الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا يرجع إلى إبراهيم الهجري مع مخالفته في الإسناد كما سبق.
وأمّا قول الهيثميّ في "المجمع"(3/ 97): "رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله موثقون". فهو ليس كما قال، فإن إبراهيم بن مسلم الهجري لم يوثقه أحدٌ حتى ابن حبان لم يذكره في "الثقات"، وإنما أدخله في "المجروحين"(7) فلعله اعتمد على تصحيح ابن خزيمة، واللَّه تعالى أعلم.
29 - باب إثبات القدم للَّه عز وجل
قال تعالى: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [سورة ق: 30].
• عن أنس بن مالك، قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا تزال جهنّم تقول: هل من مزيد حتى يضع ربُّ العزّة فيها قدمه، فتقول: قطْ قطْ وعزّتِك، ويُزْوى بعضُها إلى بعض".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأيمان والنّذور (6661)، ومسلم في كتاب الجنة (2848) كلاهما من شيبان، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك، فذكر الحديث، ولفظهما سواء.
قال البخاريّ: رواه شعبة عن قتادة.
قلت: وهو ما رواه البخاريّ (48480) عن عبد اللَّه بن أبي الأسود، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة، بإسناده وفيه:"حتى يضع قدمه".
وكذلك رواه البخاريّ في التوحيد (7384) بالإسناد نفسه، وليس في رواية شعبة بيان من يضع قدمه.
ثم قال البخاريّ: وقال لي خليفة، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس. وعن معتمر، سمعت أبي، عن قتادة، عن أنس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزال يُلْقى فيها وتقول: هل من مزيد، حتى يضع ربُّ العالمين قدمه فينزوي بعضُها إلى بعض. ثم تقول: قد قد، بعزّتك وكرمك. ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشئ اللَّه لها خلقًا فيسكنهم فضل الجنّة".
وتبيّن من هذا أن واضع القدم هو اللَّه سبحانه وتعالى.
وقوله: "قَط قَط" وفي رواية "قد قد" وقطْ بالتخفيف ساكنًا، ويجوز الكسر (قِط) بغير إشباع، و"قد" هي لغة أيضًا، وكلّها بمعنى يكفي وحسبي.
قال ابن خزيمة: اختلف رواةُ هذه الأخبار في هذه اللّفظة في قوله: "قَط" أو "قِط" فروى بعضهم بنصب القاف، وبعضهم بخفضها، وهم أهل اللّغة، ومنهم يقتبس هذا الشأن، ومحال أن يكون أهل الشّعر أعلم بلفظ الحديث من علماء الآثار الذين يعنون بهذه الصّناعة يروونها، ويسمعونها من ألفاظ العلماء، ويحفظونها، وأكثر طلاب العربية إنّما يتعلّمون العربية من الكتب المشتراة أو المستعارة من غير سماع، ولسنا ننكر أن العرب تنصب بعض حروف الشيء، وبعضها يخفض ذلك الحرف لسعة لسانها. قال المطلبيّ (أي الشَّافعيّ) رحمه الله:"لا يُحيط أحدٌ علمًا بألسنة العرب جميعًا غيرُ نبيّ". انتهى. كتاب التوحيد (1/ 226 - 227).
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تزال جهنّم تقول: هل من مزيد؟ . قال: "فيدلّي فيها ربُّ العالمين قدمَه". قال: "فينزوي بعضُها إلى بعض، وتقول: قط قط بعزّتك، ولا يزالُ في الجنة فضْلٌ حتى ينشئَ اللَّه لها خلقًا آخر فيُسكنه في فضول الجنة".
صحيح: رواه الإمام أحمد (12380) عن بهز وعفان، قالا: حدثنا أبان بن يزيد العطّار، حدثنا قتادة، حدثنا أنس بن مالك، فذكره.
ورواه ابن خزيمة في التوحيد (155) من طريق بهز بن أسد وحده بإسناده، مثله.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تحاجت الجنّة والنار، فقالت النار: أُوثرتُ بالمتكبّرين والمتجبرين. وقالت الجنةُ: فما لي لا يدخلني إِلَّا ضعفاء الناس وسَقَطُهم وغِرَّتهُم؟ قال اللَّه للجنة: إنّما أنتِ رحمتي أرحمُ بك من أشاء من عبادي. وقال للنار: إنّما أنتِ عذابي أُعذِّبُ بك من أشاء من عبادي. ولكلّ واحدة منكما مِلؤها. فأمَّا النّار فلا تمتلئ حتى يضع اللَّه تبارك وتعالى رِجْلَه. تقول: قَطْ قَطْ قَطْ. فهنالك تمتلئُ، ويُزْوي بعضُها إلى بعض، ولا يظلم اللَّه من خلقه أحدًا، وأمّا الجنَّةُ فإنّ اللَّه يُنشئ لها خلقًا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (4850)، ومسلم في كتاب الجنة (2846: 36) كلاهما عن محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "احتجّت الجنَّةُ والنَّار، فقالت النار: أوثرتُ بالمتكبّرين والمتجبّرين" فذكر الحديث إلى قوله: "ولكليكما عليّ ملؤها". ولم يذكرْ ما بعده من الزّيادة.
وفي رواية من الزيادة: "ولكلّ واحدة منكما ملؤها، فأمَّا النّار فيُلقى فيها أهلها فتقول: هل من مزيد؟ ويلقى فيها أهلُها فتقول: هل من مزيد؟ حتى يأتيها تبارك وتعالى فيضعُ قدميه عليها، فتنزوي وتقول: قِدْني قِدْني. وأما الجنة فيبقى منها ما شاء اللَّه أن يبقى فينشئُ اللَّه لها خلقًا ممن يشاء".
صحيح: رواها مسلم في صفة الجنة والنار (2847) عن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكر الحديث، ولم يسق مسلمٌ لفظه كاملًا، وإنما أحال على لفظ أبي هريرة إلى قوله:"ولكليكما عليّ ملؤها" ولم يذكر ما بعد من الزيادة.
والرواية الثانية عند الإمام أحمد (11099)، وأبي يعلى (1313) كلاهما من طريق حماد بن
سلمة، عن عطاء بن السائب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبي سعيد، فذكر الحديث كاملًا.
وصحّحه ابن خزيمة فأخرجه في كتاب التوحيد (148، 161)، وابن حبان في صحيحه (7454)، وابن أبي عاصم في السنة (528) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة.
وهذا إسناد صحيح، عطاء بن السائب ثقةٌ، وثَّقه الأئمة إِلَّا أنه اختلط لكن حمّاد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط كما صرّح بذلك ابن معين وأبو داود وغيرهما. وجعل الطّحاويّ ممن سمع منه قبل الاختلاط أربعة وهم: شعبة، وسفيان الثوريّ، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد. إِلَّا أنّ عبد الحق الإشبيليّ قال في "الأحكام":"إنّ حماد بن سلمة سمع منه بعد الاختلاط كما قاله العقيليّ في "الضعفاء" وقد تعقَّبه الحافظ أبو عبد اللَّه محمد بن أبي بكر المواق كلام عبد الحقّ وقال: لا نعلم من قاله غير العقيليّ، وقد غلط من قال: إنه قدم في آخر عمره إلى البصرة، وإنَّما قدم عليهم مرتين، فمن سمع منه القدمة الأولى صحَّ حديثه منها. انظر للمزيد: "الكواكب النيرات" (ص 319 - 326).
• عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"يجمع اللَّه الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطّلع عليهم ربُّ العالمين فيقول: ألا يتبع كلُّ إنسان ما كانوا يعبدونه، فيُمثّل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النّار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطَّلعُ عليهم ربُّ العالمين فيقول: ألا تتبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ باللَّه منك، نعوذ باللَّه منك، اللَّه ربُّنا، وهذا مكاننا حتى نرى ربَّنا وهو يأمرهم ويثبّتُهم، ثم يتوارى ثم يطَّلعُ فيقول: ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ باللَّه منك، نعوذ باللَّه منك، اللَّهُ ربُّنا، وهذا مكاننا حتى نرى ربَّنا وهو يأمرهم ويثبّتُهم". قالوا: وهل نراه يا رسول اللَّه؟ قال: "وهل تضارُّون في رؤية القمر ليلة البدر؟ " قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: "فإنَّكم لا تُضَارُّون في رؤيته تلك السَّاعة. ثم يتوارى، ثم يطّلعُ فيُعرِّفُهم نَفْسه، ثم يقول: أنا ربُّكم فاتبعوني فيقوم المسلمون، ويوضع الصّراط فيمرون عليه مثل جياد الخيل والرّكاب وقولهم عليه: سلِّم سلِّم، ويبقى أهلُ النار فيطرح منهم فيها فوجٌ فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد، ثم يطرح فيها فوجٌ، فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد، حتى إذا أُوعِبُوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها، وأُزْوِيَ بعضُها إلى بعض، ثم قال: قط، قالت: قط قط، فإذا أدخل اللَّه أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال: أُتِي بالموت مُلَبِّيًا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار، ثم يقال: يا أهل الجنة فيطّلِعون خائفين، ثم يقال: يا أهل النار فيطّلعون
مستبشرين يرجون الشّفاعة، فيقال لأهل الجنة وأهل النار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون (هؤلاء وهؤلاء): قد عرفناه هو الموت الذي وُكِّل بنا، فيضجع فيذبح ذبحا على السُّور الذي بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود لا موت، ويا أهل النّار خلود لا موت".
حسن: رواه الترمذيّ (2557) عن قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه ابن خزيمة في التوحيد (150) من طريق عبد العزيز بن محمد الدّراورديّ، بإسناده، مثله.
قال أبو عيسى الترمذيّ: "حديث حسن صحيح".
قلت: هو حسن فقط من أجل عبد العزيز بن محمد الدراورديّ وهو مختلف فيه وإن كان من رجال الجماعة، تكلّم فيه أبو زرعة والنسائي وغيرهما، ومشّاه الآخرون وهو حسن الحديث.
• عن ابن عباس قال: أُنشد رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بيتين من قول أميّة بن أبي الصّلت الثقفيّ:
رجل وثور تحت رجل يمينه
…
والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "صدق".
وأُنشد قوله:
لا الشّمس تأبى فما تخرج
…
إِلَّا معذبة وإلا تُجْلَدُ
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "صدق".
حسن: رواه ابن خزيمة في كتاب "التوحيد"(137) عن محمد بن أبان، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: أخبرني محمد بن إسحاق، قال: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه مدلِّس وقد صرَّح.
والغريب في الأمر أن ابن خزيمة رواه (135) بهذا الإسناد نفسه ولم يصرّح فيه محمد بن إسحاق بالتحديث، وذكر فيه ثلاثة أبيات وهي:
رجل وثور تحت رجل يمينه
…
والنسر للأخرى وليث مرصّد
والشمس تصبح كل آخر ليلة
…
حمراء يصبح لونها يتورد
تأبى مما تطلع لنا في رسلها
…
إِلا معذبة وإلا تجلد
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "صدق".