الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الطبراني في "الأوسط" عقب الحديث: "لم يرو هذا الحديث عن شبيب إلا حريز بن عثمان".
قلت: وشبيب هو ابن نعيم أبو روح، ويقال: ابن أبي روح؛ قال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: "شيوخ حريز بن عثمان كلّهم ثقات"، وذكره ابن حبان في الثقات (4/ 359). لكن ذكره الحافظ في "تهذيبه" فقال:"نقل ابن القطّان عن ابن الجارود قال: قال محمد بن يحيى الذُّهليّ: هذا شعبة وعبد الملك بن عمير في جلالتهما يرويان عن شبيب أبي روح. قال ابن القطّان: شبيب رجل لا تعرف له عدالة. انتهى كلام ابن القطّان. قال الحافظ: وإنّما أراد الذهليّ برواية شعبة عنه أنه روى حديثه لا أنه روى عنه مشافهة، إذ رواية شعبة إنما هي عن عبد الملك عنه، وذكره ابن قانع في الصحابة وساق له حديثًا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأخرج أحمد الحديث في "مسنده" من رواية شعبة، عن عبد الملك، عن شبيب، عن رجل له صحبة، وهو الصّواب". انتهى كلام الحافظ في التهذيب.
فإن صحّتْ هذه الزّيادة فمعناها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى -وقد سئل عن هذا الحديث-: "فقوله: "من اليمن" يبين مقصود الحديث، فإنه ليس لليمن اختصاص بصفات اللَّه تعالى حتى يظن ذلك، ولكن منها جاء الذين يحبّهم ويحبّونه الذين قال فيهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]. وقد روي أنه لما نزلت هذه الآية: سئل عن هؤلاء، فذكر أنهم قومُ أبي موسى الأشعري، وجاءت الأحاديث الصحيحة مثل قوله: "أتاكم أهل اليمن أرق قلوبًا، وألين أفئدة، الإيمان يماني، والحكمة يمانية" وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الرّدة، وفتحوا الأمصار، فبهم نفّس الرحمن عن المؤمنين الكربات، ومن خصَّص ذلك بأويس القرني فقد أبعده" انتهى. انظر: فتاواه (6/
398).
34 -
باب ما جاء أنّ الإيمان في أهل الحجاز
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "غِلَظُ القلوب والجفاء في الشّرق، والإيمان في أهل الحجاز".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (53) عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد اللَّه بن الحارث المخزوميّ، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
35 - باب حسن إسلام المرء
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكلّ سيئة يعملها تكتب له بمثلها".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (42)، ومسلم في الإيمان (129) كلاهما من حديث عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ من حسن إسلام المرء تركَه ما لا يعنيه".
حسن: رواه الترمذيّ (2317)، وابن ماجه (3976)، وابن حبان في صحيحه (229) كلّهم من طريق الأوزاعيّ، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
قال الترمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلّا من هذا الوجه".
قلت: إسناده حسن من أجل قرّة بن عبد الرحمن فإنّ أكثر أهل العلم على تضعيفه وقالوا: في حديثه نكارة، ولكن قال ابن عدي -بعد أن روى الحديث المذكور من طريق الأوزاعيّ-:"قد رُوي عن الأوزاعيّ، عن قرة، عن الزهري بضعة عشر حديثًا، ولقرّة أحاديث صالحة يرويها عنه رشدين، وسويد بن عبد العزيز، وابن وهب، والأوزاعيّ، وغيرهم، وجملة حديثه عند هؤلاء ولم أرَ في حديثه حديثًا منكرًا جدًّا فأذكره، وأرجو أنه لا بأس به" انتهى.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج حديثه في صحيحه، وقال العجلي:"يكتب حديثه".
قلت: هذا الذي قاله ابن عدي ظاهر في هذا الحديث -أي ليس فيه نكارة- بل الأحاديث الصحيحة تشهد له بمعناه.
وقد نقل الحافظ المزي في ترجمة أبي داود صاحب السنن أنه قال: "كتبت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خمس مائة ألف حديث، انتخبتُ منها ما ضمنته هذا الكتاب -يعني كتاب السنن- جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث، ذكرت الصّحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث. . ." فذكرها منها هذا الحديث.
• عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا أسلم العبد فحسُن إسلامه، كتب اللَّه له كل حسنةٍ كان أزْلفها، ومحيتْ عنه كل سيئة كان أزْلفها، ثم كان بعد ذلك القصاصُ. الحسنةُ بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز اللَّه عز وجل عنها".
صحيح: رواه النسائي (4998) عن أحمد بن المعلَّى بن زيد، قال: حدثنا صفوان بن صالح، قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري فذكر مثله.
وذكره البخاري في الإيمان (41) معلقا عن مالك، ولم يسنده في موضع آخر، إلا أنه أسقط قوله:"كتب اللَّه له كل حسنة كان أزلفها" لأنه مشكل على القواعد، لأن الكافر لا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في كفره وشركه لأن من شرط التقرب أن يكون عارفا لمن يتقرب إليه، والكافر ليس كذلك، ذكره المازري وغيره، وتابعه القاضي عياض على تقرير هذا الإشكال، ورده النووي فقال: الصواب الذي عليه المحققون -بل نقل بعضهم فيه الإجماع- أن الكافر إذا فعل أفعالًا جميلة كالصدقة، وصلة الرحم، ثم أسلم، ومات على الإسلام أن ثواب ذلك يكتب له، وأما