الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب الإيمان بالقضاء والقدر
1 - باب ما جاء في الإيمان بالقدر
قال اللَّه تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [سورة الحديد: 22].
وقال تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [سورة الأحزاب: 38].
قال مالك بن أنس: "ما أضلّ من كذب بالقدر، لو لم يكن عليهم فيه حجّة إلّا قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [سورة التغابن: 2] لكفى بها حجّة".
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سلوني". فهابوه أن يسألوه، فجاء رجل فجلس عند ركبتيه، فقال: يا رسول اللَّه، ما الإسلام؟ قال:"لا تشركْ باللَّه شيئًا، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان". قال: صدقتَ. قال: يا رسول اللَّه، ما الإيمان؟ قال:"أن تؤمن باللَّه وملائكته، وكتابه، ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث، وتؤمن بالقدر كلّه". قال: صدقت". فذكر الحديث بطوله.
متفق عليه: رواه مسلم في الإيمان (10) عن زهير بن حرب، حدّثنا جرير، عن عمارة (وهو ابن القعقاع)، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
ورواه البخاريّ في الإيمان (50) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، (وهو المعروف بابن علية)، وفي التفسير (4777) من طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن أبي حيان التيمي، عن أبي زرعة بإسناده ولفظه:"أن تؤمن باللَّه وملائكته وبلقائه ورسله، وتؤمن بالبعث" ولم يذكر فيه الكتب والقدر، فأما الإيمان بالكتب فهو في رواية الأصيلي كما أشار الحافظ في الفتح، وأما الإيمان بالقدر فزاده الإسماعيلي في مستخرجه.
ورواه أبو داود (4698)، والنسائيّ (4991) كلاهما من طريق جرير، عن أبي فروة الهمداني، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي ذر وأبي هريرة، قالا: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب، فلا يدري أيّهم هو حتّى يسأل، فطلبنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسًا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكَّانًا من طين كان يجلس عليه، وإنّا لجالسون ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن النّاس وجهًا، وأطيب النّاس ريحًا، كأنّ ثيابه لم يمسّها دنسٌ
حتّى سلَّم في طرف البساط. فذكر الحديث بطوله، واختصره أبو داود.
• عن ابن الدّيلميّ قال: أتيتُ أُبيَّ بن كعب فقلت له: وقع في نفسي شيءٌ من القدر، فحدّثني بشيء لعلّ اللَّه أن يذهبه من قلبي، قال: لو أنّ اللَّه عذّب أهل سماواته، وأهل أرضه عذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو أنفقتَ مثل أُحد ذهبًا في سبيل اللَّه ما قبله اللَّه منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير ذلك لدخلتَ النّارَ. قال: ثم أتيتُ عبد اللَّه بن مسعود، فقال مثل ذلك، ثم أتيتُ حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيتُ زيد بن ثابت، فحدّثني عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
حسن: رواه أبو داود (4699)، وابن ماجه (77) كلاهما من طريق أبي سنان، عن وهب بن خالد الحمصيّ، عن ابن الدّيلميّ، فذكر مثله.
وصحّحه ابنُ حبان (727) بعد أن رواه من هذا الوجه.
قلت: والحديث من أوله موقوف على أبي بن كعب، وابن مسعود، وحذيفة بن اليمان. مرفوع من حديث زيد بن ثابت.
وإسناده حسن من أجل أبي سنان وهو سعيد بن سنان البرجميّ من رجال مسلم، تكلّم فيه الإمام أحمد وغيره. وقال أبو حاتم: صدوق ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات".
ولكن جاء الحديث من وجه آخر عن معاوية بن صالح، أنّ أبا الزّاهريّة حدّثه، عن كثير بن مرّة، عن ابن الدّيلميّ، أنّه لقي زيد بن ثابت فقال له: إنّي شككتُ في بعض القدر، فحدِّثْني لعلّ اللَّه يجعل لي عندك فرجًا. قال زيد: نعم يا ابن أخي إنّي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول (فذكر الحديث نحوه).
أخرجه الآجريّ في الشّريعة (373) عن الفريابيّ، قال: حدّثني ميمون بن الأصبغ النّصيبي، حدّثنا أبو صالح عبد اللَّه بن صالح، قال: حدّثني معاوية بن صالح، بإسناده.
ومعاوية بن صالح حسن الحديث، وله متابعات أخرى انظر "السنة" لابن أبي عاصم (245).
وأما ما رُوي عن أبي أيوب الأنصاريّ أنه قال: يا رسول اللَّه، أيقدرُ اللَّهُ عليَّ أمرًا ثم يُعذِّبني عليه؟ قال:"نعم، وهو غير ظالم لك يا أبا أيوب، فلو كان لك مثل أحد ذهبًا تنفقه في سبيل اللَّه، ولم تؤمن بالقدر خيره وشرّه لم ينفعك ذلك شيئًا".
رواه البيهقيّ في القضاء والقدر (2/ 614) وفي الإسناد أبو الحجاج وهو رشدين بن سعد المصريّ، ضعيف. قال النسائيّ: متروك الحديث.
• عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ولا يدخل الجنّة عاق، ولا مُدمن خمر، ولا مُكذِّب بقدر".
حسن: رواه الإمام أحمد (27484)، والبزّار -كشف الأستار (2182) - كلاهما من طريق سليمان بن عتبة أبي الرّبيع الدِّمشقيّ، قال: سمعتُ يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس عائذ اللَّه، عن أبي الدّرداء، فذكر مثله.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن أبي عاصم في السنة (321)، الفريابي في القدر (201)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (2/ 696)، وابن ماجه (3376) إلّا أنّ الأخير اقتصر على قوله:"لا يدخل الجنّةَ مُدمنُ خمر".
وإسناده حسن من أجل الكلام في سليمان بن عتبة غير أنّه حسن الحديث.
• عن عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمنُ عبد حتّى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه، بعثني بالحق، ويؤمن بالموت، ويؤمن بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر".
صحيح: رواه الترمذيّ (2145) عن محمود بن غيلان، حدّثنا أبو داود، أنبأنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن علي، فذكر مثله.
وأبو داود هو الطّيالسيّ والحديث في مسنده (106).
ورواه ابن ماجه (81) من وجه آخر عن شريك، عن منصور، بإسناده مثله.
وشريك هو ابن عبد اللَّه النّخعيّ تُكُلِّم في حفظه إلّا أنّه توبع، تابعه شعبة كما مضى، ولكن أصحاب شعبة اختلفوا عليه، فرواه أبو داود الطيالسي عنه كما مضى. ورواه النّضر بن شُميل عنه نحوه إلّا أنه قال: ربعي، عن رجل، عن علي.
قال الترمذيّ: حديث أبي الدّرداء، عن شعبة عندي أصح من حديث النّضر هكذا روى غير واحد عن منصور، عن ربعي، عن علي. انتهى.
قلت: وهو كما قال، فقد رواه أيضًا سفيان، عن منصور، به، نحوه.
رواه ابن حبان في صحيحه (178)، والحاكم (1/ 32 - 33) كلاهما من طريق محمد بن كثير، عن سفيان، به.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، وقد قصر بروايته بعض أصحاب الثوريّ. وهذا عندنا مما لا يعبأ به".
وكذلك رواه أيضًا جرير، عن منصور، ومن طريقه رواه الحاكم وقال:"جرير من أعرف النّاس بحديث منصور".
وخالفهم أبو حذيفة، فرواه عن سفيان، وأدخل بين ربعي وبين عليٍّ رجلًا.
قال الحاكم: "أبو حذيفة موسى بن مسعود النّهدي، وإن كان البخاريّ يحتجّ به، فإنّه كثير الوهم، لا يحكم له على أبي عاصم النّبيل ومحمد بن كثير وأقرانهم، بل يلزم الخطأ إذا خالفهم، والدّليل على ما ذكرته متابعة جرير بن عبد الحميد الثوريّ في روايته عن منصور، عن ربعي، عن علي. وجرير من أعرف النّاس بحديث منصور".
• عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمنُ المرأُ حتّى يؤمن بالقدر خيره وشرّه".
حسن: رواه الإمام أحمد (6703) عن أنس بن عياض، حدّثنا أبو حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فذكر مثله.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(134) عن يعقوب بن حُميد، ثنا ابن أبي حازم وأنس بن عياض، عن أبي حازم، فذكر بإسناده، مثله.
ورواه الفريابي في القدر (203، 204)، والبيهقي في القضاء والقدر (2/ 421) من طرق عن أبي حازم، بإسناده، مثله.
وللحديث طرق أخرى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه غير أن ما ذكرته هو أصحها.
وفي الباب عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: "ما هلكتْ أمَّةٌ قطّ إلّا بالشِّرك باللَّه، وما كان بدؤ شركها إلّا التكذيب بالقدر".
رواه ابنُ أبي عاصم في السنة (322)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (2/ 683) كلاهما من حديث محمد بن شعيب بن شابور، قال: أخبرني عمر بن يزيد البصريّ، عن عمرو بن المهاجر، عن عمر بن عبد العزيز، عن يحيى بن القاسم بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص بن وائل السّهميّ، عن أبيه، عن جدّه، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.
ويحيى بن القاسم وأبوه لا يعرفان، وإن ذكرهما ابن حبان في الثقات على قاعدته في توثيق المجاهيل.
وعمر بن يزيد البصريّ أو النّصريّ قال فيه ابن حبان في المجروحين (644): "كان ممن يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به على الإطلاق، وإن اعتُبر بما وافق الثقات فلا ضير".
قلت: ولم أجد فيما رواه موافقة الثّقات له.
ولا يصحُّ ما رُوي عن أبي أمامة مرفوعًا: "ثلاثة لا يقبل اللَّه لهم صرفًا ولا عدْلًا: عاق، منّان، ومُكذِّب بالقدر".
رواه ابن أبي عاصم في السنة (323)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (2/ 699)، والطبراني في