الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصحّحه ابن حبان (7076)، ورواه من طريق عثام بن عليّ، بإسناده مثله.
وهانئ بن هانئ هو الهمدانيّ لم يرو عنه إلا أبو إسحاق، ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 509) وقال النسائي:"ليس به بأس"، ولكن جهّله ابن المديني. وقال حرملة عن الشّافعيّ:"هانئ بن هانئ لا يُعرف، وأهل العلم بالحديث ينسبون حديثه لجهالة حاله".
قلت: ولكنه توبع فقد رواه النسائيّ (5007) من وجه آخر عن عمرو بن شرحبيل، عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكره نحوه.
وعمرو بن شرحبيل هو الهمدانيّ أبو ميسرة الكوفيّ، روى عن عليّ بن أبي طالب وغيره من الصحابة، وهو من رجال الصحيحين؛ فلعلّ المبهم في الإسناد هو عليّ بن أبي طالب، ولو كان غيره فلا يضر؛ لأنّ جهالة الصحابة لا تضر في صحة الحديث.
وهذا الحديث أورده الحافظ ابن حجر في ترجمة عمار بن ياسر في "الإصابة" إلّا أنه عزاه إلى الترمذيّ وابن ماجه، وحسّن إسناده، وعزوه إلى الترمذي وهم منه.
وقوله: "مُشاشه" أي رؤوس عظامه، يريد بذلك قوّة إيمانه.
33 - باب رجحان أهل اليمن في الإيمان
• عن أبي مسعود قال: أشار النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال:
"الإيمان يمان هاهنا، ألا إنَّ القسوة وغِلَظ القلوب في الفدّادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلعُ قرنا الشّيطان في ربيعة ومُضر".
متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (3302)، ومسلم في الإيمان (51) كلاهما من حديث إسماعيل بن أبي خالد، قال: سمعتُ قيسًا يروي عن عقبة بن عمرو أبي مسعود، فذكره.
قوله: "الفدّادين" بتشديد الدّال جمع فدّاد، وهو من الفديد، ومعناه: الصوت الشّديد - أي الذين تعلو أصواتُهم في إبلهم وخيلهم وحروثهم ونحو ذلك.
ومعنى قوله: "عند أصول أذناب الإبل" أي الذين لهم جَلبةٌ وصياح عند سوقهم لها.
وقوله: "حيث يطلع قرنا الشّيطان في ربيعة ومضر" فقوله: "في ربيعة ومضر" بدل من قوله: "في الفدّادين" أي القسوة في ربيعة ومضر الفدّادين.
وقوله: "قرنا الشّيطان" جانب رأسه، والمراد بذلك: اختصاص المشرق بمزيد من تسلط الشيطان، ومن الكفر كما جاء في حديث آخر:"رأس الكفر نحو المشرق" سيأتي من حديث أبي هريرة، وكان ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم حين قال ذلك، ويكون حين يخرج الدجال من الشرق. انتهى باختصار من كلام ابن الصّلاح في صيانة صحيح مسلم.
• عن أبي هريرة، قال: سمعت رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "الفخر والخُيلاء في
الفدّادين أهل الوَبَر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان، والحكمة يمانية".
متفق عليه: رواه البخاريّ في المناقب (3499) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهريّ، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة قال (فذكر الحديث).
ورواه مسلم في الإيمان (52: 88) عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا أبو اليمان بإسناده مثله.
وفي رواية عنده: "والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أصحاب الشّاء".
• عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"أتاكم أهل اليمن هم أرقُّ أفئدةً، وألينُ قلوبًا، الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانيّة، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسّكينة والوقار في أهل الغنم".
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (4388)، ومسلم في الإيمان (52) كلاهما من طرق عن أبي هريرة، فذكر الحديث، ولفظهما سواء
وفي رواية عندهما: "جاءكم أهل اليمن، هم أرقُّ أفئدة وأضعف قلوبًا".
وفي رواية عند البخاريّ (4389)"والفتنة هاهنا، هاهنا يطلع قرن الشّيطان".
معنى الحديث: نقل ابن الصلاح في "صيانة صحيح مسلم"(ص 210) وعنه النووي في "شرح مسلم" إن ما ذكر من نسبة الإيمان إلى اليمن وأهله، فقد صرفوه عن ظاهره من حيث أن مبدأ الإيمان من مكة ثم المدينة حرسهما اللَّه.
فذكر أقوال أهل العلم في تعيين أهل اليمن، وقال في نهاية الكلام:"ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمله على أهل اليمن حقيقة؛ لأنّ من اتصف بشيء وقَوي قيامُه به، وتأكد اضطلاعه به نُسب ذلك الشيء إليه إشعارًا بتميّزه به وكمال حاله فيه، وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الإيمان، وحال الوافدين منهم في حياته صلى الله عليه وسلم، وفي أعقاب موته كأويس القرني، وأبي مسلم الخولانيّ وأشباههما ممن سلم قلبُه، وقوي إيمانه، فكانت نسبة الإيمان إليهم لذلك إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفي لذلك عن غيرهم، فلا منافاة بينه وبين قوله: "الإيمان في أهل الحجاز" [وهو سيأتي]. ثم إنّ المراد بذلك الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان، فإنّ اللّفظ لا يقتضيه هذا، واللَّه تعالى أعلم، وهذا هو الحقّ في ذلك، ونشكر اللَّه سبحانه وتعالى على هدايتنا له، واللَّه أعلم" انتهى كلام الشيخ أبي عمرو بن الصّلاح، وأقرّه الشيخ النووي رحمهما اللَّه تعالى.
وأما ما رُوي من زيادة: "وأجد نَفَسَ ربِّكم من قبل اليمن. . . " فيه نظر، رواه الإمام أحمد (10978)، والطبراني في "الأوسط"(4661)، و"مسند الشّاميين"(1083) كلاهما من حديث حريز بن عثمان، عن شبيب أبي روح، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.