الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأسًا حتى يفهموا المكتوب بها فضلا عن أن يستدركوا على النموذج المعجز، والمثال الكامل من كلام اللَّه، المتحدَّى به العرب الحريصين على تكذيب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الذي سفَّه آلهتهم وازدرى آباءهم، ولم يقع العرب الجاحدون في مثل هذا الهذيان؛ لأنه كان عندهم من العقل والأنفة ما ليس عند مشركي اليوم (1).
ثم إن من قام بجمع القرآن كان عنده من العلم والدقة والتحري والشروط الصعبة في قبول الرواية القرآنية من التواتر، وصحة الإسناد، وموافقة نحو العرب، وما كان من الغيرة في قلوب الصحابة ومن بعدهم أن يتركوا في القرآن مخالفة للغة العرب، ومن قبل ذلك قوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9](2).
2 - تدوين اللغة وشروط لزومها
.
كان أول من أسس العربية، وفتح بابها وأنهج سبيلها، ووضع قياسها (3):
أبو الأسود الدؤلي وكان رجلَ أهلِ البصرة، فكان أهل الشرف والسخاء يلحنون، فوضع باب الفاعل والمفعول به، والمضاف، وحروف الرفع والنصب والجر. (4)
متى وضعت اللغة العربية:
يترجح رأي أبي الحسن الأَخفش، أن اللغة لم تُوضع كلّها في وقت واحد، بل وقعت متلاحقةً متتابعة. (5)
شرائط لزوم اللغة:
أحدها: ثبوت ذلك عن العرب بنقل صحيح بوجوب العمل.
والثاني: عدالة الناقلين كما يعتبر عدالتهم في الشرعيات.
(1) وراجع تفصيل ذلك في قسم علوم القرآن من هذه الموسوعة، شبهة ادعاؤهم عدم وجود إعجاز في القرآن.
(2)
انظر: شبهات علوم القرآن، شبهات جمع القرآن.
(3)
هذا على قول الجمهور والمشهور عند أهل اللغة، ومن أراد أن يستزيد فليرجع إلى كتاب سبب وضع علم العربية، لعبد الرحمن السيوطي. ففصْل القول هناك.
(4)
طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجحمي 1/ 12.
(5)
المزهر في علوم اللغة للسيوطي 1/ 55 والخصائص لابن جني 1/ 94.
والثالث: أن يكون النقل عمن قوله حجة في أصل اللغة كالعرب العاربة مثل قحطان ومَعْدٍ وعدنان، فأما إذا نقلوا عمن بعدهم بعد فساد لسانهم واختلاف المولَّدين، فلا.
ووقع في كلام الزمخشري وغيره الاستشهاد بشعر أبي تمام؛ بل في "الإيضاح" للفارسي، ووجِّه بأن الاستشهاد بتقرير النقلة كلامهم وأنه لم يخرج عن قوانين العرب.
وقال ابن جني: يستشهد بشعر المولدين في المعاني كما يستشهد بشعر العرب في الألفاظ. (1)
وأفصح العرب قريش؛ قال ابن فارس في فقه اللغة: باب القول في أفصح العرب.
وروى عن إسماعيل بن أبي عبيد اللَّه، قال: أجمع علماؤنا بكلام العرب، والرواة لأشعارهم، والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالَّهم أن قريشًا أفصحُ العرب ألسنةً، وأصفاهم لغة؛ وذلك أن اللَّه تعالى اختارهم من جميع العرب، واختار منهم محمدًا، فجعل قريشًا قُطَّان حرمه، وولاة بيته؛ فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة للحج، ويتحاكمون إلى قريش في دارهم، وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها، إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم، وأصفى كلامهم؛ فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طُبعوا عليها؛ فصاروا بذلك أفصح العرب.
ألا ترى أنك لا تجد في كلامهم عنعنة تميم (2)، ولا عجرفية قيس، ولا كَشْكَشَة أسد (3)، ولا كَسْكَسَة ربيعة (4)، ولا كسر أسد وقيس.
وأفصحُ الخَلْق على الإطلاق هو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. (5)
(1) البحر المحيط للزركشي 2/ 22، والمزهر للسيوطي 1/ 58.
(2)
العنعنة: هي إبدال الهمزة المبدوء بها عينا، فيقال في: أنك عنك، وفي أسلم عسلم، وفي أذن عذن.
(3)
الكشكشة: هي النطق بالشين بعد كاف الخطاب في المؤنث، فيقال: رأيتكِش، وبكِش، وعليكِش.
(4)
الكسكسة: هي النطق بالسين بعد كاف الخطاب أو مكانها في المذكر. انظر: المزهر للسيوطي (1/ 181).
(5)
المزهر للسيوطي 1/ 172، والصاحبي في فقه اللغة لابن فارس 1/ 28.