الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبدًا. . .". فذكر من فضائل علي، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى. . . . ".
وفيه أبو بَلْج وهو يحيى بن أبي سليم الفزاريّ مختلف فيه فوثّقه يحيى بن معين وغيره، وقال البخاريّ:"فيه نظره" وقال أحمد: "روى حديثًا منكرًا". أظنه هذا، وأعدل الأقوال فيه ما قاله ابن حبان في "المجروحين" (1195):"كان ممن يخطئ، لم يفحش خطؤه حتى استحقّ التّرك، ولا أتي منه ما ينفك منه البشر، فيسلك به مسلك العدول، فأرى لا يحتج بما انفرد من الرواية فقط، وهو ممن أستخير اللَّه فيه".
قلت: وهذا الحديث الذي أمامنا هو مما انفرد به، فإنه أتي فيه بما لا يتابع عليه، وإن كان لبعض فقراته شواهد صحيحة.
قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة"(5/ 34 - 35) بعد أن ساق الحديث: "وفيه ألفاظ هي كذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . ". وأطال الرّد على بعض فقراته.
وأما الحاكم (3/ 132 - 133) فقال بعد أن ساق الحديث بكامله من طريق الإمام أحمد: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السّياقة". فهو نظر إلى رجال الإسناد، لا إلى متن الحديث.
11 - باب ما جاء في خاتم النّبوة وصفته
• عن السّائب بن يزيد يقول: ذهبتْ بي خالتي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، إنّ ابن أخي وَجِعٌ، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضّأ فشربت من وَضوئه، ثم قمتُ خلْف ظهره فنظرتُ إلى خاتمه بين كتفيه كزِرّ الحَجَلة.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الوضوء (190، 3541)، ومسلم في الفضائل (2345) كلاهما من طريق حاتم بن إسماعيل، عن الجعد بن عبد الرحمن، قال: سمعتُ السائب بن يزيد، فذكر مثله.
قال القرطبيّ: "وقوله: "زِرّ الحجلة" الرواية المعروفة فيه: زرّ -بتقديم الزّاي- قال أبو الفرج ابن الجوزيّ: الحجلة بيت كالقبة بستر بالثياب، ويجعل له باب من جنسه، فيه زرٌّ وعروة. تشدّ إذا أغلق. وقال القاضي أبو الفضل: الزرّ: الذي يعقد به النساء عُرى أحجالهن كأزرار القميص. والحجلة هنا: واحدة الحجال، وهي ستور ذات سُجوف. وقال غيره: الحجلة: هي الطّائر المعروف، وزرُّها: بيضتها. كما قال جابر: بيضة الحمام.
قلت -أي القرطبي-: والأول أشهر في الزرّ، والثاني: أشبه بالمعنى". "المفهم" (6/ 136).
• عن جابر بن سمرة، قال: رأيتُ خاتمًا في ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كأنّه بيضة حمام. وفي رواية: عند كتفه.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2344) عن محمد بن المثنى، حدّثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك، قال: سمعت جابر بن سمرة، فذكر مثله.
ورواه الترمذيّ (3144) من وجه آخر عن أيوب بن جابر، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، قال: كان خاتمُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعني الذي بين كتفيه- غدّة حمراء مثل بيضة الحمام.
وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
وأمّا ما وقع في صحيح ابن حبان (6297): مثل بيضة النّعامة يشبه جسده. فهو غلط؛ لأنّه روى في الصحيح: مثل بيضة الحمامة. وهو الصّواب.
وقوله: "يشبه جسده". معناه لونه لون جسده.
• عن عبد اللَّه بن سرْجِس قال: رأيت النبيّ وأكلتُ معه خبزًا ولحمًا. أو قال: ثريدًا. قال: فقلتُ له: أستغفر لك النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. ولك ثم تلا هذه الآية: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [سورة محمد: 19]. قال: ثم درتُ خلفه، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغِض كتفه اليُسرى. جُمْعًا عليه خِيلانٌ كأمثال الثآليل.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2346) من طرق عن عاصم الأحول، عن عبد اللَّه بن سَرْجس، فذكر مثله.
وقوله: "ناغض كتفه" وهو أعلى الكتف.
وقوله: "جُمعًا" معناه أنه كجمع الكف، وهو صورته، بعد أن تجمع الأصابع وتضمها.
قوله: "خيلان" جمع خال، وهو الشّامة في الجسد.
وقوله: "الثآليل" جمع ثؤلول، وهي حبيبات تعلو الجسد.
قال القرطبيّ في "المفهم"(6/ 136) بعد أن ذكر بعض هذه الأحاديث: "هذه الألفاظ كلّها متقارية المعنى مفيدة، أنّ خاتم النّبوة كان نتوءًا قائمًا أحمر تحت كتفه الأيسر قدره إذا قُلِّل: بيضة الحمامة، وإذا كثّر: جمع اليد، وقد جاء في البخاريّ: كان بَضْعَةً ناشزةً أي: مرتفعة".
وقوله: وقد جاء في البخاريّ: كان بَضْعة ناشزة، وهم منه رحمه اللَّه تعالى فإني لم أجد هذه اللّفظة في صحيح البخاريّ، وإنّما هي في شمائل الترمذيّ كما سيأتي في حديث أبي نَضْرة العوقيّ عن أبي سعيد الخدريّ.
• عن قرّة بن إياس، قال: أتيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في رهطٍ من مُزينة، فبايعناه، وإنّ قميصه لمطلق الأزرار. قال: فبايعتُه ثم أدخلتُ يدي في جيب قميصه فمستُ الخاتم.
قال عروة: فما رأيتُ معاوية بن قرّة بن مرّة ولا ابنه قط إلّا مطلقي أزرارهما قطّ في شتاء ولا حرٍّ، ولا يُزَرِّران أزرارهما أبدًا.
صحيح: رواه أبو داد (4082)، وابن ماجه (3578)، والترمذيّ في الشمائل (57) كلّهم من طريق زهير، حدّثنا عروة بن عبد اللَّه بن قشير أبو مهل الجعفيّ، قال: حدّثني معاوية بن قرّة، عن أبيه
(يعني قرّة بن إيّاس) قال: (فذكر مثله).
ومن هذا الطّريق رواه أيضًا أحمد (15581)، وصحّحه ابنُ حبان (5452).
ورجاله رجال الصّحيح غير عروة بن عبد اللَّه بن قشير فقد روى له أبو داود، وابن ماجه، ووثقه أبو زرعة وابن حبان وغيرهما.
ورواه أحمد (15582) عن روح، حدثنا قرة بن خالد، قال: سمعت معاوية بن قرة، يحدث عن أبيه قال: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن أدخل يدي في جربانه، وإنه ليدعو لي، فما منعه أن ألمسه أن دعا لي. قال:"فوجدت على نغض كتفه مثل السلعة". وإسناده صحيح. وقوله: "نغض كتفه" أي أعلى كتفه.
• عن أبي زيد عمرو بن أخطب الأنصاريّ، قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا أبا زيد ادنُ مني وامْسح ظَهْري". وكشف ظهره، فمسحتُ ظهره، وجعلتُ الخاتم بين أصابعي، قال: فغمزتُها. قال: فقيل: وما الخاتم؟ قال: شعر مجتمع على كتفه.
صحيح: رواه الإمام أحمد (22889)، وأبو يعلى (6841)، وعنه ابن حبان في صحيحه (6300)، والترمذيّ في "الشمائل"(19) كلّهم من طريق أبي عاصم النّبيل، حدّثنا عزرة بن ثابت، حدّثنا علباء بن أحمر اليشكريّ، حدّثنا أبو زيد، فذكره.
وإسناده صحيح ورجاله رجال الصّحيح، وأبو عاصم هو الضّحاك بن مخلد النّبيل.
ورواه أحمد (20732)، والطبراني (17/ 27) من وجهين آخرين عن عزرة بن ثابت، بإسناده مثله.
قال الهيثميّ في "المجمع"(8/ 281): "رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانيّ، وزاد في رواية عنده: رأيت الخاتم على ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هكذا بظهره كأنه بختم. وأحد أسانيده (أظن يقصد به أحمد) رجاله رجال الصحيح. أي هو الإسناد الأول.
• عن بريدة، قال: جاء سلمان إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"أبسْطوا". فنظر سلمان إلى الخاتم الذي على ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فآمن به.
حسن: رواه الإمام أحمد (22997)، والبزّار -كشف الأستار (2726) -، والطبرانيّ في الكبير (6070) كلّهم من طريق زيد بن الحباب، حدثني حسين بن واقد، حدثني عبد اللَّه بن بريدة، قال: سمعت بريدة، فذكر قصة إسلام سلمان مطوّلًا، وستأتي في موضعها.
ورواه الترمذيّ في الشمائل (20)، والحاكم (2/ 16) كلاهما من هذا الوجه. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
قلت: إسناده حسن من أجل حسين بن واقد المروزيّ فإنه "صدوق". وفي التقريب: "ثقة له أوهام". وأمّا قصة إسلام سلمان فروي بأسانيد بعضها أصحّ من بعض، وستأتي في موضعها.
ومنها ما رواه الإمام أحمد (23737) عن يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عاصم ابن عمر بن قتادة الأنصاريّ، عن محمود بن لبيد، عن عبد اللَّه بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسيّ حديثه من فيه. في حديث طويل، وجاء فيه: قال سلمان: "ثم جئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد، قال: وقد تبع جنازةً من أصحابه عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم استدرتُه عرف أنّي أسْتَثْبِتُ في شيءٍ وُصِفَ لي. قال: فألقى رداءه عن ظهره، فنظرتُ إلى الخاتم فعرفته فانكبت عليه أقبَّلُه وأبكي، فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تحوّل". فتحولتُ فقصصت عليه حديثي كما حدّثتُك يا ابن عباس. قال: فأعجبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابُه. . . . ".
وإسناده حسن؛ لأنّ محمّد بن إسحاق حسن الحديث إذا صرّح بالتحديث، وباقي رجاله ثقات.
• عن أبي نَضْرة العَوقيّ قال: سألتُ أبا سعيد الخدريّ عن خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: كان في ظهره بضعة ناشزة.
حسن: رواه الترمذيّ في الشّمائل (21) عن محمد بن بشّار، حدّثنا بشر بن الوضّاح، حدّثنا أبو عقيل الدَّورقيّ، عن أبي نَضْرة العوقي، فذكره.
وإسناده حسن من أجل بشر بن وضاح فإنّه حسن الحديث. قال الحافظ في التقريب: "صدوق".
وأبو نَضْرة العوقيّ -بفتح المهملة والواو ثم قاف هو المنذر بن مالك بن قُطعة - بضم القاف وفتح المهملة- مشهور بكنيته من رجال الصّحيح.
ورواه الإمام أحمد (11656) من وجه آخر بلفظ: لحم ناشز بين كتفيه. وفيه عبد اللَّه بن ميسرة ضعيف.
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 280): "رواه أحمد، وفيه عبد اللَّه بن ميسرة وثّقه ابنُ حبان وضعّفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات".
وقلت: وفيه شيخ عبد اللَّه بن ميسرة عتاب البكريّ لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 274) وعليه اعتمده الهيثميّ في توثيقه.
ولحم ناشز - أي مرتفع عن الجسم.
• عن رُميثة قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لو أشاء أن أُقبِّل الخاتم الذي بين كتفيه من قربي منه لفعلت- يقول: "اهتزّ عرش الرحمن تبارك وتعالى". يريد سعد ابن معاذ يوم توفي.
حسن: رواه الإمام أحمد (26793)، والترمذيّ في الشمائل (17)، والطبرانيّ في الكبير (24/ 267) كلّهم من طرق عن يوسف بن يعقوب الماجشون، عن أبيه، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جدّته رُميثة، فذكرت مثله.