الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد حكى عثمان بن سعيد الدَّارميّ اتفاق الصّحابة على أنّه لم يره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وليس قول ابن عباس: "إنّه رآه" مناقضًا لهذا، ولا قوله: "رآه بفؤاده" وقد صحّ عنه أنه قال: "رأيتُ ربِّي تبارك وتعالى، ولكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان في المدينة لما احتُبس عنهم في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربَّه تبارك وتعالى تلك اللَّيلة في منامه، وعلى هذا بنى الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى وقال:"نعم رآه حقًّا"؛ فإنّ رؤيا الأنبياء حقّ، ولا بدَّ، ولكن لم يقلْ أحمد رحمه اللَّه تعالى: إنه رآه بعيني رأسه يقظةً، ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه، ولكن قال مرة:"رآه"، ومرة قال:"رآه بفؤاده". فحُكيتْ عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة من تصرُّف بعض أصحابه:
"إنّه رآه بعيني رأسه". وهذه نصوص أحمد موجودة، ليس فيها ذلك.
وأمّا قول ابن عباس: "إنّه رآه بفؤاده مرّتين". فإن كان استناده إلى قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [سورة النجم: 11]، ثم قال:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [سورة النجم: 13]، والظَّاهر أنه مستنده؛ فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنّ هذا المرئي جبريل، رآه مرتين في صورته التي خُلق عليها، وقول ابن عباس هذا هو مستند الإمام أحمد في قوله:"رآه بفؤاده" واللَّه أعلم.
وأمّا قوله تعالى في سورة النَّجم {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [سورة النجم: 8] فهو غير الدّنو والتَّدلي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدلّيه، كما قالت عائشة وابن مسعود، والسّياق يدلُّ عليه، فإنه قال:{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [سورة النجم: 5] وهو جبريل، {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [سورة النجم: 6 - 8]. فالضَّمائر كلُّها راجعة إلى هذا المعلِّم الشَّديد القوى، وهو ذو المرَّة، أي القوة، وهو الذي استوى بالأفق الأعلى، وهو الذي دني فتدلّى، فكان من محمد صلى الله عليه وسلم قدر قوسين أو أدنى. فأمّا الدّنو والتدلي الذي في حديث الاسراء، فذلك صريح في أنه دنو الرّب تبارك وتعالى وتدلّيه، ولا تعرَّض في سورة النّجم لذلك، بل فيها أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، وهذا هو جبريل، رآه محمد صلى الله عليه وسلم على صورته مرّتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، واللَّه أعلم". انظر:"زاد المعاد"(3/ 36 - 38).
قلت: دنو الرَّب تبارك وتعالى وتدلّيه الذي في حديث الإسراء فقد سبق الكلامُ عليه بأنَّ هذا مما أخطأ فيه شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، واللَّه أعلم.
51 - باب رؤية النّبيّ صلى الله عليه وسلم ربّه في المنام
• عن معاذ بن جبل، قال: احتُبس عنّا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصُّبح حتى كدنا نتراءى قرن الشّمس، فخرج سريعًا فثوَّب بالصَّلاة، فصلَّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتجوَّز في صلاته، فلمّا سلّم دعا بسوطه قال لنا:"على مصافِّكُم كما أنتم". ثم انفتل إلينا ثم قال: "أما إني سأحدِّثكم ما حبسني عنكم الغداة، إنِّي قمتُ
من اللّيل فتوضأت وصليت ما قُدِّر لي فنعستُ في صلاتي حتى استثقلتُ، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صُورة، فقال: يا محمّد، قلتُ: لبَّيك ربِّ. قال: فيم يختص الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، قالها ثلاثا. قال: فرأيته وضع كفَّه بين كتفيَّ حتى وجتُ بَرْد أنامله بين ثدييَّ، فتجلّى لي كلُّ شيءٍ وعرفتُ، فقال: يا محمّد، قلت: لبيك ربّ، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفّارات. قال: ما هُنَّ؟ قلت: مشيُ الأقدام إلى الحسنات، والجلوس في المساجد بعد الصّلوات، وإسباغُ الوضوء حين الكَرِيهات، قال: فيمَ؟ قلتُ: إطعامُ الطعام، ولين الكلام، والصّلاة بالليل والناس نيام. قال: سَلْ، قُلْ: اللَّهُمَّ إني أسألك فعلَ الخيرات وترك المنكرات وحبَّ المساكين، وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، وأسألُك حُبَّك وحُبَّ من يُحبُّك، وحُبَّ عملٍ يُقرِّبُ إلى حُبِّك. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنَّها حقٌّ، فادْرسُوها ثم تَعلّمُوها".
حسن: رواه الترمذيّ (3235) عن محمّد بن بشّار، حدثنا معاذ بن هانئ، حدثنا أبو هانئ اليشكريّ، حدثنا جهضم بن عبد اللَّه، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن أبي سلّام، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرميّ، أنّه حدّثه عن مالك بن يُخامر السّكسكيّ، عن معاذ بن جبل، فذكره.
ورواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (441)، وأحمد (22109)، وابن عدي (6/ 2344) كلَّهم من طريق يحيى بن أبي كثير به نحوه، واختصره ابن عديّ.
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث. فقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال: هذا أصحّ من حديث الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، قال: حدثنا خالد بن اللّجلاج، حدثني عبد الرحمن بن عائش الحضرميّ قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (فذكر الحديث)، وهذا غير محفوظ: هكذا ذكر الوليد في حديثه عن عبد الرحمن بن عائش قال سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وروى بشر بن بكر، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر هذا الحديث بهذا الإسناد عن عبد الرحمن ابن عائش عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهذا أصحّ، وعبد الرحمن بن عائش لم يسمع من النبيّ صلى الله عليه وسلم". انتهى.
وأخرجه الحاكم (1/ 520 - 521) من وجه آخر عن محمد بن شعيب بن شابور، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر مثل حديث بشر بن بكر كما أشار إليه الترمذيّ، وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ثم قال الحاكم: "وقد روي عن معاذ بن جبل، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثله".
فكان أولى أن يخرّج حديث يحيى بن أبي كثير؛ لأنّه صحّحه أهل العلم منهم البخاريّ وأحمد كما سيأتي. وأمّا عبد الرحمن بن عائش فلم يسمع من النبيّ صلى الله عليه وسلم كما قال الترمذيّ، وقال أبو حاتم:
"هو تابعيّ".
وقال ابن عدي: وهذا له طرق، قوله:"رأيتُ ربّي في أحسن صورة" واختلفوا في أسانيدها فرأيتُ أحمد بن حنبل صحّح هذه الرّواية التي رواها موسى بن خلف، عن يحيى بن أبي كثير حديث معاذ بن جبل، قال: هذا أصحُّها".
وقال الحافظ في "تهذيبه"(6/ 205): "وكذا قوَّاه ابن خزيمة من رواية يحيى، عن زيد، عن جدّه، عنه، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل".
• عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ ربّي عز وجل". وهو مختصر من حديث الرّؤيا السّابق.
صحيح: رواه الإمام أحمد (2580)، وابنه عبد اللَّه في السنة (1116)، والآجريّ في الشريعة (1033)، واللالكائيّ في شرح أصول الاعتقاد (987)، وابن أبي عاصم في السنة (433) كلّهم من طرق عن حمّاد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده صحيح، قال الذّهبيّ في "العلو" (226):"إسناده قويٌّ".
وقال الهيثميّ في "المجمع": "رجاله رجال الصّحيح".
وقال ابن كثير في "تفسيره": "إسناده على شرط الصحيح، لكنه مختصر من حديث الرؤيا".
وقال أبو زرعة الرَّازيّ: "حديث قتادة عن عكرمة، عن ابن عباس في الرؤية صحيح، ولا ينكره إِلَّا معتزليّ". ذكره الضّياء المقدسيّ في "المختارة".
لكن بعض أهل العلم حملوا على حمّاد بن سلمة فقالوا: هو وإن كان من بحور العلم، ولكنه ربّما حدّث بحديث منكر؛ لأنه لما كبر ساء حفظه.
قال ابن الجوزيّ في العلل المتناهية (1/ 23): "هذا الحديث لا يثبت، وطرقه كلّها على حمّاد ابن سلمة".
ولكن قال ابن عدي: "الأحاديث التي رويت في الرّؤية قد رواها غير حمّاد بن سلمة". ذكره البيهقيّ في الأسماء والصفات.
قلت: وهو كما قال؛ فإنّ حديث الرّؤية التي أشار إليها أهلُ العلم في كلامهم رواه الإمام أحمد (3484) عن عبد الرزّاق، حدّثنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس، قال: إنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني ربِّي عز وجل الليلة في أحسن صورة -أحسبه يعني في النّوم- فقال: يا محمّد، هل تدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: فوضع يده بين كتفي حتى وجدتُ بردها بين ثَدْييَّ -أو قال: نحري-، فعلمت ما في السَّماوات وما في الأرض. ثم قال: يا محمّد، هل تدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: نعم يختصمون في الكفّارات والدّرجات. قال وما الكفّارات والدرجات؟ قال: المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي
على الأقدام إلى الجمعات، وإبلاغ الوضوء في المكاره. ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطبته كيوم ولدته أمُّه. وقُلْ يا محمد إذا صلّيت: اللَّهم إني أسألك الخيرات وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنةً أن تقبضني إليك غير مفتون، قال: والدّرجات: بذل الطّعام وإفشاء السّلام، والصلاة بالليل والناس نيام" فذكر الحديث.
وأبو قلابة اسمه: عبد اللَّه بن زيد الجرميّ لم يسمع من ابن عباس.
ورواه الترمذيّ (3233) من طريق عبد الرزاق وقال: "وقد ذكروا بين أبي قلابة وبين ابن عباس في هذا الحديث رجلًا، وقد رواه قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد بن اللَّجلاج، عن ابن عباس".
ثم رواه (3234) من حديث معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة. وقال:"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه" انتهى.
وأمّا ما رُوي عن عبد اللَّه بن عمر أنّه بعث إلى عبد اللَّه بن العباس يسأله:
هل رأي محمدٌ ربَّه؟ فأرسل إلى عبد اللَّه بن العباس: أي نعم، فردَّ عليه عبد اللَّه بن عمر رسولَه: أن كيف رآه؟ قال: فأرسل إليه أنه رآه في روضة خضراء، دونه فراش من ذهب على كرسيّ من ذهب يحمله أربعةُ من الملائكة، ملك في صورة رجل، وملك في صورة ثور، وملك في صورة نسر، وملك في صورة أسد. فهو منقطع.
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (386)، وعبد اللَّه بن أحمد في السنة (217)، البيهقيّ في الأسماء والصفات (934) كلّهم من طرق عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه بن عياش بن أبي ربيعة، عن عبد اللَّه بن أبي سلمة، عن ابن عمر، فذكره.
قال البيهقيّ: "تفرّد به محمد بن إسحاق بن يسار، وقد مضى الكلام في ضعف ما يرويه إذا لم بين سماعه فيه، وفي الرواية انقطاع بين ابن عباس وبين الراويّ عنه، وليس شيء من هذه الألفاظ في الرّوايات الصّحيحة عن ابن عباس، ورُوي من وجه آخر ضعيف" انتهى.
• عن ثوبان مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أخّر صلاة الصّبح حتى أسفر، فقال:"إنّما تأخرتُ عنكم أنّ ربِّي قال لي: يا محمد، هل تدري فيمَ يختصمُ الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا ربّ، فردّدها مرتين أو ثلاثًا، ثم حسستُ بالكّف بين كتفيّ، حتى وجدتُ بردها بين ثدييّ، ثم تجلّى لي كلُّ شيء، وعرفتُ". قال: "قلتُ: نعم يا ربّ، يختصمون في الكفّارات والدّرجات، والكفّارات: المشيُ على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في الكريهات، وانتظار الصّلاة بعد الصّلاة. والدّرجات: إطعام الطّعام، وبذلُ السّلام، والقيام باللّيل والنّاس نيام، ثم قال: يا محمد، اشْفعْ تُشفَّعْ، وسلْ تُعطَ. قال: "قلت: اللَّهُمَّ إنّي أسألك فعل
الخيرات، وترك المنكرات، وحبّ المساكين، وأن تغفر ليّ، وترحمنيّ، وإذا أردت فتنةً في قوم فتوفّني وأنا غير مفتون، اللَّهُمَّ إنِّي أسألك حبّك، وحبَّ من يحبُّك، وحبًّا يبلّغني حبَّك".
حسن: رواه البزّار -كشف الأستار (2128) - عن إسحاق بن إبراهيم (قرابة أحمد بن منبع)، ثنا الحسن بن سوار، ثنا اللّيث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن أبي يحيى، عن أبي أسماء، عن ثوبان، فذكره.
قال الهيثميّ في "المجمع"(7/ 177): "رواه البزّار من طريق أبي يحيى، عن أبي أسماء الرّحبيّ، وأبو يحيى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
قلت: كذا قال الهيثميّ بأنه لا يعرف أبا يحيى، وقد عرفه ابن خزيمة فقال:
"روي معاوية بن صالح عن أبي يحيى -وهو عندي سليمان بن عامر- عن أبي يزيد، عن أبي سلام الحبشيّ، أنه سمع ثوبان (فذكر مثله) ". كتاب التوحيد (442).
ومن هذا الوجه رواه ابن أبي عاصم في السنة (470) مختصرًا، والبغويّ في شرح السنة (925) وقال:"أبو يحيى هو سليم بن عامر الخبائريّ تابعي سمع أبا أمامة". وقال أيضًا: وأبو يزيد شاميّ لا يعرف اسمه، وأبو سلام اسمه ممطور الحبشيّ حيّ من بجيلة". انتهى.
قلت: إن كان أبو يحيى هو سليم -أو سليمان- ابن عامر الكلاعيّ كما جزم البغوي فهو ثقة، وثقه ابن سعد والنسائي وغيرهما، وقال الحافظ في التقريب:"ثقة".
وأبو يزيد: واسمه غيلان بن أنس الكلبيّ مولاهم. روى عنه جمعٌ من الثقات ولم يذكر فيه توثيقه عن أحد، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 459) ولم يذكر فيه شيئًا، وجعله الحافظ في مرتبة "مقبول" أي حيث يتابع، وقد توبع من حيث الجملة، وبه صار الإسناد حسنًا.
• عن أبي أمامة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"أتاني ربّي في أحسن صورة، فقال: يا محمد فقلتُ: لبيك وسعديك. قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، فوضع يده على ثديَيَّ، فعلمت في مقامي ذلك ما سألني عنه من أمر الدّنيا والآخرة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الدّرجات والكفّارات، فأما الدّرجات فإبلاغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلوات، قال: صدقت، من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وكان من خطيئته كما ولدته أمّه. وأمّا الكفارات فإطعام الطّعام، وإفشاء السّلام، وطيب الكلام، والصّلاة والنّاس نيام، ثم قال: "اللَّهُمَّ إني أسألك عمل الحسنات، وترك السيئات، وحب المساكين ومغفرة، وأن تتوب عليّ. وإذا أردتَ في قوم فتنة فنجني غير مفتون".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (8/ 349)، واللّفظ له، وابن أبي عاصم في السنة (389، 416) -مختصرًا-، كلاهما من حديث جرير، عن ليث، عن ابن سابط، عن أبي أمامة، فذكره.
قال الهيثميّ في "المجمع"(7/ 179): "رواه الطبرانيّ، وفيه ليث بن أبي سليم وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله ثقات".
قلت: وهو كما قال، فقد تكلّم أهل العلم في ليث بن أبي سُليم لاختلاطه، وكان ابن عدي حسن الرّأي فيه فقال:"له أحاديث صالحة". وقال البزّار:
"كان أحد العبَّاد، إِلَّا أنه أصابه اختلاط، فاضطرب حديثه، وإنّما تكلّم فيه أهل العلم بهذا، وإلّا فلا نعلم أحدًا ترك حديثه".
قلت: وهذا الحديث لا بأس به في الشّواهد، وإلّا فإني أحتاط من قبول حديثه، وأمّا ابن سابط فهو عبد الرحمن أحد الثقات.
• عن جابر بن سمرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه تجلّى لي في أحسن صورة، فسألني فيما يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: ربيّ، لا أعلم، قال: فوضع يده بين كتفي حتى وجدتُ بردها بين ثديي -أو وضعهما بين ثديي حتى وجدت بردها بين كتفي- فما سألني عن شيء إِلَّا علمته".
حسن: رواه ابن أبي عاصم في السنة (465) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إبراهيم بن طهمان، ثنا سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في سماك بن حرب غير أنه حسن الحديث.
وأمّا ما روي عن ابن عمر كما عند البزّار -كشف الأستار (2129) - فهو ضعيف فيه سعيد بن سنان. قال الهيثميّ في "المجمع"(7/ 178): "فيه سعيد بن سنان وهو ضعيف، وقد وثّقه بعضهم، ولم يلتفت إليه في ذلك" انتهى.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: "رأيت ربِّي في منامي في أحسن صورة". رواه اللالكائيّ في شرح أصول الاعتقاد (919).
وفيه عبد اللَّه بن أبي حميد، قال فيه الإمام أحمد:"ترك النَّاسُ حديثه". وقال البخاريّ: "منكر الحديث، يروي عن أبي المليح العجائب".
قلت: وهذا من روايته عن أبي المليح.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أنس بن مالك مرفوعًا: "أتاني ربّي البارحة في منامي في أحسن صورة، حتى وضع يده بين كتفي".
ذكره ابن الجوزيّ في العلل المتناهية (1/ 20 - 21) مختصرًا وقال: "فيه يوسف بن عطية