الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - باب أوّل من يُدعى يوم القيامة آدم عليه السلام
• عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"أوّل من يُدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريتُه، فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبيك وسعديك. فيقول: أخرج بعث جهنّم من ذريَّتك. فيقول: يا ربّ، كم أُخرج؟ فيقول: أخرج من كلّ مائة تسعة وتسعين". فقالوا: يا رسول اللَّه، إذا أُخذ منا من كلِّ مائةٍ تسعةٌ وتسعون، فماذا يبقى منا؟ قال:"إنّ أمّتي في الأمم كالشّعرة البيضاء في الثور الأسود".
صحيح: رواه البخاريّ في الرّقاق (15) عن إسماعيل، حدّثني أخي، عن سليمان، عن ثور، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، فذكره.
8 - باب ما جاء في العرْض والحساب
• عن عائشة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانتْ لا تسمعُ شيئًا لا تعرفه راجعتْ فيه حتّى تعرفَه، وأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"من حُوسب عُذِّب". قالت عائشةُ: فقلتُ: أو ليس يقول اللَّه تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [سورة الانشقاق: 8]؟ قالتْ: فقال: "إنّما ذلك العرْض، ولكنْ مَنْ نُوقش الحساب يهلك".
متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (103) عن سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن عمر، قال: حدّثني ابن أبي مليكة، أنّ عائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكره.
ورواه مسلم في الجنّة (2876) من طريق أيوب، عن ابن أبي مليكة، نحوه.
ورواه الشّيخان - البخاريّ (4939، 6537)، ومسلم من وجه آخر عن أبي يونس القشيريّ، عن ابن أبي مليكة إِلَّا أنه أدخل بين ابن أبي مليكة وبين عائشة "القاسم بن محمد".
• عن عبد اللَّه بن الزبير، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ نُوقش الحساب بعمله هلك".
حسن: رواه ابن أبي عاصم في "السنة"(886) عن محمد بن مهديّ، ثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمرو، عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن ابن الزبير، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في محمد بن مسلم وهو الطائفيّ، قال فيه الإمام أحمد: ما أضعف حديثه، ووثقه ابن معين وأبو داود والعجليّ، وذكره ابن حبان في الثقات فهو حسن الحديث، ولذا قال فيه الحافظ في التقريب:"صدوق يخطئ" والظّاهر أنه لم يخطئ في هذا؛ فإنّ له شواهد تقويّه.
9 - باب الصّراط جسر جهنّم
• عن أبي هريرة، أنّ ناسًا قالوا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه، هل نرى ربَّنا
يوم القيامة؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "هل تضارُّون في رؤية القمر ليلة البدر؟ ". قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: "هل تضارُّون في الشّمس ليس دونها سحاب؟ ". قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: "فإنّكم ترونه كذلك. يجمعُ اللُه النَّاسَ يوم القيامة، فيقول: مَنْ كان يعبد شيئًا فَلْيَتَّبِعْهُ فَيَتَّبِعُ مَنْ كان يعبد الشّمسَ الشّمسَ، ويَتَّبعُ من كان يعبد القمرَ القمرَ، ويَتَّبِعُ من كان يعبد الطَّواغيتَ الطَّواغيتَ، وتبقى هذه الأمّةُ فيها منافقوها، فيأتيهم اللَّهُ تبارك وتعالى في صورةٍ غير صورته التي يعرفونَ. فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعوذ باللَّه منك! هذا مكانُنَا حتّى يأتينا ربُّنا، فإذا جاء ربُّنا عرفناه، فيأتيهم اللَّه تعالى في صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربُّكم. فيقولون: أنت ربُّنا، فَيَتَّبِعُونه، ويُضْرَبُ الصِّراطُ بين ظَهْرَي جَهَنَّمَ. فأكونُ أنا وأمَّتي أوَّلُ مَنْ يُجيزُ، ولا يتكلَّمُ يومئذ إِلَّا الرُّسُل، ودَعْوَى الرُّسُل يومئذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّم. وفي جهنّمَ كلاليبُ مثلُ شَوْك السَّعْدان، هل رأيتم السَّعْدان؟ ". قالوا: نعم، يا رسول اللَّه. قال: "فإنَّها مثلُ شَوْك السَّعْدان، غير أنّه لا يعلمُ ما قَدْرُ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّه، تَخْطَفُ النّاس بأعمالهم. فمنهم المؤمن بقي بعمله، ومنهمُ المجازَى حتَّى يُنَجَّي حتَّى إذا فَرَغَ اللَّهُ من القضاء بين العبادِ، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النّار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النّار من كان لا يشرك باللَّه شيئًا ممن أراد اللَّه تعالى أن يرحمه ممن يقول لا إله إِلَّا اللَّه، فيعرفونَهم في النّار، يعرفونهم بأثر السُّجود تأكل النّارُ من ابن آدم إِلَّا أثر السُّجود، حرَّم اللَّهُ على النّار أن تأكل أثر السُّجود، فيُخْرجُون من النّار وقد امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عليهم ماءُ الحياةِ فَيَنْبُتُون منه كما تَنْبُتُ الحبَّةُ في حَمِيل السَّيْل. ثم يفرُغُ اللَّه تعالى من القضاء بين العباد، ويبقى رَجُلٌ مقبل بوجهه على النّار -وهو آخر أهل الجنّة دخولًا الجنّة- فيقول: أي ربِّ اصْرِفْ وجهي عن النّار، فإنه قد قَشَبَنِي ريحُها وأحرقني ذَكاؤُها. فيدْعُو اللَّهَ ما شاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوهُ، ثم يقول اللَّه تبارك وتعالى: هل عسيتَ إنْ فعلتُ ذلك بك أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَه؟ فيقول: لا أسألك غيره، ويُعطي ربَّه من عهودٍ ومواثيقَ ما شاء اللَّه، فيصرفُ اللَّهُ وَجْهَه عن النَّار، فإذا أقبل على الجنَّة ورآها سكت ما شاء اللَّه أَنْ يَسْكُتَ. ثم يقول: أيْ ربِّ قَدِّمْني إلى باب الجنّة. فيقول اللَّه له: أليسَ قد أعطيتَ عهودَك ومواثيقَك لا تسألني غير الذي أعطيتُك، ويَلْك يا ابن آدم ما أغْدَرَكَ! فيقول: أيْ ربِّ ويدعو اللَّه حتّى يقول له: فَهلْ عسيتَ إنْ أعطيتُك ذلك أن تسأل غيَرَه؟ فيقول: لا وعِزَّتِك فيعطي ربَّه ما شاء
اللَّه من عهودٍ ومواثيقَ فيقدِّمُه إلى باب الجنّة فإذا قام على باب الجنَّة انْفَهَقَتْ له الجنَّةُ فرأى ما فيها من الخير والسُّرور. فيسكتُ ما شاء اللَّهُ أن يسكتَ. ثم يقول: أَيْ ربِّ أَدْخِلني الجنَّةَ. فيقول اللَّه تبارك وتعالى له: أليس قد أعطيتَ عهودَك ومواثيقَك أن لا تسأل غير ما أعطيت؟ ! ويلك يا ابن آدم ما أغدرك! فيقول: أيْ ربّ لا أكون أشقى خَلْقِك، فلا يزال يدعو اللَّه حتّى يَضْحَكَ اللَّهُ تبارك وتعالى منه فإذا ضَحِكَ اللَّه منه. قال: أُدْخُل الجنّة، فإذا دخلها قال اللَّه له: تَمَنَّهُ فيسأل ربَّه ويتمَنَّى، حتّى إنّ اللَّه ليُذَكِّرُه من كذا وكذا، حتّى إذا انقطعت به الأمانيُّ. قال اللَّه تعالى: ذلك لك ومثلُه معه".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (7437)، ومسلم في الإيمان (182) كلاهما من حديث إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد اللّيثيّ، أنّ أبا هريرة أخبره أنّ ناسًا قالوا (فذكر الحديث)، ولفظهما سواء.
قال عطاء بن يزيد: وأبو سعيد الخدريّ مع أبي هريرة لا يردّ عليه من حديثه شيئًا حتّى إذا حدّث أبو هريرة: "إنّ اللَّه قال لذلك الرجل: ومثلُه معه". قال أبو سعيد: "وعشرة أمثاله معه" يا أبا هريرة. قال أبو هريرة: ما حفظت إِلَّا قوله ذلك: "لك ومثله معه". قال أبو سعيد: أشهدُ أنِّي حفظتُ من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قوله ذلك: "لك وعشرة أمثاله". قال أبو هريرة: وذلك الرَّجُل آخر أهل الجنّة دخولا الجنّة".
قوله: "وفي جهنّم كلاليب" الكلاليب جمع كلوب وهي حديدة معطوفة الرّأس يعلق فيها اللّحم وترسل في التّنور.
وقوله: "مثل شَوْك السَّعْدان" السّعدان نبت له شوكة عظيمة مثل الحسك.
وقوله: "امْتَحشُوا" أي احترقوا.
وقوله: "انفهقت" أي انفتحت واتّسعت.
• عن أبي سعيد الخدريّ، أنّ ناسًا في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول اللَّه، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"نعم". قال: "هل تُضارُّونَ في رؤية الشّمس بالظّهيرة صَحْوًا ليس معها سحابٌ؟ وهل تُضارُّونَ في رؤية القمر ليلة البدر صَحْوًا ليس فيها سحابٌ؟ ". قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: "ما تُضَارُّون في رؤية اللَّه تبارك وتعالى يوم القيامة إِلَّا كما تُضَارُّون في رؤية أحدهما. إذا كان يوم القيامة أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ: لِيَتَّبِعْ كلُّ أُمَّةٍ ما كانت تعبُدُ، فلا يبقى أحدٌ كان يعبد غيرَ اللَّه سبحانه من الأصنامِ والأنصاب إِلَّا يتساقطون في النّار، حتّى إذا لم يبق إِلَّا من كان يعبد اللَّه من
بِر وفاجر وغُبَّر أهل الكتاب، فيُدْعى اليهودُ فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنّا نعبد عزيزَ ابن اللَّه! فيقال: كذّبتم ما اتّخذ اللَّه من صاحبةٍ ولا وَلَدٍ. فماذا تَبْغُون؟ قالوا: عَطشنا يا ربَّنا فاسْقِنا. فيُشار إليهم: ألا تَرِدُون؟ ! فيحشرون إلى النّار كأنّها سرابٌ يَحْطِمُ بعضُها بعضًا، فيتساقطون في النّار، ثم يُدْعَى النَّصَارى. فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كُنّا نعبد المسيحَ ابن اللَّه! فيقال لهم: كذبتُم ما اتّخذ اللَّهُ من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم ماذا تَبْغُون؟ فيقولون: عَطِشْنا يا ربَّنا فاسْقِنا. قال: فيشار إليهم: ألا تَرِدُون؟ ! فيحشرون إلى جهنم كأنّها سرابٌ يحطم بعضُها بعضًا فيتساقطون في النّار. حتى إذا لم يبقَ إلَّا مَنْ كان يعبد اللَّه تعالى من برٍّ وفاجرٍ، أتاهم ربُّ العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها. قال فما تَنْتَظِرون؟ تَتْبَعُ كلُّ أُمَّةٍ ما كانت تعبدُ. قالوا: يا ربَّنا فارقنا النّاسَ في الدُّنيا أَفْقرَ ما كُنّا إليهم ولم نُصَاحِبْهمْ. فيقول: أنا ربُّكم. فيقولون: نعوذ باللَّه منك لا نشرك باللَّه شيئًا -مرتين أو ثلاثا- حتّى إنّ بعضهم ليكاد أن ينقلبَ. فيقولُ: هل بينكم وبينه آيةٌ فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فَيُكشفُ عن ساقٍ، فلا يبقى من كان يسجدُ للَّه من تلقاء نفسِه إلا أَذِنَ اللَّه له بالسُّجود، ولا يبقى من كان يسجد اتّقاءً ورياءً إلّا جعل اللَّهُ ظهرَه طبقةً واحدةً كلّما أراد أن يسجد خَرَّ على قفاهُ، ثم يَرفَعون رؤوسهم، وقد تَحَوَّل في صورته التي رأوه فيها أَوَّل مرّة، فقال: أنا ربُّكم. فيقولون: أنت ربُّنا، ثم يُضْربُ الجسْرُ على جَهَنَّمَ وتَحِلُّ الشَّفاعةُ. ويقولون: اللهمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ". قيل: يا رسول اللَّه، وما الجسر؟ قال: "دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فيه خَطَاطِيُف وكلالِيبُ وَحَسَكٌ، تكونُ بنجدٍ فيها شُوَيْكةٌ يقال: لها السَّعْدانُ، فيمر المؤمنون كطَرْف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والرِّكاب، فناجٍ مُسَلَّمٌ ومَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ ومَكْدُوسٌ في نار جَهَنَّم. حتى إذا خَلَصَ المؤمنون من النّار، فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشدَّ مُناشَدةً للَّه في استقصاءِ الحقِّ من المؤمنين اللَّه يوم القيامة لإخوانهم الذين في النّار. يقولون: ربَّنا كانوا يصومون معنا ويُصلُّون ويَحُجُّون! فيقال لهم: أخرجوا مَنْ عرفتم فتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ على النَّار. فيُخْرِجون خلقًا كثيرًا قد أخذت النَّارُ إلى نصف ساقية، وإلى ركبتيه. ثم يقولون ربَّنا ما بقي فيها أحدٌ ممن أمرتنا به. فيقول: ارْجعوا فمن وجدتُم في قلبه مثقالَ دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربَّنا لم نَذَرْ فيها أحدًا ممن أمرتنا. ثم يقول:
ارْجعوا فمن وجدتُم في قلبه مثقالَ نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقًا كثيرًا. ثم يقولون: ربَّنا لم نَذَرْ فيها مِمّن أمرتنا أحدًا. ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربَّنا لم نَذَرْ فيها خيرًا".
وكان أبو سعيد الخدري يقول: إِنْ لم تُصَدِّقُوني بهذا الحديث فاقرءوا إنْ شئتم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [سورة النساء: 40]. فيقول اللَّه عز وجل: "شفعت الملائكةُ، وشفع النّبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الرّاحمين فيقبض قبضةً من النّار، فيُخرجُ منها قومًا لم يعملوا خيرًا قطّ قد عادوا حُمَمًا، فيُلْقيهم في نَهر في أفواه الجنّة يقال له: نهر الحياة، فيخرُجُون كما تَخْرُجُ الْحِبَّة في حَمِيل السَّيْل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشّمس أُصَيْفِرُ وأُخَيْضِرُ، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟ ". فقالوا: يا رسول اللَّه، كأنّك كنت ترعى بالبادية! قال:"فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفُهم أهلُ الجنّة هؤلاء عتقاء اللَّه الذين أدخلهم اللَّه الجنّة بغير عمل عملوه ولا خير قدّموه. ثم يقول: ادْخلُوا الجنّة فما رأيتموه فهو لكم! فيقولون: ربَّنا أعطيتنا ما لم تعطِ أحدًا من العالمين. فيقول: لكم عندي أفضل من هذا؟ فيقولون: يا ربَّنا، أيُّ شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رِضايَ فلا أسخطُ عليكم بعده أبدًا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (4581)، ومسلم في الإيمان (183) كلاهما من حديث حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكر الحديث، واللّفظ لمسلم.
وقال مسلم: قرأت على عيسى بن حمّاد زُغْبَة المصريّ هذا الحديث في الشَّفاعةِ وقلتُ له: أُحَدِّثُ بهذا الحديث عنك أنَّك سمعت من الليث بن سعد؟ فقال: نعم. قلت: لعيسى بن حماد أخبرَكُم اللَّيثُ بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ أنه قال: قلنا يا رسول اللَّه، أنري ربَّنا؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هل تضارُّون في رؤية الشّمس إذا كان يومٌ صَحْوٌ؟ ". قلنا: لا. وسُقْتُ الحديثَ حتّى انقضَى آخرُه، وهو نحو حديث حفص بن ميسرة. وزاد بعد قوله:"بغير عمل عملوه ولا قَدَمٍ قَدَّمُوه""فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه".
قال أبو سعيد: "بلغني أنّ الجسرَ أَدقُّ من الشَّعْرةِ وأَحَدُّ من السَّيْفِ".
وليس في حديث اللّيث: "فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين وما بعده". فأقر به عيسى بن حمّاد.
• عن ابن مسعود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "آخرُ من يدخل الجنّة رجلٌ، فهو يمشي مرّة ويكبو مرّة، وتَسْفَعُه النّار مرّة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجّاني منكِ، لقد أعطاني اللَّه شيئًا ما أعطاهُ أحدًا من الأوّلين والآخرين. فَتُرْفَعُ له شَجَرةٌ، فيقول: أيْ ربِّ أَدْنِني من هذه الشّجرة فلأستظل بظلِّها، وأشرب من مائها. فيقول اللَّه عز وجل: يا ابن آدم لعلِّي إنْ أُعطيتُكَها سألتني غيرَها؟ فيقول: لا يا ربّ. ويعاهده أن لا يسأله غيرَها، وربُّه يُعذِرُه لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلِّها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقولُ: أيْ ربِّ أدْنِني من هذه لأشرب من مائها وأستظلّ بظلِّها لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابنَ آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقولُ: لعلّي إن أدنيتُك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربُّه يَعْذِره لأنّه يرى ما لا صبرَ له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي عند باب الجنّة هي أحسن من الأولَيَيْن. فيقول: أيْ ربِّ، أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا ربّ، هذه لا أسألك غيرها وربُّه يَعْذِره لأنّه يرى ما لا صبرَ له عليه. فيدنيه منها، فإذا أدناه منها فيسمع أصواتَ أهل الجنّة، فيقول: أيْ ربِّ أدخلنيها. فيقول: يا ابن آدم ما يَصْرِيني منك؟ أيُرْضِيكَ أن أعطيك الدُّنيا ومثْلَها معها؟ قال: يا رب أتستهزئ مني وأنتَ ربُّ العالمين".
فضحك ابنُ مسعود فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مِمّ تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: مِمّ تضحك يا رسول اللَّه؟ قال: "من ضحك ربّ العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت ربُّ العالمين. فيقول: إنّي لا أستهزئُ منك، ولكنّي على ما أشاء قدير، فيدخله الجنّة".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (187) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا عفّان بن مسلم، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا ثابت، عن أنس بن مالك، عن ابن مسعود، فذكره. إلّا أنّ مسلمًا لم يذكر لفظ "الصّراط" وهو ثابت عند غيره، وإنّما اكتفى بقوله:"يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسعفه النّار مرة".
• عن أبي هريرة وحذيفة قالا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يجمعُ اللَّه تبارك وتعالى النّاسَ، فيقوم المؤمنون حتّى تُزْلَفُ لهم الجنّة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنّة فيقول: وهل أَخْرجَكُم من الجنّة إلّا خطيئة أبيكم آدم؟ ! لستُ بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل اللَّه، قال: فيقول إبراهيم: لستُ بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعْمِدُوا إلى موسى صلى الله عليه وسلم الذي كلّمه اللَّه تكليمًا، فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقول: لستُ بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كَلِمةِ اللَّه وروحه، فيقول عيسى صلى الله عليه وسلم: لستُ بصاحب ذلك. فيأتون محمّدًا صلى الله عليه وسلم فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانةُ والرَّحم، فتقومان جَنَبَتَيْ الصِّراط يمينًا وشمالًا فيمرُّ أوّلكم كالبرق". قال: قلتُ: بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق؟ قال: "ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمرّ الرّيح، ثم كمرّ الطّير وشدّ الرّجال، تجري بهم أعمالهم، ونبيُّكم قائمٌ على الصِّراط يقول: ربِّ سَلِّم سَلِّم، حتّى تَعْجِز أعمالُ العباد حتى يجيء الرَّجُل فلا يستطيعُ السَّيْر إلّا زَحْفًا. قال: وفي حافتي الصِّراط كلاليب مُعَلَّقة مأمورةٌ بأخذ مَنْ أُمِرتْ به، فمخدوشٌ ناجٍ، ومكدوسٌ في النّار". والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنّم لسبعون خريفًا.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (195) عن محمد بن خليفة البجليّ، حدّثنا محمد بن فضيل، حدّثنا أبو مالك الأشجعيّ، عن أبي حازم، عن أبي هريرة.
وأبو مالك، عن ربعيّ، عن حذيفة، قالا (فذكرا الحديث).
• عن جابر بن عبد اللَّه، أنّه سئلُ عن الورود، فقال:"نحن يوم القيامة على كذا وكذا -انظر، أي: ذلك فوق النّاس- قال: فتُدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد، الأوّل فالأوّل، ثم يأتينا ربُّنا بعد ذلك، فيقول: من تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربَّنا. فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلّى لهم يَضْحَك".
قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "فينطلقُ بهم ويتَّبعونه، ويُعطى كلُّ إنسان منافق أو مؤمن نورًا، ثم يتّبعونه، وعلى جسر جهنّم كلاليب وحَسَك تأخذ من شاء اللَّه، ثم يُطْفأ نورُ المنافق، ينجو المؤمنون، فتنجو أوّل زمرة، وجوههم كالقمر ليلة البدْر سبعون ألفًا لا يُحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوإ نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تَحِلُّ الشَّفاعةُ حتى يخرج من النّار مَنَ قال: لا إله إلّا اللَّه، وكان في قلبه من الخير ما يزنُ شعيرةً، فيجعلون بفناء أهل الجنّة، ويجعلُ أهل الجنّة يرُشّون عليهم الماء، حتّى ينْبُتُوا
نباتَ الشَّيء في السَّيل، ثم يسألُ حتّى يُجعلَ له الدّنيا وعشرةُ أمثالها معها".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (191) من طرق عن روح بن عبادة، حدّثنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يسأل عن الورود، فذكره.
ومن هذا الوجه رواه الإمام أحمد (15115) واللّفظ له.
قوله: "كذا وكذا - انظر" هكذا في جميع نسخ مسلم، وهو محرّف يقينًا.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: "هكذا وقع هذا اللّفظ في جميع الأصول من صحيح مسلم. واتفق المتقدمون والمتأخرون على أنّه تصحيف وتغيير واختلاط في اللفظ. قال الحافظ عبد الحق في كتابه "الجمع بين الصحيحين" هذا الذي وقع في كتاب مسلم تخليط من أحد النّاسخين أو كيف كان. وقال القاضي عياض: هذه صورة الحديث. وفي كتاب ابن أبي خيثمة من طريق كعب بن مالك: "يحشر النّاس يوم القيامة على تل، وأمتي على تل". وذكر الطبريّ في التفسير من حديث ابن عمر:"فيرقي هو -يعني محمدًا- وأمته على كوم فوق النّاس". وذكر من حديث كعب بن مالك: "يحشر النّاس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل". قال القاضيّ: فهذا كلّه يبين ما تغيّر من الحديث، وأنّه كان أظلم هذا الحرف على الرّاوي، أو امّحي فعبّر عنه:"بكذا وكذا"، وفسّره بقوله: أي "فوق النّاس"، وكتب عليه:"انظر" تنبيهًا، فجمع النقلةُ الكلَّ ونسقوه على أنّه من متن الحديث كما تراه". انتهى.
• عن عائشة، قالت: سألتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قول اللَّه عز وجل: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [سورة إبراهيم: 48] فأين يكون النّاس يومئذ يا رسول اللَّه؟ فقال: "على الصراط".
صحيح: رواه مسلم في صفات المنافقين (2791) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا علي بن مسهر، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، فذكرته.
• عن أبي سعيد يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يقول: "يُوضَعُ الصِّراط بين ظَهْرَي جَهَنَّمَ، عليه حَسَكٌ كحَسَكِ السَّعْدان، ثم يَسْتجيزُ النّاسُ، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومجروحٌ به، ثم ناجِ ومُحْتَبس به منكوس فيها، فإذا فرغ اللَّه عز وجل من القضاء بين العباد يفقدُ المؤمنون رجالًا كانوا معهم في الدُّنيا يُصَلُّون بصلاتهم، ويُزَكُّون بزكاتهم، ويَصُومُون صيامهم، ويَحُجُّون حَجَّهم، ويَغْزُون غَزْوَهم، فيقولون: أيْ ربَّنا عبادٌ من عبادك كانوا معنا في الدّنيا يصلون صلاتنا، ويزكون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجّون حجّنا، ويغزون غزونا، لا نراهم؟ ! فيقول: اذهبوا إلى النّار فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه. قال: فيجدونهم قد أخذتهم النّار على قدر أعمالهم،