الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [سورة آل عمران: 190، 191]، وقد ذمّ اللَّه سبحانه وتعالى الذين لا يتفكّرون في خلقه تعالى {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [سورة غافر: 21].
وجاء النّهي عن التفكير في ذات اللَّه تعالى في حديث صحيح كما سيأتي.
5 - باب ما جاء من الدّعوة إلى توحيد الإلهية
قال اللَّه تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [سورة النساء: 36].
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 21].
وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات: 56].
وغيرها من الآيات وهي كثيرة في كتاب اللَّه؛ لأنّ دعوة الأنبياء عليهم السلام كانت لتوحيد الإلهية.
قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه اللَّه تعالى: "إنّ عامة المتكلمين الذين يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع: فيقولون: هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث وهو توحيد الأفعال، وهو أن خالق العالم واحد، وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها، ويظنّون أن هذا هو التوحيد المطلوب، وأنّ هذا هو معنى قولنا: لا إله إلا اللَّه حتى يجعلوا معنى الإلهية القدرة على الاختراع، ومعلوم أنّ المشركين من العرب الذين بُعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم أَولًا لم يكونوا يخالفونه في هذا، بل كانوا يقرّون بأنّ اللَّه خالقُ كلِّ شيء، حتّى إنّهم كانوا يقرّون بالقدر أيضًا وهم مع هذا مشركون". انظر: مجموع الفتاوى" (3/ 98).
أحاديث هذا الباب كثيرة ستُذكر في مواضعها، وهنا أكتفي بذكر بعضها.
• عن ابن عباس أنّ معاذًا قال: بعثني رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقال:"إنّك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادُعهم إلى شهادة أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّي رسولُ اللَّه، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ اللَّه افترض عليهم خمس صلوات في كلّ يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ اللَّه افترض عليهم ضدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردُّ في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإيّاك وكرائمَ أموالهم، واتقِ دعوةَ المظلوم فإنه ليس بينها وبين اللَّه حجاب".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزّكاة (1496)، ومسلم في الإيمان (19) كلاهما من طريق
زكريا بن إسحاق، عن يحيى بن عبد اللَّه بن صيفيّ، عن أبي معبد مولى ابن عباس، عن ابن عباس، فذكره، ولفظهما سواء.
ورواه البخاريّ (7372) عن عبد اللَّه بن أبي الأسود، حدثنا الفضل بن العلاء، ثنا إسماعيل بن أمية، عن يحيى بن عبد اللَّه بن صيفي، أنه سمع أبا معبد يقول: سمعتُ ابن عباس يقول: لما بعث النّبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذًا نحو اليمن قال له: "إنّك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أوّل ما تدعوهم إلى أن يوحّدوا اللَّه تعالى" ثم ذكر بقية الحديث مثله.
وفي رواية عندهما البخاريّ (1458): "فليكن أوّل ما تدعوهم إليه عبادة اللَّه عز وجل، فإذا عرفوا اللَّه. . . . ".
أخرجاه عن شيخ واحد، وهو أميّة بن بِسْطام العيشيّ، عن يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن إسماعيل بن أمية، بإسناده مثله.
• عن طارق بن أشيم الأشجعيّ، قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال: لا إله إلا اللَّه، وكفر بما يُعبد من دون اللَّه، حرُم ماله، ودمُه، وحسابُه على اللَّه".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (23) من طرق عن مروان بن معاوية الفزاريّ وغيره، عن أبي مالك سعد بن طارق الأشجعيّ، عن أبيه طارق بن أشيم الأشجعيّ، فذكره.
• عن زيد بن سلّام، أنّ أبا سلّام حدّثه، أنّ الحارث الأشعريَّ حدّثه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ اللَّه أمر يحيى بن زكريا بخمس كلماتٍ أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كادَ أن يُبْطئ بها، قال عيسى: إنّ اللَّه أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإمّا أن تأمرَهُم وإمّا أنْ آمرَهُم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتَني بها أن يُخسفَ بي أو أُعذّب، فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ المسجدُ وتَعدَّوا على الشُّرَف، فقال: إنّ اللَّه أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن.
أوَّلُهن: أن تعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئًا، وإنَّ مَثَلَ مَنْ أشرك باللَّه كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال: هذه داري وهذا عملي، فاعمل وأدِّ إليَّ، فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيِّدِه، فأيُّكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ .
وإنّ اللَّه أمَرَكم بالصّلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإنّ اللَّه يَنْصِبُ وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفتْ.
وآمركم بالصِّيام، فإنَّ مَثَلَ ذلك كمثل رجل في عصابة معه صُرَّةٌ فيها مِسْك، فكلُّهم