الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عباد اللَّه إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذُلُه ولا يحقره، التقوى ههنا" ويشير إلى صدره ثلاث مرات". ثم ذكر بقية الأحاديث.
رواه مسلم في كتاب البر والصلة (2564)، وسيأتي في موضعه كاملًا.
10 - باب من مات على التوحيد دخل الجنة
• عن عبادة بن الصامت، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"من شهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وأنّ عيسى عبد اللَّه ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنّة حقّ، والنّار حقّ، أدخله اللَّه الجنّة على ما كان من العمل".
متفق عليه: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (3435) عن صدقة بن الفضل، حدثنا الوليد، عن الأوزاعي، قال: حدثني عمير بن هانئ، قال: حدثني جنادة بن أبي أمية، عن عبادة. . . فذكره.
ورواه مسلم في الإيمان (28) من وجه آخر عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، قال: حدثني عمير بن هانئ بإسناده، وزاد:"وأدخله اللَّه من أي أبواب الجنة الثمانية شاء".
وقد أشار البخاريّ إلى هذه الرواية وفيه: قال الوليد: حدثني ابن جابر.
وفي بقية الإسناد عنعن فيه.
ورواه مسلم من وجه آخر عن الصُّنابحيّ، عن عبادة بن الصّامت أنه قال:
دخلتُ عليه وهو في الموت، فبكيتُ فقال: مهلا لا تبكي! فواللَّه لئن استشهدتُ لأشهدنّ لك، ولئن شُفِّعتُ لأشفنّ لك، ولئن أستطعتُ لأنفعنَّك ثم قال: واللَّه ما من حديث سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير إلّا حدّثتكموه إلا حديثًا واحدًا. وسوف أحدثكموه اليوم، وقد أحيط بنفسي. سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من شهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنّ محمدًا رسول اللَّه، حرّم عليه النار".
• عن معاذ بن جبل قال: بينا أنا رديفُ النبيّ صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلّا آخرة الرّحل فقال: "يا معاذ" قلت: لبيك رسول اللَّه وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: "يا معاذ" قلت: لبيك رسول اللَّه وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال:"يا معاذ" قلت: لبيك رسول اللَّه وسعديك. قال: "هل تدري ما حقّ اللَّه على عباده؟ " قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "حقّ اللَّه على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا". ثم سار ساعةً، ثم قال:"يا معاذ بن جبل". قلت: لبيك رسول اللَّه وسعديك، فقال:"هل تدري ما حقّ العباد على اللَّه إذا فعلوا؟ " قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "حقّ العباد على اللَّه أن لا يعذّبهم".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (5967)، وفي الرقاق (6500)، ومسلم في الإيمان (30)
كلاهما عن هدّاب بن خالد الأزديّ، حدثنا همام، حدثنا قتادة، حدثنا أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل، فذكره، ولفظهما سواء.
• عن معاذ بن جبل قال: كنتُ رِدْف النبيّ صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له: عُفَيْر. قال: فقال: "يا معاذ، هل تدري حقّ اللَّه على عباده، وما حقُّ العباد على اللَّه؟ " قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "فإن حقّ اللَّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحقّ العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا" فقلت: يا رسول اللَّه، أفلا أبشِّر به الناس؟ قال:"لا تبشّرهم فيتكلوا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (2856)، ومسلم في الإيمان (30/ 49) كلاهما من حديث أبي الأحوص سلام بن سُليم، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن معاذ بن جبل، فذكره، ولفظهما سواء.
• عن أنس بن مالك، أنّ نبيَّ اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعاذُ بن جبل رديفُه على الرّحل- قال:"يا معاذ" قال: لبيك رسول اللَّه وسعديك. قال: "يا معاذ" قال: لبيك رسول اللَّه وسعديك. قال: "يا معاذ" قال: لبيك رسولَ اللَّه وسعديك. قال: "ما من عبد يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه إلا حرَّمه اللَّه على النّار". قال: يا رسول اللَّه، أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال:"إذا يتكلوا". فأخبر بها معاذ عند موته تأثّمًا".
متفق عليه: رواه البخاري في العلم (128)، ومسلم في الإيمان (32) كلاهما عن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك. . . فذكره.
ورواه البخاريّ (129) من وجه آخر عن أنس قال: ذُكر لي أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: "من لقي اللَّه لا يشرك به شيئًا دخل الجنة" قال: ألا أبشّر النّاسَ؟ قال: "لا إني أخاف أن يتكلوا".
وهذه الطّريقة تدل على أن أنسًا لم يحضر عند موت معاذٍ بالشّام لما حدّث به؛ لأنّه كان بالمدينة.
يقول الحافظ: "ولم يسمِ أنس من ذكر له ذلك في جميع ما وقفت عليه من الطرق، وكذلك جابر بن عبد اللَّه عند أحمد؛ لأنّ معاذًا إنّما حدّث به عند موته بالشّام، وجابر وأنس إذ ذاك بالمدينة، فلم يشهداه. وقد حضر ذلك مِن معاذ عمرو بن ميمون الأوديّ أحد المخضرمين. ورواه النسائي من طريق عبد الرحمن بن سمرة الصحابي المشهور أنه سمع ذلك من معاذ أيضًا، فيحتمل أن يُفسَّر المبهم بأحدهما". انظر: الفتح (1/ 227 - 228).
قلت: وقد ثبت في صحيح مسلم أن الأسود بن هلال ممن صرّح بالسّماع من معاذ بن جبل،
والأسود هذا من المخضرمين من أهل الكوفة فهو أيضًا أحد ممن حضر موتَ معاذ وسمع منه هذا الحديث.
• عن هصّان بن الكاهن قال: جلستُ مجلسًا فيه عبد الرحمن بن سمرة ولا أعرفه، قال: حدثنا معاذ بن جبل، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
"ما على الأرض نفس تموت لا تشرك باللَّه شيئًا تشهد أني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرجع ذاكم إلى قلب مُوقن إلا غُفر لها" قال: قلت: أنتَ سمعت هذا من معاذ بن جبل؟ قال: فعنّفني القوم. فقال: دَعوه فإنه لم يسئْ القولَ، نعم أنا سمعتُه من معاذ، زعم أنه سمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
حسن: رواه الإمام أحمد (22000)، والبزار في مسنده (2624)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (1138) كلهم من حديث محمد بن أبي عدي، عن الحجّاج -يعني ابن أبي عثمان-، حدثني حميد بن هلال، حدثنا هِصَّان بن الكاهل، فذكره.
وصحّحه ابن حبان (203) ورواه من هذا الوجه.
وهصّان بن الكاهل -ويقال: ابن الكاهن- ذكره ابن حبان في "الثقات" ولم أقف على توثيق أحد غيره، فهو "مقبول" عند الحافظ أي إذا توبع، وقد توبع متابعة قاصرة لما سبق، فهو حسن الحديث إذًا.
• عن أنس بن مالك، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"يخرج قوم من النار بعد ما مسّهم منها سَفْعٌ فيدخلون الجنة، فيسميهم أهلُ الجنة الجهنميين".
صحيح: رواه البخاريّ في الرّقاق (6559) عن هُدبة بن خالد، حدثنا همام، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك، فذكره.
• عن أنس بن مالك، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"يخرج من النار أربعة، فيعرضون على اللَّه، فيلتفتُ أحدهم فيقول: أي ربّ إذا أخرجتني منها فلا تُعدني فيها، فينجيه اللَّه منها".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (192) عن هدّاب بن خالد الأزديّ، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي عمران وثابت، عن أنس بن مالك. . . فذكره.
وهؤلاء الأربعة هم الذين تشملهم شفاعة النبيّ صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث الشّفاعة.
• عن عتبان بن مالك قال: بعثتُ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أني أحبُّ أن تأتيني فتصلي في منزلي فأتخذه مصلّي، قال: فأتى النّبيُّ صلى الله عليه وسلم ومن شاء اللَّه من أصحابه فدخل وهو
يصلي في منزلي، وأصحابه يتحدّثون بينهم ثم أسندوا عظم ذلك وكبره إلى مالك بن دُخْشُم قالوا: ودُّوا أنه دعا عليه فهلك، وودُّوا أنه أصابه شرٌّ، فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصّلاة، وقال:"أليس يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه؟ " قالوا: إنّه يقول ذلك وما هو في قلبه! قال: "لا يشهد أحدٌ أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه فيدخل النّار أو تطعمه".
متفق عليه: رواه مسلم في الإيمان (33) عن شيبان بن فرّوخ، حدّثنا سليمان -يعني ابن المغيرة-، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: حدثني محمود بن الرّبيع، عن عتبان بن مالك، قال: قدمت المدينة فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك؟ قال: أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت. فذكر الحديث. قال أنس: فأعجبني هذا الحديث، فقلت لابني: اكتبه، فكتبه.
ورواه أيضًا من وجه آخر عن حماد قال: حدثنا ثابت، عن أنس، قال: حدثني عِتْبان بن مالك أنه عمي، فأرسل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: تعالَ فخط لي مسجدًا، فجاء رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: وجاء قومُه، ونُعت رجل فيهم يقال له: مالك بن الدخشم ثم ذكر نحو حديث سليمان بن المغيرة. انتهى.
ورواه البخاريّ في الصلاة (435) من وجه آخر عن عُقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاريّ، عن عتبان بن مالك، فذكر الحديث نحوه. وفيه: قال قائل منهم: أين مالك بن الدُّخيشن -أو ابن الدُّخْشن- فقال بعضهم: ذاك منافق لا يحبُّ اللَّه ورسولَه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تقلْ ذلك ألا تراه قد قال: لا إله إلا اللَّه يريد بذلك وجه اللَّه؟ ". قال: اللَّه ورسوله أعلم. قال: فإنّا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فإن اللَّه قد حرّم على النار من قال: لا إله إلا اللَّه يبتغي بذلك وجه اللَّه".
قال ابن شهاب: ثم سألتُ الحصين بن محمد الأنصاريّ -وهو أحد بني سالم، وهو من سراتهم- عن حديث محمود بن الرّبيع، فصدّقه بذلك. انتهى.
ورواه مسلم في المساجد (33: 263) من طريق يونس، عن ابن شهاب به نحوه، وفيه بعض الزيادات في أصل القصة، وأما الجزء المرفوع فهو سواء.
وقوله: "مالك بن الدُّخيشن أو ابن الدّخشن" الشّك من الرّاوي هل هو مصغر أو مكبّر. وفي رواية: "ابن الدّخشم".
وقوله: "وهو من سَراتهم" بفتح المهملة أي: خيارهم، وهو جمع سري، قال أبو عبيد: هو المرتفع القدر من سرو الرجل يسرو إذا كان رفيع القدر، وأصله من السراة: وهو أرفع المواضع من ظهر الدابة، وقيل: هو رأسها. فتح الباري (1/ 522).
• عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "حتى إذا فرغ اللَّه من القضاء بين عباده، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا
اللَّه، أمر الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرّم اللَّه على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السّجود، فيخرجونهم قد امتحشوا فيصبُّ عليهم ماء يقال له: ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل".
متفق عليه: رواه البخاري في التوحيد (7437)، ومسلم في الإيمان (182) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثيّ، عن أبي هريرة، فذكر الحديث في سياق طويل.
• عن أبي هريرة قال: كنا قُعودًا حول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا، فأبطأ علينا وخشينا أن يُقتطع دوننا وفزِعنا فقمنا. فكنت أوّلَ من فزع، فخرجت أبتغي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النّجار فَدُرْتُ به هل أجد له بابًا، فلم أجدْ فإذا ربيعٌ يدخل في جوف حائط من بئر خارجة (والربيع: الجدول) فاحتفزت كما يحتفز الثعلب فدخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"أبو هريرة؟ ": فقلت: نعم يا رسول اللَّه، قال:"ما شأنُك؟ ". قلت: كنتَ بين أظهرنا فقمتَ فأبطأتَ علينا فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا فكنت أوّلَ من فزع، فأتيتُ هذا الحائطَ فاحتفزت كما يحتفز الثّعلبُ وهؤلاء الناس ورائي. فقال:"يا أبا هريرة" وأعطاني نعليه قال: "اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا اللَّه مستقينا بها قلبُه فبشّرْه بالجنة". فكان أولَ من لقيتُ عمرَ. فقال: ما هاتان النّعلان يا أبا هريرة؟ فقلت: هاتان نعلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثني بهما من لقيت يشهد أن لا إله إلا اللَّه مستيقنًا بها قلبه بشّرته بالجنة. فضرب عمر بيده بين ثدييّ فخررتُ لإسْتِي فقال: ارجعْ يا أبا هريرة. فرجعت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأجهشتُ بكاءً ورَكبني عمرُ فإذا هو على أثري. فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما لك يا أبا هريرة؟ ". قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذي بعتني به فضرب بين ثديي ضربة خررتُ لإسْتي. قال: ارجع فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا عمر ما حملك على ما فعلتَ؟ " قال: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي! أبعثتَ أبا هريرة بنعليك، من لقي يشهد أن لا إله إلا اللَّه مستيقنا بها قلبُه بشَّرَه بالجنة؟ قال:"نعم". قال: فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها، فخلِّهم يعملون. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"فخلِّهم".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (31) عن زهير بن حرب، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا
عكرمة بن عمّار، قال: حدثني أبو كثير، قال: حدثني أبو هريرة، فذكر الحديث.
• عن أبي هريرة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير، قال: فنفدتْ أزوادُ القوم، قال: حتى هَمَّ بنحر بعض حمائلهم. قال: فقال عمر: يا رسول اللَّه، لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوتَ اللَّه عليها؟ . قال: ففعل. قال: فجاء ذو البر ببره، وذو التمر بتمره. -قال: وقال مجاهد: وذو النواة بنواه. قلت: وما كانوا يصنعون بالنّوى؟ قال: كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء- قال: فدعا عليها حتى ملأ القوم أَزْودتَهم. قال: فقال عند ذلك: "أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه لا يلقى اللَّه بهما عبد غير شاكّ فيهما إلا دخل الجنة".
وفي رواية: لما كان غزوة تبوك أصاب الناسَ مجاعةٌ. قالوا: يا رسول اللَّه، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنّا؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: افعلوا". قال: فجاء عمر، فقال: يا رسول اللَّه إن فعلتَ قلّ الظّهرُ ولكن ادعُهم بفضل أزوادهم، ثم ادع اللَّه لهم عليها بالبركة، لعلّ اللَّه أن يجعل في ذلك. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال: فدعا بنِطَعٍ فبسطه، ثم دعا بفضل أزوادهم، قال: فجعل الرّجل يجيء بكف ذرّة. قال: ويجيء الآخر بكف تمرٍ. قال: ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النِّطَع من ذلك شيءٌ يسيرٌ. قال: فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليه بالبركة ثم قال: "خذوا في أوعيتكم". قال: فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاءً إلا ملأوه. قال: فأكلوا حتى شبعوا وفضلتْ فضلةٌ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه، لا يلقى اللَّه بهما عبد غير شاك فيحجَبَ عن الجنة".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (27) عن أبي بكر بن النّضر بن أبي النّضر، قال: حدثني أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا عبيد اللَّه الأشجعيّ، عن مالك بن مِغْول، عن طلحة بن مصرف، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.
والرواية الثانية عند مسلم أيضًا من وجه آخر عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أو أبي سعيد (الشّك من الأعمش)، فذكر الحديث.
• عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم آخرَ أهل النار خروجًا منها، وآخرَ أهل الجنة دخولًا. رجلٌ يخرج من النار كُبْوًا، فيقول اللَّه: اذهب فادخل الجنّة، فيأتيها فيخيّل إليه أنها ملأى. فيرجع فيقول: يا ربّ وجدتُها ملأى! . فيقول: اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى. فيرجع فيقول: يا
ربّ وجدتها ملأى! . فيقول: اذهب فادخل الجنة، فإنّ لك مثلَ الدّنيا وعشرةَ أمثالها -أو إنّ لك مثل عشرة أمثال الدّنيا- فيقول: أتسخرُ مني -أو تضحك مني- وأنت الملك! فلقد رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذُه. وكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلةً".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (6571)، ومسلم في الإيمان (176) كلاهما عن عثمان ابن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره، ولفظهما سواء.
• عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من مات يشرك باللَّه شيئًا دخل النار". وقلت أنا: "من مات لا يشرك باللَّه شيئًا دخل الجنة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1238) عن عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا شقيق، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره.
ورواه مسلم في الإيمان (92) من وجه آخر عن وكيع وابن نمير، عن الأعمش، به، مثله.
ولم تختلف الروايات في الصحيحين في أن المرفوع الوعيد، والموقوف الوعد، ومن قال: رواه مسلم من طريق وكيع وغيره بالعكس فقد وهم.
وفي حديث ابن مسعود دليل على أنه أخذ بدليل الخطاب وهو أمر مختلف فيه عند الأصوليين. ولو علم ابنُ مسعود بحديث جابر الذي سيأتي بعده لم يحتج إلى ذلك.
• عن أبي ذر، قال: خرجت ليلةً من الليالي فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يمشي وحده وليس معه إنسان، قال: فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحدٌ. قال: فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفتَ فرآني فقال:"مَنْ هذا؟ ". قلت: أبو ذر جعلني اللَّه فداءك. قال: "يا أبا ذر، تعالَ" قال: فمشيت معه ساعة، فقال:"إنّ المكثرين هم المقلُّون يوم القيامة، إلّا من أعطاه اللَّه خيرًا، فنفح فيه يمينَه وشمالَه، وبين يديه ووراءه، وعَمل فيه خيرًا". قال: فمشيتُ معه ساعة فقال لي: "اجلسْ ها هنا". قال: فأجلسني في قاع حوله حجارةٌ، فقال لي:"اجلس ها هنا حتى أرجع إليك". قال: فانطلق في الحرَّة حتى لا أراه، فلبثَ عني فأطال اللُّبْثَ، ثم إنّي سمعتُه وهو مقبلٌ وهو يقول:"وإن سرق وإن زنى". قال: فلما جاء لم أصبر حتى قلتُ: يا نبي اللَّه جعلني اللَّه فداءك من تُكلِّمُ في جانب الحرَّةِ، ما سمعتُ أحدًا يرجعُ إليك شيئًا؟ قال: "ذلك جبريل عليه السلام عرض لي في جانب الحرّة. قال: بشِّر أُمَّتَك أنه من
مات لا يشرك باللَّه شيئا دخل الجنة. قلت: يا جبريل وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قال: قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم وإن شرب الخمر".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (6443)، ومسلم في الزكاة (94) كلاهما من حديث عبد العزيز بن رفيع، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر، فذكره، واللفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم نحوه.
قال البخاري: قال النّضر: أخبرنا شعبة، وحدّثنا حبيب بن أبي ثابت، والأعمش وعبد العزيز ابن رفيع، حدثنا زيد بن وهب بهذا.
قال أبو عبد اللَّه (البخاريّ): "حديث أبي صالح، عن أبي الدرداء مرسل لا يصح إنما أردنا للمعرفة، والصّحيح حديث أبي ذر".
قيل لأبي عبد اللَّه: "حديث عطاء بن يسار، عن أبي الدرداء؟ قال: مرسل أيضّا لا يصح. والصّحيح حديث أبي ذر، وقال: اضربوا على حديث أبي الدرداء هذا إذا مات قال: لا إله إلا اللَّه عند الموت".
• عن زيد بن وهب قال: حدّثنا -واللَّهِ- أبو ذر بالرَّبذة قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرّة المدينة عشاءً، استقْبَلَنَا أحدٌ فقال:"يا أبا ذر، ما أحبُّ أنّ أُحُدًا لي ذهبًا يأتي عليَّ ليلةٌ أو ثلاثٌ عندي منه دينارٌ إلا أرصدُه لِدَيْن، إلّا أنْ أقولَ به في عباد اللَّه هكذا وهكذا وهكذا" وأرانا بيده ثم قال: "يا أبا ذر" قلت: لبيك وسعديك يا رسول اللَّه، قال:"الأكثرون هم الأقلّون إلّا من قال هكذا وهكذا"، ثم قال لي:"مكانك لا تبرح يا أبا ذر حتى أرجع" فانطلق حتى غاب عني فسمعتُ صوتًا فخشيتُ أن يكون عُرِض لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأردتُ أن أذهب ثم ذكرتُ قولَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا تبرح"، فمكثت. قلت:"يا رسول اللَّه سمعتُ صوتًا خشيتُ أن يكون عُرض لك، ثم ذكرت قولك، فقمت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذاك جبريل أتاني فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك باللَّه شيئا دخل الجنة". قلت: يا رسول اللَّه وإن زني وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الاستئذان (6268)، ومسلم في الزكاة (94) كلاهما من حديث الأعمش، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر، مثله، واللفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم نحوه.
وفي البخاريّ: "قلت لزيد: إنه بلغني أنه أبو الدّرداء؟ فقال: أشهد لَحدّثنيه أبو ذر بالرّبذة. قال الأعمش: وحدثني أبو صالح، عن أبي الدرداء نحوه". انتهى.
إلّا أنّ البخاريّ يرى أنّ حديث أبي الدرداء مرسل، كما سبق.
• عن أبي ذر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريلُ فبشّرني أنه من مات لا يشرك
باللَّه شيئًا دخل الجنة" قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: "وإن سرق وإن زنى".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (7487)، ومسلم في الإيمان (94) كلاهما عن محمد ابن بشار، حدثنا غُندر (محمد بن جعفر)، حدثنا شعبة، عن واصل الأحدب، عن المعرور بن سويد، قال: سمع أبا ذر يحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث ولفظهما سواء.
وعندهما -البخاريّ (5827)، ومسلم- من وجه آخر عن عبد الوارث، عن حسين المعلم، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن يحيى بن يعمر حدّثه، أنّ أبا الأسود الديلي حدّثه، أن أبا ذر حدّثه قال: أتيتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته قد استيقظ فقال:"ما من عبد قال: لا إله إلا اللَّه ثم مات على ذلك إلّا دخل الجنة" قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق". قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق". قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق علي رغم أنف أبي ذر". وكان أبو ذر إذا حدّث بهذا قال: "وإن رغم أنفُ أبي ذر".
قال أبو عبد اللَّه (البخاريّ): "هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا اللَّه، غُفر له".
وقوله: "إذا تاب" يعني من الكفر.
وقوله: "وندم" أي عن الذنوب والمعاصي.
ومعنى الحديث: من مات على التوحيد وتاب عن الذنوب يدخل الجنة ابتداءً. ويقول الحافظ ابن حجر: "وأما من تلبّس بالذنوب المذكورة، ومات من غير توبة فظاهر الحديث أنه أيضًا داخل في ذلك، لكن مذهب أهل السنة أنه في مشيئة اللَّه، ويدل عليه حديث عبادة بن الصامت: "ومن أتى شيئًا من ذلك فلم يعاقب به فأمره إلى اللَّه تعالى إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه". وهذا المفسّر مقدم على المبهم، وكل منهما يرد على المبتدعة من الخوارج ومن المعتزلة الذين يدعون وجوب خلود من مات من مرتكبي الكبائر من غير توبة في النار" انتهى.
ثم نقل ابن التين عن الداودي أن كلام البخاريّ خلاف ظاهر الحديث، فإنه لو كانت التوبة مشترطة لم يقل:"وإن زنى وإن سرق" قال: إنما المراد أنه يدخل الجنة إما ابتداء (أي وإن زنى وإن سرق)، وإما بعد ذلك" انتهى.
وإلى هذا المعنى يشير ابن حبان في صحيحه (1/ 446) وهو أن من لم يشرك باللَّه شيئًا، ومات دخل الجنة لا محالة وإن عُذِّب قبل دخوله إياها مدة معلومة.
• عن عثمان بن عفّان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يعلم أنّه لا إله إلا اللَّه دخل الجنة".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (26) من طرق عن إسماعيل ابن علية، عن خالد، قال: حدثني الوليد بن مسلم، عن حمران، عن عثمان. . . فذكره.
• عن عثمان بن عفّان قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّي لأعلمُ كلمةً لا
يقولها عبد حقًّا من قلبه، إلا حرَّم على النَّار". فقال له عمر بن الخطاب: أنا أحدّثك ما هي؟ هي كلمة الإخلاص التي ألزمها اللَّه تبارك وتعالى محمدًا وأصحابه، وهي كلمة التقوى التي ألاص عليها نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم عمَّه أبا طالب عند الموت: شهادة أن لا إله إلا اللَّه.
حسن: رواه الإمام أحمد (447)، وصحّحه ابن حبان (204)، والحاكم (1/ 351) كلهم من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن حُمران بن أبان، أنّ عثمان بن عفّان، قال (فذكر الحديث)، واللّفظ لأحمد.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: إسناده حسن من أجل عبد الوهاب بن عطاء الخفاف؛ فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وسعيد هو ابن أبي عروبة اختلط إلّا أنّ عبد الوهاب بن عطاء سمع منه قبل الاختلاط، وسعيد ابن أبي عروبة يعتبر من أوثق الناس في قتادة.
• عن جابر، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"يخرجُ من النار بالشّفاعة كأنهم الثعارير". قلت: ما الشعارير؟ قال: الضغابيس، وكان قد سقط فمه، فقلت لعمرو بن دينار: أبا محمد سمعتَ جابر بن عبد اللَّه يقول: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج بالشفاعة من النار"؟ قال: نعم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (6558)، ومسلم في الإيمان (191/ 318) كلاهما من حديث حماد بن زيد، عن عمرو، عن جابر، فذكر مثله، واللفظ للبخاريّ، وأما مسلم فلم يذكر الجزء الأول من الحديث.
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: سمعتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ اللَّه يخرجُ ناسًا من النّار فيدخلهم الجنة".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (191: 317) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، سمع جابرًا يقول (فذكر الحديث).
• عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ قومًا يخرجون من النار يحترقون فيها إلّا دارات وجوههم حتى يدخلون الجنة".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (191: 319) عن حجاج بن الشّاعر حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا قيس بن سليم العنبريّ، قال: حدثني يزيد الفقير، حدثنا جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
قوله: "دارات" جمع دارة وهي ما يحيط بالوجه من جوانبه، ومعناه أن النار لا تأكل دارة الوجه لكونها محل السجود كما جاء في الأحاديث الأخرى:"إلّا مواضع السجود".
• عن يزيد الفقير، قال: كنتُ قد شغفني رأيٌ مِنْ رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريدُ أن نحجَّ، ثم نخرج على النّاس. قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد اللَّه يحدث القوم -جالسٌ إلى سارية- عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: فإذا هو قد ذكر الجهنَّميين. قال: فقلت له: يا صاحبَ رسولِ اللَّه، ما هذا الذي تحدِّثون؟ واللَّه يقول:{رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)} [سورة آل عمران: 192]، و {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [سورة السجدة: 20] فما هذا الذي تقولون؟ قال: فقال: أتقرأ القرآن؟ قلتُ: نعم. قال: فهل سمعتَ بمقام محمد عليه السلام؟ (يعني الذي يبعثه اللَّه فيه). قلت: نعم، قال: فإنّه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرجُ اللَّه به من يخرج. قال: ثم نعت وضعَ الصّراط ومرَّ الناسِ عليه. قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال: غير أنه قد زعم أنّ قومًا يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السّماسم. قال: فيدخلون نهرًا من أنهار الجنّة، فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنّهم القراطيس. فرجعنا قلنا: ويحكم! أترون الشيخ يكذبُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فرجعنا، فلا واللَّه ما خرج منا غير رجل واحد. أو كما قال أبو نعيم.
صحيح: أخرجه مسلم في الإيمان (191: 320) عن الحجاج بن الشاعر، حدثنا الفضل بن دُكين، حدثنا أبو عاصم (يعني محمد بن أبي أيوب) قال: حدثني يزيد الفقير، فذكره.
قوله: "شغفني" أي شغلني قلبي برأي من رأي الخوارج وهو قولهم: أن أصحاب الكبائر يخلدون في النار، ولا يخرج منها من دخلها.
وقوله: "ثم نخرج على الناس" أي مظهرين مذهب الخوارج.
وقوله: "كأنهم عيدان السماسم" جمع سمسم، وهو السمسم المعروف يستخرج من الشيرج، وقيل: إنّ اللفظة محرفة من عيدان الساسم وهو خشب أسود كالأبنوس.
وقوله: "كأنهم القراطيس" جمع قرطاس، والصحيفة التي يكتب فيها شبههم بالقراطيس لشدة بياضهم بعد اغتسالهم وزوال ما كان عليهم من السواد. أفاده النووي.
وقوله: "فرجعنا فلا واللَّه ما خرج منا غير رجل واحد" أي رجعنا من حجّنا ولم نتعرض لرأي الخوارج، بل كففنا عنه، وتبنا منه إلا رجلًا منا فإنه لم يوافقنا في الانكفاف عنه.
وأبو نعيم هو الفضل بن دكين شيخ شيخ مسلم.
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: أتى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول اللَّه، ما الموجبتان؟ قال: "من مات لا يشرك باللَّه شيئًا دخل الجنة، ومن مات يشرك باللَّه
شيئًا دخل النار".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (93) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان. عن جابر، فذكره.
ورواه أيضًا من وجه آخر عن أبي الزبير، عن جابر، به، مثله.
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "نادِ في الناس: من قال: لا إله إلا اللَّه دخل الجنة" فخرج فلقيه عمر في الطريق، فقال: أين تريد؟ قلت: بعثني رسول اللَّه بكذا وكذا. قال: ارجعْ، فأبيتُ، فلهزني لَهْزةً في صدري فرجعتُ، ولم أجد بدًّا. قال: يا رسول اللَّه، بعثتَ هذا بكذا وكذا؟ قال:"نعم". قال: يا رسول اللَّه، إنّ الناس قد طمعوا وخشوا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اقعدْ".
حسن: رواه ابن خزيمة (693)، وابن حبان (151) كلاهما من طريق المحرر بن قعنب الباهلي، قال: حدثني رباح بن عبيدة، أن ذكوان السمان حدّثه، أن جابر بن عبد اللَّه حدّثه وقال (فذكره)، واللفظ لابن حبان.
وإسناده حسن من أجل محرر بن قعنب فإنه حسن الحديث.
• عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه سيخلِّصُ رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشرُ عله تسعة وتسعين سِجِلًّا كلُّ سجل مثل مدّ البصر، ثم يقول: أتنكرُ من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربّ. فيقول: أفلك عذرٌ؟ فيقول: لا يا ربّ. فيقول: بلى إنّ لك عندنا حسنةً فإنه لا ظُلم عليك اليوم، فَتَخرجُ بطاقةٌ فيها: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. فيقول: احْضُرْ وَزْنَك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السّجلات؟ فقال: إنّك لا تُظْلَمُ، قال: فتوضع السجلات في كفّة والبطاقة في كفّة، فطاشتِ السجلاتُ وثقلت البطاقةُ، فلا يثقل مع اسم اللَّه شيءٌ".
صحيح: رواه الترمذي (2639) -واللفظ له- وابن ماجه (4300) كلاهما من حديث الليث ابن سعد، قال: حدثني عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن المعافري ثم الحبلي، قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فذكر الحديث.
ورواه الإمام أحمد (6994) من هذا الوجه، وصحّحه ابن حبان (225)، والحاكم (1/ 6) وقال:"صحيح الإسناد".
وقال الترمذي: "حسن غريب".