الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صح الإخبار عنهما بالجمع.
الوجه الثاني: الرد التفصيلي على كل آية
.
وبيان ذلك ما يأتي:
-
آية النساء:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: "إن الأخوين لا يردَّان الأم عن الثلث" قال اللَّه عز وجل: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} فالأخوان بلسان قومك ليسا بإخوة! "، فقال عثمان بن عفان: لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به الناس. (1)
قال ابن العربي: يَنْطَلِقُ لَفْظُ الْإِخْوَةِ عَلَى الْأَخَوَيْنِ؟ بَلْ قَدْ يَنْطَلِقُ لَفْظُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: نَحْنُ فَعَلْنَا؛ وَتُرِيدُ الْقَائِل لِنَفْسِهِ خَاصَّةً. قَدْ قَالَ تَعَالَى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} . وَقَالَ: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)} ، ثُمَّ قَالَ:{خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} . وَقَالَ: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} . وَقَالَ: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} . وَقَالَ: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} وَالرَّسُولُ وَاحِدٌ. وَقَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} يَعْنِي: عَائِشَةَ؛ وَقيلَ: عَائِشَةُ وَصَفْوَانُ. قَالَ: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ} وَكَانَا اثْنَيْنِ كَمَا نُقِلَ فِي التَّفْسِيرِ. وَقَالَ: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} وَهُمَا طَرَفَانِ، وَقَالَ:{إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} ، وَقَالَ:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} ، وَقَالَ:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} وَكَانَ وَاحِدًا. وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ سَائِغٌ. (2)
-
آية المائدة، وكذلك آية التحريم:
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 335، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وانظر: الإرواء 6/ 123.
(2)
أحكام القرآن 1/ 340.
قال سيبويه: باب ما لفظ به مما هو مثنًّى كما لفظ بالجمع.
وهو أن يكون الشيئان كلُّ واحد منهما بعض شيء مفردٍ من صاحبه، وذلك قولك: ما أحسن رءوسهما، وأحسن عواليهما، وقال عز وجل:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (التحريم: 4)، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، فرقوا بين المثنى الذي هو شيءٌ على حدةٍ وبين ذا.
وقال الخليل: نظيره قولك: فعلنا، وأنتما اثنان فتكلم به كما تكلم به وأنتم ثلاثة، وقد قالت العرب في الشيئين اللذين كل واحد منهما اسمٌ على حدة وليس واحدٌ منهما بعض شيء كما قالوا في ذا؛ لأن التثنية جمعٌ، فقالوا كما قالوا: فعلنا.
وزعم يونس أنهم يقولون: ضع رحالهما وغلمانهما، وإنما هما اثنان. قال اللَّه عز وجل {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ} (ص: 21 - 24)، وقال {قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15)} (الشعراء: 15).
وزعم يونس أنهم يقولون: ضربت رأسيهما. وزعم أنه سمع ذلك من رؤبة أيضًا، أجروه على القياس، قال هميان بن قحافة:
ومهمهين قذفين مرتين (1)
…
ظهراهما مثل ظهور الترسين
وقال الفرزدق:
هما نفثا في فيَّ من فمويهما
…
على الناب العاوي أشد رجَامِ
وقال أيضًا:
بما في فؤادَينا الشوق والهوى
…
فيجبر منهاض الفؤاد المشعف (2)
ومن سنن العرب إذا ذكرت اثنين أن تجريهما مجرى الجمع كما تقول عند ذكر العمرين
(1) المهمه: المفازة البعيدة، والقذف: البعيد، والمرات: الذي لا نبات فيه.
(2)
الكتاب لسيبويه 3/ 621.