الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بفضل الأشعة الضوئية الصادرة من الشمس باتجاه الأرض وتغيُّر طول الظل وزاويته.
الوجه الحادي عشر: الظل له مسببات مختلفة، ليس فقط دوران الأرض بل الشمس في الأصل هي المسئولة عن ذلك.
الوجه الثاني عشر: يمكن أن نعتبر في بعض الأوقات بأن الظل هو الليل، ولنناقش قول صاحب الشبهة:(إن الليل المظلم هو شكل من أشكال الظل).
الوجه الثالث عشر: القرآن يوضح لنا في هذه الآية أنه كما أن الشمس تكون دليلا على الظل فإن اللَّه دليل على كل دليل، قال العلماء: اللَّه دليل على كل دليل.
الوجه الرابع عشر: الإعجاز العلمي في هذه الآية.
الوجه الخامس عشر: هناك علاقة بين الظل والكسوف.
الوجه السادس عشر: الظل والظلام، وما بين القرآن والكتاب المقدس.
وإليك التفصيل:
الوجه الأول: بحسب حركات الأضواء تتحرك الأظلال، فهما متلازمان كالمهتدي يقتدي بالهادي
.
قال الرازي: كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الظل من جانب المغرب، ولما كانت الحركات المكانية لا توجد دفعة بل يسيرًا يسيرًا كان زوال الأظلال كذلك.
جعل اللَّه الشمس دليلًا لأنه بحسب حركات الأضواء تتحرك الأظلال، فهما متعاقبان متلازمان لا واسطة بينهما، فبمقدار ما يزداد أحدهما ينقص الآخر، فكما أن المهتدي يقتدي بالهادي والدليل ويلازمه - فكذلك الأظلال ملازمة للأضواء؛ ولذلك جعل الشمس دليلًا عليه. (1)
الوجه الثاني: توضيح قول صاحب الشبهة: إن المسئول عن حركة الظل على الأرض دوران الأرض لا ارتفاع وانخفاض الشمس الذي نراه بأعيننا
.
يوضح علماء الفلك حتمية وجود مرجعية للكون في خارجه يسمونها نقطة المرجعية (AReference Point) فبالنسبة لكواكب المجموعة الشمسية تكون الشمس هي نقطة المرجعية.
(1) مفاتيح الغيب 11/ 427 (الفرقان: 45).
قال أ. د/ كارم غنيم (1):
أولًا: ومعنى الآية في سورة الفرقان هو: ألم تر إلى عجيب صنع ربك كيف جعل الظل ممتدًا منبسطًا على الأجسام؟ ولو شاء لجعله لاصقًا بكل مظلم، ثم جعل الشمس دليلًا على وجوده، فلولاها لما وقع ضوء على الأجرام ولما عُرف للظل وجود؛ لأن الأشياء إنما تعرف بأضدادها، ثم أزلنا الظل لا دفعة بل يسيرًا يسيرًا؛ فإنه كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الإظلال في جانب المغرب شيئًا بعد شيء، وفي القبض على هذا الوجه منافع جمة.
ثانيًا: أنه سبحانه لما خلق السماء والأرض ألقت السماء ظلها على الأرض ممدودًا منبسطًا، ثم خلق الشمس وجعلها دليلًا على الظل؛ لأن الظل يتبعها كما يتبع الدليل في الطريق من حيث أنه يزيد بها وينقص ويمتد ويتقلص. . . ثم إن لقبض الظل معنيان:
(1)
انتهاء الإظلال إلى غاية ما من النقصان بالتدريج.
(2)
قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه؛ وهى الأجرام المضيئة.
ثالثًا: ينتج الظل فيزيائيًا عندما تسقط الأشعة على حائل فتنخفض إضاءته على مسقطه عنها على ما يحيط به، وهو كما عبر عنه صاحب (غرائب القرآن): أمر وسط بين الظلمة الحالكة والضوء الخالص. ويتغير الظل طولًا وقصرًا بعكس اتجاه دوران مصدر الإضاءة، ويتغير في الطبيعة من يوم لآخر خلال أيام السنة، ومن وقت لآخر، ومن مكان لآخر على سطح الأرض، والسبب في هذا هو دوران الأرض حول محورها مرة كل يوم خلال حركتها الدورانية حول أمها الشمس، والتي هي الأخرى تدور حول نفسها في مدار مائل، وبِتَغَيُّر حركة الشمس الظاهرية تتغير حركة الأشعة الضوئية الساقطة، ويتبع هذا تغير ظلال الأشياء؛ أي: أنها لا تبقى ساكنة أو دائمة على حالها.
وهكذا يستمر الظل في حركة وتغير ما دامت الشمس مستمرة في حركة ودوران، وما
(1) رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة (المصدر/ موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مقالة: الظل الممدود له حدود.
دام الضوء المنبعث منها يسير بسرعة هائلة (مقدارها ثلاثمائة ألف كيلومترًا في الثانية تقريبًا)، ولولا هذه السرعة لما تحددت معالم ظلال الأشياء، ولا يبقى الظل أو يسكن إلا بسكون الأرض؛ أي: توقفها عن الدوران، ولو حدث هذا لاختل توازنها في دورانها حول أمها الشمس، ولارتطمت بسطح هذه الشمس، وبهذا تكون نهايتها. . .
ويظهر الظل أيضًا في ظاهرة كسوف الشمس، عندما يوجد القمر (وهو محاق تمامًا) على الخط الواصل بين الأرض والشمس، فيحجب قرصها لمدة ثماني دقائق على الأكثر، وينتهي الكسوف بتفاوت حركة القمر في مداره حول الأرض وبحركة الشمس في مدارها الظاهري حول الأرض، ويمر القمر أيضًا في دورانه في مخروط ظل الأرض لفترات أطول خلال خسوفه حين يوجد في حالة الاستقبال.
وإذا كنا قد عرضنا اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما وإيلاجهما في بعضهما وغير هذا وذاك في موضع آخر من الحلقات الحالية فإن الاختلاف في طولي الليل والنهار هو الأساس أيضًا في تغيير الظل بالزيادة والنقصان كلٌّ على حساب الآخر، ولا بأس من ذكر أجزاء من الآيات القرآنية ذات الصلة بالموضوع:{إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)} (يونس: 6)، {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} (المزمل: 20)، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} (الحديد: 6).
رابعًا: ويلاحظ أن الظل إذا كان في حركة دائمة وامتداد وانكماش أمام مصدر ضوئي ثابت عبَّر القرآن عنه تعبيرًا بليغًا بكلمة: (دليل)(في الفرقان: 45)(Reference Point) أي: نقطة إشارة، أو نقطة مصدر مرجعي مضيئة، فالتفكير المنطقي يهدي صاحبه إلى أن الظل إذا كان فوق جسم ما يتحرك باستمرار أمام نقطة دليل مضيئة ثابتة، فهناك إذن حركة بذلك الجسم، وهكذا تدل الآية على حركة كل من الأرض والشمس لامتداد الظل وانقباضه؛ وهى الظاهرة التي أشارت إليها الآية القرآنية المحورية في هذا الموضوع فوائد جمة نذكر أهمها فيما يلي:
تحديد مواعيد الصلاة في الإسلام، لأن الظل الحادث بسقوط أشعة الشمس تدل طولًا واتجاهًا على الوقت أثناء النهار، وأوقات الصلوات مرتبطة بارتفاع الشمس وانخفاضها تحت الأفق.
وقت الفجر: يدخل مع بداية الشفق الصباحي الذي يحدث حين تكون الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار معلوم.
وقت الظهر: يدخل عندما تكون الشمس ناحية الجنوب؛ أي: في أقصى ارتفاع لها خلال النهار؛ وهو الوقت الذي يكون ظل الشيء أقصر ما يمكن.
وقت العصر: يدخل عندما يبلغ ظل الشيء مثله، أو مثليه (في المذهب الحنفي) مضافًا إليه طول ظله عند الظهر.
وقت المغرب: يدخل عند اختفاء قرص الشمس تمامًا تحت الأفق الغربي، ويزول ظل الشيء نتيجة لاختفاء أشعة الشمس.
وقت العشاء: يدخل عند اختفاء الشفق المسائي؛ حين تكون الشمس تحت الأفق الغربي بمقدار معلوم.
فهذه رحمة اللَّه بالكائنات والمخلوقات الحية من شدة الحرارة والضوء اللذين يضران بها أو من انعدامهما إذا استمر الظل ولم تشأ القدرة الإلهية بانقباضه، فكيف بحياة الأحياء تستمر مع ظل ثابت ممتدًا كان أو مقبوضًا؟ ! ولكن بتغيره وتبدله بين المد والانقباض تنال هذه الأحياء قسطًا من الدفء والضوء وقت المد، وقسطًا من الراحة وتلطيف حرارتها وقت الانقباض، ويتفضل المولى عز وجل علينا بهذا التقدير العظيم لمصلحة الأحياء، ويشير إلى هذه النعمة العظيمة في قوله:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (القصص: 71 - 73).