الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
إن السنتين الأوليين من حياة الطفل هما نافذةٌ حرجةٌ يتم خلالهما بناء التأسيسات للنمو والتطور الصحي.
2 -
إن تغذية الطفل الرضيع هي بُعْدٌ جوهري للعناية خلال هذه الفترة.
ويقول العلماء اليوم بعد تجارب استمرت نصف قرن: (بعد أن يبلغ الطفل سنتين من العمر من الصعب جدًا أن ينعكس العامل المعيق للنمو والذي كان ممكن الحصول قبل هذه المدة).
وقد بينت الأبحاث الحديثة أن الإرضاع الطبيعي لمدة 24 شهرًا يقي الأم من خطر سرطان المبيض بنسبة الثلث (1).
ثانيًا: الآثار الشرعية المرتبة عليه:
بإرضاع المرأة الطفل تترتب آثارٌ شرعيةٌ وتنتشر المحرمية بمجرد الرضاع من ثلاث جهاتٍ: المرضعة، الطفل، زوج المرضعة (صاحب اللبن)(2).
قال ابن القيم: فأولادُ الطفلِ وإن نزلوا أولادُ ولدِهما، وأولادُ كُلِّ واحدٍ من المرضعة والزوج من الآخر ومن غيره إخوتهُ وأَخواته من الجهات الثلاث، فأولادُ أحدهما من الآخر إخوتُه وأَخواته لأبيه وأمه، وأولاد الزوج من غيرها إخوته وأخواته من أبيه،
(1) انظر: موسوعة الإعجاز العلمي مقال بعنوان: (حقائق جديدة تثبت صدق كلام اللَّه وكذب كلام الملحد) / عبد الدايم الكحيل، وأيضًا مقال بعنوان:(الرضاعة التامة. . . بين العلم والقرآن)، وأيضًا من موقع/ عبد الدايم الكحيل.
(2)
ويعرفه العلماء "بلبن الفحل"، وجمهور العلماء على تحريم لبن الفحل؛ انظر تفسير ابن كثير (النساء: 23).
قال ابن حجر: وذهب الجمهور -من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار كالأوزاعي في أهل الشام والثوري وأبي حنيفة وصاحبيه في أهل الكوفة وابن جريج في أهل مكة ومالك في أهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأتباعهم- إلى أن لبن الفحل يحرم. (الفتح: 9/ 151)"باب لبن الفحل")، وأورد أيضًا عن القاضي عبد الوهاب (يتصور تجريد لبن الفحل برجل له امرأتان ترضع إحداهما صبيًا والأخرى صبية؛ فالجمهور قالوا: يحرم على الصبي تزويج الصبية) (المصدر السابق 9/ 152)، وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل تزوج امرأتين، فأرضعت إحداهما جارية والأخرى غلامًا، هل يتزوج الغلام الجارية؟ فقال: لا، اللّقاح واحد. الموطأ (2/ 602).
وأولادُ المرضعة من غيره إخوتُه وأخواتُه لأمه، وصار آباؤها أجدَادَهُ، وجَدَّاتِه، وصارَ إخوة المرأة وأخواتُها أَخوالَه وخالاتِه، وإخوةُ صاحب اللبن وأخَواتُه أعمامه وعَمَّاتِه (1)، فَحُرْمَةُ الرَّضَاعِ تنتشر من هذه الجهات الثلاث فقط (2).
فهذه حرمة الرضاع والآثار المترتبة عليه، والناس قد غلب عليهم التساهل في أمر الرضاعة؛ فيرضعون الولد من امرأةٍ أو عدة نسوةٍ، ولا يعنون بمعرفة أولاد المرضعة، وأخواتها، ولا أولاد زوجها من غيرها؛ ليعرفوا ما يترتب عليهم في ذلك من الأحكام كحرمة النكاح، وحقوق هذه القرابة الجديدة التي جعلها الشارع كالنسب، فكثيرًا ما يتزوج الرجل أخته، أو عمته، أو خالته من الرضاعة وهو لا يدري، والواجب الاحتياط في هذا الأمر حتى لا يقع الإنسان في المحظور (3)، ومن الأمور التي ينبغي أن ننبه عليها في هذا المقام ما يعرف (ببنوك الحليب)، ولما كان التساهل في هذه البنوك واختلاط ألبان الأمهات؛ فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من (10 - 16 ربيع الثاني 1406 هـ/ 22 - 28 ديسمبر 1985 م) بعد أن عرض على المجمع دراسةً فقهيةً، ودراسةً طبّيةً حول بنوك الحليب:
وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كلٍ منهما مناقشةً مستفيضةً شمِلت مختلِف جوانب الموضوع تبين:
1 -
أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية، والعلمية فيها فانكمشت وقلَّ الاهتمام بها.
2 -
أن الإسلام يعتبر الرضاع لحُمةً كلُحمةِ النسب يَحرُم به ما يَحرُم من النسب بإجماع
(1) ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها: (أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا -وَهُوَ عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ- بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ فَأَبيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتُهُ بالَّذِي صَنَعْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ) البخاري (5103).
(2)
زاد المعاد (5/ 556)، انظر المغني (9/ 199 - 201).
(3)
تفسير المنار (4/ 470)، فقه السنة (2/ 82).