الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن طريق يحيى رواه أيضًا البخاريّ (1196) فظهر منه أنّ الشّك من مالك.
ولكن رواه ابن أبي عاصم في السنة (731) من طريقين عن أبي أسامة وابن نمير كلاهما عن عبيد اللَّه بن عمر بإسناده، وكذا في بعض نسخ الموطأ: فقالوا: "ما بين قبري" بدلًا من "بيتي". مع أنّ مسلمًا رواه أيضًا من طريق ابن نمير ولم يذكر فيه "قبري".
وأمّا البخاريّ فرواه من طريق يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه، وكذلك مسلم ولم يذكرا "قبري". ولكن بّوب عليه البخاريّ بقوله:"باب فضل ما بين القبر والمنبر". وكذلك بوّب النّووي في صحيح مسلم، فلعلّ ذلك باعتبار ما صار إليه الأمر؛ لأنّ القبرَ صار في البيت.
وأمّا ذكر القبر في الحديث المرفوع فهو شاذ؛ لأنّ القبر لم يكن موجودًا ولا معروفًا عندما نطق به النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث. فلا يُعقل أنّ يحدّد لهم الرّوضة الشّريفة بما بين المنبر المعروف والقبر غير المعروف، إلّا أنّ يقال: إنّ بعض الرّواة رووه بالمعني باعتبار ما صار إليه القبر.
وأما قوله: "منبري على حوضي". فقال الزّرقاني: "يُنقل المنبر الذي قال عليه هذه المقالة يوم القيامة فينصب على حوضه".
27 - باب ما جاء أنّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا
• عن سهل بن سعد، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ لكلّ قوم فَرَطًا، وإنّي فرطُكم على الحوض، فمن ورد عليَّ الحوض فشرب لم يظمأ، ومن لم يظما دخل الجنّة".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (6/ 168) عن عبدان بن أحمد، ثنا دُحيم، ثنا ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في موسى بن يعقوب، فقد ضعفه النسائيّ، وابن المدينيّ، ووثّقه ابن معين. وقال أبو داود: صالح، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 758)، ووثّقه ابن القطّان، وذكره ابن عدي في "الكامل"(6/ 2341)، وأخرج له عدّة أحاديث ليس منها الحديث المذكور، وقال:"ولموسى بن يعقوب غير ما ذكرت من الأحاديث أحاديث حسان، يروي عنه ابن أبي فديك، وخالد بن مخلد، وهو عندي لا بأس به وبرواياته".
أي أنّ ابن عدي لم يجد له حديثًا منكرًا، بل الأحاديث التي ذكرها وما لم يذكرها حكم عليها بالحسان، وأرجو أن يكون الحديث المذكور أيضًا من الحسان إلّا قوله:"ومن لم يظمأْ دخل الجنّة" فإني لم أجد له شاهدًا.
ورُوي عن سمرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ لكلّ نبيٍّ حوضًا، وإنّهم يتباهون أيُّهم أكثر واردةً، وإنّي أرجو أن أكون أكثرهم واردةً".
رواه الترمذيّ (2443) عن أحمد بن محمد بن علي بن نَيْزك، حدّثنا محمد بن بكّار الدّمشقيّ،
حدّثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، فذكره.
قال الترمذيّ: هذا حديث غريب، وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مُرسلًا، ولم يذكر فيه: عن سمرة وهو أصح".
قلت: وهو كما قال، وفيه من العلل:
الأولى: الإرسال، وهو الصحيح.
والثانية: عنعنة الحسن البصريّ وهو مدلّس، وسماعه من سمرة مختلف فيه، والرّاجح عندي أنه سمع منه مطلقًا.
والثالثة: فيه سعيد بن بشير وهو الأزدي، ضعيف عند جمهور أهل العلم.
وقد رُوي عن سمرة من وجه آخر أضعف من هذا، وهو ما رواه الطبراني في "الكبير"(7/ 312) عن موسى بن هارون، ثنا مروان بن جعفر السمري، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا جعفر بن سعد، خُبيب بن سليمان، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ الأنبياء يتباهون أيّهم أكثر أصحابًا من أمته، فأرجو أن أكون يومئذ أكثرهم كلّهم واردة، فإنّه كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملآن معه عصا يدعو من عرف من أمّته، ولكل أمّة سيما يعرفهم بها نبيُّهم".
وفيه سلسلة من الضّعفاء، جعفر بن سعد ضعيف، خبيب بن سليمان مجهول، وأبوه سليمان بن سمرة لم يوثقه غير ابن حبان فهو "مقبول" إذا توبع وإلّا فلين الحديث.
ولذا قال الحافظ ابن حجر بعد أنّ نقل قول الترمذيّ: "والمرسل أخرجه ابن أبي الدّنيا بسند صحيح عن الحسن، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ لكل نبيّ حوضًا وهو قائم على حوضه، بيده عصا يدعو من عرف من أمّته، ألا إنهم يتباهون أيّهم أكثر تبعًا، وإنّي لأرجو أنّ أكون أكثرهم تبعًا".
وأخرجه الطبرانيّ من وجه آخر عن سمرة موصولًا مرفوعًا، مثله، وفي سنده لين". انظر:"الفتح"(11/ 467).
وأمّا قول الهيثميّ في "المجمع"(10/ 363): "رواه الطبراني وفيه مروان بن جعفر السمريّ وثقه ابن أبي حاتم، وقال الأزديّ: يتكلّمون فيه، وبقية رجاله ثقات". فهو ليس كما قال، بل فيه من هو أضعفُ من السمري، والتّعليل بهم أولى.
وفي الباب عن أبي سعيد، وابن عباس وغيرهما، وفي أسانيدهم مَنْ لا يُحمدون إلّا أنّها بمجموعها تشهد لحديث سهل بن سعد، فيكون اختصاص نبيّنا صلى الله عليه وسلم بالكوثر الذي يَصُب على الحوض، وهو خاص بالنبيّ صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيه غيره، وبه امتنّ اللَّه تبارك وتعالى في قوله:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} .
وأمّا ما ذكره أبو محمد البربهاريّ في "شرح السنة"(19): "ولكلّ نبيّ حوض إلّا صالح النبيّ فإنّ حوضه ضرع ناقته". فهو موضوع.
رواه العقيليّ في الضعفاء الكبير (3/ 64)، وعنه ابن الجوزيّ في "الموضوعات"(3/ 564) من طريق عبد الكريم بن كيسان، عن سويد بن عُمير، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حوضي أشرب منه يوم القيامة ومن اتبعني من الأنبياء، ويبعث اللَّه ناقة ثمود لصالح فيحلبها فيشربها، والذين آمنوا معه حتى يوافوا بها الموقف معه، ولها رُغاء". فذكر الحديث بطوله.
قال العقيليّ: عبد الكريم بن كيسان مجهول بالنّقل، حديثه غير محفوظ.
وقال ابن الجوزيّ: هذا حديث موضوع لا أصل له.
وقال الذهبيّ في "الميزان"(2/ 645) بعد ما أورد الحديث: "إنّه موضوع".
قلتُ: وللحديث طرق أخرى لا تخلو من ضعيف أو مبهم أو مجهول.
وسويد بن عمير وقد سُمّي أبوه عامرًا، مختلف في صحبته، ذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في الفصل الرّابع، وأنه تابعي صغير، وأنه لا صحبة له، وحديثه مرسل.
• * *