الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
56 - باب النّهي عن أن يقال: ما شاء اللَّه وشئت، خوفًا من التسوية بينهما
• عن الطُّفيل بن سَخْبرة -أخي عائشة لأمّها- قال: إنّ رجلًا من المسلمين رأى في النوم أنّه لقي رجلًا من أهل الكتاب فقال: نعم القومُ أنتم لولا أنّكم تشركون، تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمّد. وذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "أما واللَّه إن كنتُ لأعرفها لكم. قولوا: ما شاء اللَّه، ثم شاء محمّد".
صحيح: رواه ابن ماجه (2118 المكرر) عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدّثنا أبو عوانة، عن عبد الملك، عن ربعي بن حراش، عن الطّفيل بن سخبرة، فذكره.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات غير أن عبد الملك بن عمير وهو ثقة قد تغيّر حفظه، واختلف عليه، فرواه أبو عوانة عنه هكذا، وتابعه على ذلك: حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير، بإسناده.
رواه الإمام أحمد (20694) عن بهز وعفّان، قالا: حدّثنا حماد بن سلمة، بإسناده، وهذا لفظه: عن طفيل بن سَخْبرة أخي عائشة لأمّها: أنّه رأى فيما يرى النائمُ، كأنه مرّ برهط من اليهود، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود. قال: إنّكم أنتم القوم لولا أنّكم تزعمون أنّ عُزيرًا ابنُ اللَّه! فقالت اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد! .
ثم مرّ برهط من النّصارى فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن النّصارى، فقال: إنّكم أنتم القوم، لولا أنّكم تقولون: المسيح ابنُ اللَّه! قالوا: وأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وما شاء محمد! فلمّا أصبح أخبر بها مَنْ أخبر، ثم أتى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال:"هل أخبرتَ بها أحدًا". قال عفّان: قال: نعم، فلمّا صلَّوا خَطَبهم، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال:"إنّ طُفيلًا رأى رؤيا فأخبرَ بها مَنْ أخبر منكم، وإنّكم كنتم تقولون كلمةً كان يمنعني الحياءُ منكم أن أنهاكم عنها". قال: "لا تقولوا: ما شاء اللَّه وما شاء محمد".
رواه الدّارميّ في سننه (2741) عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن عبد الملك بن عُمير بإسناده مختصرًا.
وذكره البخاريّ في التاريخ الكبير (4/ 363) في ترجمة طفيل أخي عائشة، فقال:"قال علي بن نصر: وهو طفيل بن سخبرة بن جرثومة بن عثمان وأمّهما أم رومان من كنانة". ثم ذكر الحديث من طريق شعبة، بإسناده مختصرًا، ورجّحه على رواية سفيان، عن عبد الملك، عن ربعي، عن حذيفة.
قلت: وخالفهم جميعًا فرواه سفيان بن عيينة، عن عبد الملك، عن ربعيّ، عن حذيفة، قال: أتى رجلٌ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنّي رأيت في المنام أني لقيتُ بعض أهل الكتاب فقال: نعم القومُ أنتم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "قد كنتُ أكرهها منكم، فقولوا: ما شاء اللَّه، ثم شاء محمد".
رواه الإمام أحمد (23339)، وابن ماجه (2118) من طريق سفيان بن عيينة، بإسناده، مثله.
وكذلك خالفهم معمر فرواه عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: رأى رجلٌ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم في النوم أنه لقي قومًا من اليهود، فأعجبتْهُ هيئتُهم فقال: إنّكم لقومٌ لولا أنكم تقولون: عزيرٌ ابنُ اللَّه! فقالوا: وأنتم قومٌ لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد، قال: ولقي قومًا من النّصارى، فأعجبتْهُ هيئتُهم، فقال: إنّكم قومٌ لولا أنّكم تقولون: المسيح ابنُ اللَّه، فقالوا: وأنتم قومٌ لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد، فلما أصبح، قصَّ ذلك على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"كنتُ أسمعها منكم فتؤذونني، فلا تقولوا: ما شاء اللَّه وشاء محمد".
والذي يظهر من دراسة طرق هذا الحديث أنّ الذي رأى في المنام هو الطّفيل أخو عائشة أمّ المؤمنين، وسمعه منه حذيفة وجابر بن سمرة، ولكن الرواة لم يحفظوا اسمه لقلّة روايته فأبهموه، ومن الخطأ أن يجعل هذا الحديث من مسند حذيفة أو جابر بن سمرة، واللَّه تعالى أعلم.
• وعن قُتَيْلة امرأة من جهينة، أنّ يهوديًّا أتى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنّكم تندِّدون وإنّكم تشركون تقولون: ما شاء اللَّه وشئتَ! وتقولون: والكعبةِ! . فأمرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: "وربِّ الكعبة"، ويقولوا:"ما شاء اللَّه ثم شئت".
صحيح: رواه النسائيّ (3773) عن يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا مسعر، عن معبد بن خالد، عن عبد اللَّه بن يسار، عن قتيلة، فذكرته.
وإسناده صحيح. وقد صحّحه أيضًا الحافظ في "الإصابة" بعد أن عزاه إلى النسائي.
ورواه أحمد (27093) عن يحيى بن سعيد، قال: حدثنا المسعودي، قال حدثني معبد بن خالد، بإسناده، وهذا لفظه: عن قتيلة بنت صيفي الجهنية، قالت: أتى حَبرٌ من الأحبار إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، نعم القومُ أنتم، لولا أنّكم تُشركون، قال:"سبحان اللَّه، وما ذاك؟ ". قال: تقولون إذا حلفتم: والكعبة. قالت: فأمهل رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا ثم قال: "إنّه قد قال، فمن حلف فلْيحلِف بربِّ الكعبة". ثم قال: يا محمد، نعم القومُ أنتم، لولا أنكم تجعلون للَّه ندًّا، قال:"سبحان اللَّه، وما ذاك؟ ". قال: تقولون: ما شاء اللَّه وشئتَ. قال: فأمهل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا، ثم قال:"إنّه قد قال، فمن قال: ما شاء اللَّه، فليفصل بينهما: ثم شئتَ".
والمسعودي مختلط، ولكن يحيى بن سعيد يروي عنه قبل الاختلاط. رواه الحاكم (4/ 97) من وجه آخر عن المسعودي مختصرًا، وقال: صحيح الإسناد.
وأمّا ما رواه أبو داود (4980)، والإمام أحمد (23265) كلاهما من حديث شعبة، عن منصور، عن عبد اللَّه بن يسار، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مختصرًا:"لا تقولوا ما شاء اللَّه وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء اللَّه ثم شاء فلان".
فهو منقطع؛ فإنّ عبد اللَّه بن يسار لم يسمع من حذيفة كما قال ابن معين.