الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النّاس بصعقون يوم القيامة فأكون أوَّلَ من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بصعقة الأولى".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الخصومات (3412) عن موسى بن إسماعيل، حدّثنا وُهيب، حدثنا عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، فذكر مثله.
وفي الحديث قصة الخصومة بين المسلم واليهودي، وستأتي في موضعه.
ورواه الشيخان - البخاريّ (3398)، ومسلم في الفضائل (2374) كلاهما من حديث سفيان، عن عمرو بن يحيى بإسناده وليس فيه ذكر لقوائم العرش.
قال العلماء: إنّما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم تواضعًا إن كان قاله قبل أن أعلم أنه أفضل الخلق، وإن كان قاله قبل علمه بذلك فلا إشكال. وإلّا فقد ثبت بالكتاب والسَّنة بأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، وإنّ اللَّه تبارك وتعالى فضّل بعض الرسل على البعض كما قال تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [سورة البقرة: 253] ".
10 - باب أشد الناس عذابا يوم القيامة من قتله نبيٌّ، أو قتل نبيا
• عن عبد اللَّه بن مسعود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي، أو قتل نبيا، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين".
حسن: رواه أحمد (3868)، والبزار كشف الأستار (1603) كلاهما من طريق عبد الصمد، عن أبان بن يزيد، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه (هو ابن مسعود) فذكره.
قال البزّار: لا نعلم أسنده عن أبي وائل غير أبان.
قلت: لا يضر تفرد أبان بن يزيد فإنه ثقة من رجال الصحيحين.
وإسناده حسن من أجل عاصم هو ابن أبي النجود فإنه حسن الحديث.
وذكر الدارقطني في العلل (5/ 304 - 305) هذا الحديث من طرق مدارها على أبي إسحاق السبيعي، وأعلَّها بالوقف، ولكن ليس في إسناد أحمد والبزار ذكر أبي إسحاق. واللَّه أعلم.
وقوله: "من الممثلين" أي مصور، يقال: مثّلت -بالتثقيل، والتخفيف- إذا صورت مثالا، والتمثال الاسم منه. قاله ابن الأثير في النهاية.
11 - باب عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن اللَّه سبحانه وتعالى
قال اللَّه تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [سورة البقرة: 136].
الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام معصومون فيما يخبرون عن اللَّه سبحانه وتعالى، وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمّة، ولهذا وجب الإيمان بكل ما أتوه.
وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: 285].
والأنبياء معصومون من الإقرار على المعصية، وإن وقع منهم ذلك سارعوا إلى التوبة ولا يؤخِّرونها، ولذلك لم يذكر في القرآن شيئًا من ذلك عن نبيٍّ من الأنبياء إِلَّا مقرونًا بالتوبة والاستغفار، كقول آدم وزوجته:{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة الأعراف: 23]، وقول نوح:{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة هود: 47]، وقول الخليل عليه السلام:{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [سورة الشعراء: 82]، وقول موسى:{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} [سورة القصص: 16]، وقوله:{فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأعراف: 143]، وقوله تعالى عن داود:{وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [سورة ص: 34]، وقوله تعالى عن سليمان {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [سورة ص: 35].
• عن عبد اللَّه بن عمرو، قال:"كنتُ أكتبُ كلَّ شيءٍ أسمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أريدُ حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: لا تكتبْ كلَّ شيءٍ تسمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بشر يتكلّم في الغضب والرِّضا، فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأومأ بإصبعه إلى فيه، فقال: "اكتبْ، فوالذي نفسي بيده ما يخرجُ منه إِلَّا حقّ".
صحيح: رواه أبو داود (3446) عن مسدّد وأبي بكر بن أبي شيبة، قالا: حدثنا يحيى، عن عبيد اللَّه بن الأخنس، عن الوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث، عن يوسف بن ماهك، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال (فذكره).
قال أبو داود: حدّثنا مؤمّل بن الفضل، حدّثنا الوليد، قال: قلت لأبي عمرو.
وإسناده صحيح، ويحيى هو ابن سعيد القطّان، وعنه رواه الإمام أحمد (6510)، والحاكم (1/ 105 - 106) وقال:"رواة هذا الحديث قد احتجّا بهم عن آخرهم غير الوليد هذا، وأظنه الوليد بن أبي الوليد الشّاميّ، فإنّه الوليد بن عبد اللَّه، وقد غلبت على أبيه الكنية، فإن كان كذلك فقد احتجّ به مسلم" انتهى.
وقال الذّهبيّ في "تلخيصه": "إنّ كان الوليد هو ابن أبي الوليد الشّامي فهو على شرط مسلم".
قلت: كذا قالا، والصّحيح أنه الوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث العبدريّ مولاهم المكيّ كما ساق نسبه أبو داود، ومن روانه. ورواه ابن ماجه غير أنه ثقة، وثّقه ابنُ معين وغيره.
وأمّا الوليد بن أبي الوليد الشّاميّ فلا يوجد من يسمّي بهذا الاسم فضلا عن أن يكون من رواة مسلم، والذي روى له مسلم هو الوليد بن أبي الوليد المدني لا الشّاميّ كما قال الحاكم، إِلَّا أن يكون أحد الرواة نسبه إلى الشّام خطأ، واسم أبيه عثمان لا عبد اللَّه.
• عن طلحة بن عبيد اللَّه التيميّ قال: "مررتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقوم على رؤوس النَّخل، فقال: "ما يصنعُ هؤلاء؟ ". فقالوا: يلقِّحونه، يجعلون الذَّكرَ في الأنثى فيتلقح. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما أظنُّ يُغني ذلك شيئًا". قال: فأُخبروا بذلك فتركوه. فأُخبر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: "إن كان ينفعهم ذلك فلْيصنعوه. فإنّي إنّما ظننتُ ظنًّا فلا تُؤاخذوني بالظّن. ولكنْ إذا حدّثْتكم عن اللَّه شيئًا، فخذوا به. فإنّي لنْ أكذبَ على اللَّه عز وجل".
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2361) من طرق عن أبي عوانة، عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال (فذكره).
• عن رافع بن خديج، قال:"قدم نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة. وهمْ يَأْبِرون النَّخْل. يقولون: يلقِّحون النّخل. فقال: "ما تصنعون؟ ". قالوا: كنّا نصنعُه. قال: "لعلّكم لو لم تفعلوا كان خيرًا". فتركوه. فنفضت أو فنقصت. قال: فذكروا ذلك له فقال: "إنّما أنا بشرٌ، إذا أمرْتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيٍ، فإنّما أنا بشر". قال عكرمة: أو نحو هذا. قال المَعْقِريّ: فتفضت ولم يشك.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2362) من طرق عن النّضر بن محمد: حدّثنا عكرمة (وهو ابن عمّار): حدثنا أبو النجاشيّ: حدّثني رافع بن خديج، فذكره.
• عن عائشة، وعن أنس:"أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ بقوم يُلقِّحون فقال: "لو لم تفعلوا لَصُلح". قال: فخرج شيصًا، فمرّ بهم، فقال: "ما لنخلكم؟ ". قالوا: قلت كذا وكذا. قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2362) من طرق عن الأسود بن عامر: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعن ثابت عن أنس، فذكراه.
وقوله: "فخرج شيصًا" هو البسر الرديء الذي إذا يبس صار حشفًا.