الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذلك قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} وذلك بوقف دوران الأرض لتبقى في ليل دائم، أو نهار مستمر {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} . تتماوج التعابير والإيحاءات القرآنية لتبث حزمة نور إلى القلب وتوصل الإنسان إلى غيب الحقائق، فما نراه ظلًا للشمس، وآية من آيات اللَّه، فلماذا عن طريق الظل نكتشف الشمس ولا نعرف وجود اللَّه (1)!
الوجه الرابع عشر: الإعجاز العلمي في هذه الآية
.
قال د/ زغلول النجار (2):
من الدلالات العلمية للنص القرآني الكريم:
أولًا: في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} (الفرقان: 45):
الظل آية من آيات النهار تنتج عن حجب أشعة الضوء المرئي عن منطقة من مناطق سطح الأرض بواسطة أحد الأجسام المعتمة كالجبال، أو الأشجار، أو الأبنية، أو أجساد الكائنات، أو كالسحب الكثيفة وغيرها من الأجسام التي تلقي ظلالًا إذا سقطت عليها الأشعة المرئية من حزمة الضوء في اتجاه واحد، ويتكون الظل في عكس الاتجاه الذي تأتي منه حزمة الضوء المرئي، والظل قد يطول ويقصر ويتسع ويضيق وفقًا لحركات مصدر الضوء، ويعتبر كل من كسوف الشمس وخسوف القمر صورة من صور تكون الظل الذي يتكون بمرور الأرض في ظل القمر أو بمرور القمر في ظل الأرض، وكذلك تتكون الأشكال المتتالية للقمر من المحاق إلى البدر الكامل (الهلال الأول أو الوليد أو المتنامي، التربيع الأول، والأحدب الأول) ثم من البدر الكامل إلى المحاق (الأحدب الثاني، التربيع الثاني، ثم الهلال الثاني أو المتناقص إلى المحاق) وكلها تمثل مراحل متدرجة لخروج نصف القمر المواجه للأرض من ظلال نصفه الآخر بالتدريج أو دخوله فيها بالتدريج كذلك.
(1) مفاتيح الغيب 11/ 428 (الفرقان: 45).
(2)
(الناشر: جريدة الأهرام، تاريخ النشر: 2005/ 5/ 16).
وفي قول ربنا تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} (الفرقان: 45) إشارة واضحة إلى كل من كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس، وإلى جريها في مدار محدد لها حول ذلك النجم بمحور مائل على مستوى مدار الشمس، وإلا ما تكون الظل، ولا تبادلت الفصول المناخية، فلو أن الأرض لم تكن كرة ولم تكن دوارة حول محورها أمام الشمس ما امتد الظل، ولا تبادل الليل والنهار، ولو أن كوكبنا لم يكن جاريًا باستمرار في مدار محدد حول الشمس، وبمحور مائل على مدارها ما تبادلت الفصول المناخية، ولا تغيرت زوايا سقوط أشعة الشمس على الأرض وبالتالي تغيرت شدتها، ولظلت أشعة الشمس مسلطة باستمرار على أحد نصفي الأرض المغمور في نهار دائم فتُبخِّرُ الماءَ، وتُخلخل الهواء، وتحرق كل حي أو تصيبه بالأمراض والعلل، بينما نصفها الآخر يبقي مغمورًا في ليل دائم تتجمد فيه الأحياء وتفنى فناءً كاملًا لحرمانها من طاقة الشمس، ويختل التوازن الحراري للأرض بالكامل في كل من نصفيها، وباختلاله تنعدم الحياة وفي مثل هذا الوضع الثابت للأرض، تسكن الظلال ولا تتحرك لا بالزيادة ولا بالنقصان، كذلك فإنه لولا وصول سرعة دوران الأرض حول محورها إلى معدلاتها الحالية ما صلحت الأرض للعمران، فمن الثابت علميًا أن هذه السرعة كانت في بدء خلق الأرض أعلى من ستة أضعاف معدلاتها الحالية، مما جعل طول الليل والنهار معًا أقل من أربع ساعات، وجعل عدد الأيام في السنة أكثر من (2200) يوم، ومن الثابت علميًا كذلك، أن ساعتين فقط من شروق الشمس لا تكفيان لازدهار الحياة الأرضية المعروفة لنا، ولا لراحة أو كدح مخلوق عاقل كالإنسان.
ويتكرر انتفاء صلاحية الأرض للحياة إذا كانت سرعة دورانها حول محورها هي نفس سرعة جريها في مدارها حول الشمس فيصبح يومها هو سنتها التي يقتسمها نهار واحد وليل واحد؛ طول كل منهما ستة أشهر كاملة، كما هو الحال في القمر الذي يتم دورته حول محوره في نفس مدة جريه في مداره حول الأرض فيصبح يومه هو الشهر القمري يقتسمه