الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالذي يظهر أن عبد اللَّه بن مسعود كان يروي هذا الجزء من الحديث موقوفًا، ولكن له حكم الرفع؛ لأنه يذكر بعده كيفية خلق الآدمي في بطن أمّه كما في صحيح مسلم، ومنهم من اقتصر على هذا الجزء.
وفي الباب أيضًا عن عقبة بن عامر الجهنيّ، قال: كنّا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فنام عن الصّح حتّ طلعت الشّمس، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلّاها، ثم مضى بقية يومه وليلته، فأصبح بتبوك فخطبنا فكان في خطبته:"الشّقيُّ من شقي في بطن أمّه، والسّعيد من وُعظ بغيره".
رواه اللالكائيّ في "أصول الاعتقاد"(1058) من طريق عبد العزيز بن عمران، قال: عبد اللَّه بن مصعب بن جميل بن منظور، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، فذكره.
وعبد العزيز بن عمران تكلم فيه أهل العلم منهم: ابن معين، والبخاريّ، والنسائيّ، وابن حبان، وأبو حاتم، والدّارقطنيّ وغيرهم. وفي التقريب:"متروك، احترقتْ كتبه، فحدَّث من حفظه، فاشتدَّ غلطه، وكان عارفًا بالأنساب".
وعن ابن عمر مرفوعًا: "الشّقي من شقي في بطْن أمِّه".
رواه الخطيب في تاريخه (5/ 350) من طريق محمد بن شجاع الثّلجيّ أبي عبد اللَّه، حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا شريك، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ومحمّد بن شجاع البغداديّ القاضي الثَّلْجيّ رُمي بالوضع، قال ابن عدي:"كان يضع الحديث في التشبيه، وينسبه إلى أصحاب الحديث ليثَلِّبهم به. . .، فلا يجب أن يشتغل به، لأنّه ليس من أهل الرّواية، حمله التّعصب على أن يضع أحاديث يُثلب أهل الأثر بذلك". "الكامل"(6/ 2292 - 2293)، ونقل الخطيب في تاريخه عن أحمد والسّاجي وأبي الفتح تضعيفهم له.
10 - باب ما جاء في كتابة مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لما قضى اللَّه الخلق، كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش، إنّ رحمتي غلبتْ غضبي".
متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (3194)، ومسلم في التوبة (2751) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا المغيرة بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن عمران بن حصين، قال: دخلتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (فذكر الحديث) وقال فيه: قالوا: إنّا جئناك نسألك عن هذا الأمر؟ قال: "كان اللَّه عز وجل ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذِّكر كلّ شيء، وخلق السماوات والأرض".
صحيح: رواه البخاريّ في بدء الخلق (3191) عن عمر بن حفص بن غياث، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، حدّثنا جامع بن شدّاد، عن صفوان بن محرز، أنّه حدّثه عن عمران بن حُصين،
فذكر الحديث.
وذُكر الحديث كاملًا في الإيمان باللَّه "كان اللَّه ولم يكن قبله شيء، وكان عرشه على الماء".
• عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب اللَّه مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء".
صحيح: رواه مسلم في القدر (2653) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد اللَّه بن عمرو بن سرْح، حدّثنا ابن وهب، أخبرني أبو هانئ الخولانيّ، عن أبي عبد الرحمن الحبُليّ، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فذكره.
• عن النّعمان بن بشير، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ اللَّه كتب كتابًا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليالٍ فيقربها شيطان".
حسن: رواه الترمذيّ (2882) عن محمد بن بشّار، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدّثنا حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن الجرمي، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الجرمي، عن النّعمان بن بشير، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكره.
وصحّحه ابن حبان (782)، والحاكم (1/ 562، 2/ 260) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، بإسناده، مثله، إلا أنّ ابن حبان لم يذكر كتابة المقادير قبل خلق السماوات والأرض بألفي عام.
قال الحاكم في الموضع الأوّل: "صحيح الإسناد".
وقال في الموضع الثاني: "صحيح على شرط مسلم".
وفي الموضع الثاني وقع الوهم منه رحمه الله، فإنّ أشعث بن عبد الرحمن الجرمي ليس من رجال مسلم، وإنّما روى له أبو داود، والترمذيّ، والنّسائيّ، وهو "صدوق". كما قال الحافظ في التقريب.
وقال الترمذيّ: "حسن غريب".
قلت: وهو كما قال، فإنّ إسناده حسن من أجل أشعث بن عبد الرحمن الجرميّ.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (18414)، والفريابيّ في القدر (88)، والدّارميّ في السنن (3430) وغيرهم.
ولكن رواه الطبرانيّ في الكبير (7146) من هذا الطريق وجعله من رواية أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن شدّاد بن أوس، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.
وهذا الحديث يخالف ما ثبت في صحيح مسلم: "بخمسين ألف سنة". ولا يمكن الجمع بينهما إلّا بتكلّف؛ ولذا قال البغويّ في "شرحه"(1201): "غريب".