الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطّاب وحقيقته.
وكذلك في قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله: {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [سورة المجادلة: 7].
ولما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [سورة التوبة: 40] كان هذا -أيضًا- حقًّا على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع، والنصر والتأييد.
وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [سورة النحل: 128]. وكذلك قوله لموسى وهارون: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [سورة طه: 46]. هنا المعية على ظاهرها، وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد" انتهى. انظر:"مجموع الفتاوى" (5/ 103 - 10
4).
46 -
باب نفي التشبيه عن اللَّه تعالى
قال اللَّه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى: 11].
وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [سورة مريم: 65].
وقال تعالى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [سورة النحل: 74].
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أراه: "قال اللَّه تعالى: يشتمني ابنُ آدم، وما ينبغي له أن يشتمني، ويكذّبني وما ينبغي له. أما شتُمه فقوله: إنّ لي ولدًا. وأمّا تكذيبه فقوله: ليس يعيدني كما بدأني".
وفي رواية: "وليس أوَّل الخلق بأهون عليَّ من إعادته".
صحيح: رواه البخاريّ في بدء الخلق (3193) عن عبد اللَّه بن أبي شيبة، عن أبي أحمد، عن سفيان، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
والرّواية الثانية عنده (4974) من طريق شعيب، عن أبي الزّناد.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كذَّبني ابنُ آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك. أما تكذيبه إياي أن يقول: إني لن أعيده كما بدأته، وأمّا شتُمه إيّاي أن يقول: اتخذ اللَّه ولدًا، وأنا الصّمد الذي لم ألد، ولم أُولد، ولم يكن لي كفوًا أحد"، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص].
كُفُؤًا وكفيئًا وكفاءً واحد.
صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (4975) عن إسحاق بن منصور، قال: وحدَّثنا عبد الرَّزاق، أخبرنا معمر، عن همَّام، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي بن كعب قال: إنّ المشركين قالوا: يا محمد انسُب لنا ربَّك، فأنزل
اللَّه عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ} قال: الصَّمد الذي لم يلد ولم يُولد، ولم يكن له كفوًا أحد؛ لأنه ليس شيءٌ يولد إِلَّا سيموت، وليس شيء يموت إِلَّا سيورث، وإنَّ اللَّه لا يموت ولا يورث {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} قال: لم يكن له شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء".
حسن: رواه الحاكم (2/ 540) من طرق عن الحسين بن الفضل، ثنا محمد بن سابق، ثنا أبو جعفر الرَّازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، فذكره.
ومن هذا الطَّريق رواه أيضًا البيهقيّ في الأسماء والصفات (50).
وإسناده حسن من أجل الكلام في أبي جعفر الرازيّ فقد تكلَّم فيه النسائيّ، وقال الإمام أحمد: ليس بقويّ، ووثقه ابن معين وأبو حاتم وابن سعد، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة.
والخلاصة فيه ما قاله ابن عدي.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد".
ومن طريقه رواه الترمذيّ (3364)، والإمام أحمد (21219)، وابن أبي عاصم في السنة (662)، وابن خزيمة في التوحيد (48)، وأبو الشيخ في "العظمة"(88)، (607)، ولكن في طريقهم جميعًا أبو سعد الصنعانيّ -واسمه محمد بن ميسَّر كما قال الترمذيّ- الراوي عن أبي جعفر الرَّازيّ.
وأهل العلم مطبقون على تضعيف أبي سعد الصنعانيّ، ولين فيه القول أبو داود فقال:"صدوق". ولكنه توبع في إسناد الحاكم.
وأظهر الترمذيّ علّة أخرى وهي الإرسال فرواه من وجه آخر عن عبيد اللَّه بن موسى، عن أبي جعفر، عن الرَّبيع، عن أبي العالية أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر آلهتهم فقالوا: انْسُب لنا ربَّك. قال: فأتاه جبريل بهذه السورة فذكره نحوه، ولم يذكر فيه: عن أبي بن كعب.
قال الترمذيّ: "وهذا أصح من حديث أبي سعد، وأبو سعد اسمه محمد بن مُيسَّر" انتهى.
قلت: تصحيح الترمذيّ للمرسل لا يمنع من تحسين المسند، وخاصة وأن له شواهد وإن كانت لا تخلو من مقال، كما سيأتي.
قوله: "الأحد" هو الذي لا شبيه له ولا نظير، كما أنّ الواحد هو الذي لا شريك له ولا عديل، ولهذا سمَّى اللَّه نفسه بهذا الاسم.
وفي الباب ما رُوي عن جابر بن عبد اللَّه: أنّ أعرابيًّا أتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: انسب اللَّه، فأنزل اللَّه {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . . . إلى آخرها.
رواه أبو يعلى (2044)، والطبراني في الأوسط (5678)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 335)،
والبيهقي في الأسماء والصفات (608) كلهم من طرق عن مجالد بن سعيد، عن الشعبيّ، عن جابر ابن عبد اللَّه، فذكر مثله.
وفيه مجالد بن سعيد الهمدانيّ ضعيف، وكان البخاريّ حسن الرَّأي فيه فقال:"صدوق". وحسَّنه السيوطيّ في "الدر المنثور" فلعلَّه لقول البخاريّ في مجالد بن سعيد أو لشواهده.
وفي الباب ما روي أيضًا عن أبي وائل مرسلًا، رواه أبو الشيخ في العظمة (89)، وقد روي متصلًا بذكر ابن مسعود، والمرسل أصح.
وفي الباب عن ابن عباس: أنّ اليهود جاءت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم منهم كعب بن الأشرف، وحُييّ بن أخطب، فقالوا: يا محمد: صفْ لنا ربَّك الذي بعثك. فأنزل اللَّه عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ} فيخرج منه، {وَلَمْ يُولَدْ} فيخرج من شيء، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ولا شبه. فقال: هذه صفة ربّي عز وجل وتقدَّس علوًّا كبيرًا.
رواه البيهقيّ في الأسماء والصفات (606) عن علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا مخلد بن أبي عاصم، نا محمد بن موسى -يعني الحرشي- نا عبد اللَّه بن عيسى، نا داود -يعني ابن أبي هند- عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره. وإسناده ضعيف.
عبد اللَّه بن عيسى - وهو ابن خالد الخزاز، وقد ينسب إلى جده "ضعف". والراوي عنه محمد ابن موسى -يعني الحرشي- "لين" كما في التقريب.
وفي لفظه نكارة أيضًا فإن اليهود لم يكونوا في مكة.
ومع هذا كلّه حسّنه الحافظ في "الفتح"(13/ 356).
وفي الباب أيضًا، عن أنس قال: أنت يهود خيبر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، خلق اللَّه عز وجل الملائكة من نور الحجاب، وآدم من حمأ مسنون، وإبليس من لهب النار، والسماء من دخان، والأرض من زبد الماء، فأخبرنا عن ربّك عز وجل؟ فلم يجبهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ليس له عروق فتشتعب إليه، {اللَّهُ الصَّمَدُ} ليس بالأجوف لا يأكل ولا يشرب، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ليس له ولد ولا والد ينسب إليه، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ليس من خلقه شيء يعدل به، يمسك السموات والأرض أن زالتا. هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، انتسب اللَّه عز وجل إليها؛ فهي له خالصة.
رواه أبو الشيخ في العظمة (86) عن أبي سعيد الثقفيّ، عن سلمة بن شبيب، حدثنا يحيى بن عبد اللَّه الحرانيّ، عن ضرار، عن أبان، عن أنس، فذكره.
وفيه يحيى بن عبد اللَّه الحراني البابلتيّ، قال فيه ابن حبان في المجروحين (2/ 479): "كان كثير الخطأ لا يدفع عن السماع، ولكنه يأتي عن الثقات بأشياء معضلات ممن كان يهم فيها، حتى ذهب حلاوته عن القلوب لما شاب أحاديثه المناكير، فهو عندي فيما انفرد ساقط الاحتجاج، وفيما لم