق؛ وهذا قويم، وفي إطلاقهم تساهل، وسواء أقرت بانقضاء عدتها ثم ولدت أم لم تقر؛ لأن النسب حق الولد فلا ينقطع بإقرارها، وقال ابن سريج: إذا أقرت بانقضائها ثم ولدت لم يلحقه، إلا أن تأتي به لدون ستة أشهر من الأقراء، كما إذا صارت الأمة فراشًا لسيدها بالوطء ثم استبرأها فأتت بولد بعد الإستبراء لستة أشهر فصاعدًا لا يلحقه. نص عليه.
فمن الأصحاب من جعل المسألتين على قولين وقطع الجمهور بتقرير النصين، وفرقوا بأن فراش النكاح أقوى وأسرع ثبوتًا؛ فإنه يثبت بمجرد الإمكان، أما إذا ولدت لأكثر من أربع سنين فالولد منفي عنه بلا لعان ولو طلقها رجعيًا ثم ولدت فالحكم على التفصيل المذكور، إلا أن السنين الأربع هل تحسب من وقت الطلاق أم من وقت انصرام العدة؟ قولان أظهرهما الأول؛ لأنها كالبائن في تحريم الوطء، فلا يؤثر كونها زوجة في معظم الأحكام.
فإن قلنا: من وقت الانصرام، فقد أطلق الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ، وغيرهما حكاية وجهين: أحدهما: أنه يلحقه متى أتت به من غير تقدير؛ لأن الفراش على هذا القول إنما يزول بانقضاء العدة. والثاني: أنه إذا مضت العدة بالأقراء أو الأشهر ثم ولدت
(1) الدارقطني في السنن (284).
لأكثر من أربع سنين من انقضائها لم يلحقه؛ لأنا تحققنا أنه لم يكن موجودًا في الأقراء والأشهر فتبين بانقضائها وتصير كما لو بانت بالطلاق ثم ولدت لأكثر من أربع سنين، وهذا الثاني هو الأصح عند الأكثرين وحكوه عن نص الشافعي رحمه الله.
ولك أن تقول: هذا وإن استمر في الأقراء لا يستمر في الأشهر، فإن التي لا تحمل لا تعتد بالأشهر، فإذا حبلت بان أن عدتها لم تنقض بالأشهر، وسيأتي نظير هذا إن شاء اللَّه تعالى. ثم هذا الحروف على ما ذكره الروياني وغيره فيما إذا أقرت بانقضاء العدة، فإن لم تقر فالولد الذي تأتي به يلحقه وإن طال الزمان؛ لأن العدة قد تمتد لطول الطهر، وحكى القفالُ فيما إذا لم تقر وجهًا ضعيفًا: أنه إذا مضت ثلاثة أشهر ثم ولدت لأكثر من أربع سنين لم يلحقه؛ لأن الغالب انقضاء العدة في ثلاثة أشهر، ومتى حكمنا بثبوت النسب كانت المرأة معتدة إلى الوضع، فيثبت للزوج الرجعة إن كانت رجعية ولها السكنى والنفقة (1).
وقال الشافعي في امرأة المفقود: فقال في القديم: تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا وتحل للأزواج (2).
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ بِالِاسْتِقْرَاءَ؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَبَبُ التَّقْدِيرِ بِالْأَرْبَعِ أَنَّهَا نِهَايَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَائِنًا، وَكَذَا رَجْعِيًّا أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهَا وَلَوْ بِلِعَانٍ وَلَمْ يَنْفِ الْحَمْلَ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ لَحِقَهُ، وَبَانَ أَنَّ الْعِدَّ لَمْ تَنْقَضِ إنْ لَمْ تَنْكِحْ الْمَرْأَةُ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ، وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي لِقِيَامِ الْإِمْكَانِ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِإِقْرَارِهَا، وَإِنْ أَتَتْهُ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِقْرَارِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَتَهُ بَعْدَ وَطْئِهِ لَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسِتَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ حَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ بِأَنَّ فِرَاشَ
(1) الروضة (3/ 241)، وإعانة الطالبين البكري الدمياطي (4/ 50).
(2)
المجموع (18/ 159).