الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسنان؟ قال: "لا". قال: هو أن يكون لأحدنا حُلَّةٌ يلبَسُها؟ قال: "لا". قال: الكبر هو أن يكون لأحدنا دابةٌ يركبها؟ قال: "لا". قال: أفهو أن يكونَ لأحدنا أصحابٌ يجلسون إليه؟ قال: "لا" قيل: يا رسول اللَّه، فما الكبر؟ قال:"سَفَهُ الحقِّ، وغَمْصُ النّاسِ".
صحيح: رواه الإمام أحمد (6583) عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن الصَّقْعب بن زهير، عن زيد بن أسلم، قال حماد: أظنه عن عطاء بن يسار، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكر الحديث.
وهذا الشّك من حماد بن زيد لا يؤثّر في صحة الحديث؛ لأنّ الإمام أحمد رواه أيضًا: (7101) من وجه آخر بدون الشّك قال: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعتُ الصقَعَّب بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكر مثله.
ومن هذا الطريق رواه البزار - كشف الأستار (2998) مختصرًا، ولكن رواه (3069) مطولًا من وجه آخر إلا أنه جعله من مسند عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ثنا أبو معاوية الضّرير، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بطوله.
قال البزّار: "لا نعلم أحدًا رواه عن عمرو، عن ابن عمر إلا ابن إسحاق، ولا نعلم حدّث به عن أبي معاوية إلّا إبراهيم بن سعيد".
قلت: وقد رجّح أهل العلم أن هذا الحديث من مسند عبد اللَّه بن عمرو.
وأخطأ من جعله من مسند عبد اللَّه بن عمر بن الخطّاب.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات والصَّقْعب بن زهير وثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
10 - باب {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ، وهي توقيفية، أظهرها اللَّه لعباده للمعرفة والدّعاء والذّكر
قال اللَّه تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة الأعراف: 180]
وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [سورة الإسراء: 110].
قوله: {فَادْعُوهُ بِهَا} والدّعاء هو العبادة.
• عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "للَّه تسعة تسعون اسمًا مائة إلّا
واحدة، لا يحفظها أحدٌ إلّا دخل الجنة، وهو وتر يحبُّ الوتر".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الدعوات (6410) عن علي بن عبد اللَّه: حدثنا سفيان، قال: حفظناه من أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة روايةً فذكره.
ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء (2677) عن عمرو الناقد، وزهير بن حرب، وابن أبي عمر، جميعًا عن سفيان بن عيينة بهذا السّند عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وللبخاريّ في كتاب الشروط (2736)، وفي التوحيد (7392) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزّناد، بسنده أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال. . . فذكره.
وقوله: "مائة إلّا واحدة" كذا بالتأنيث، وفي رواية شعيب "واحدًا" بالتذكير، قال بعض أهل العلم: وهو الصّواب.
ومنهم من وجّه التأنيث بأن الاسم كلمة، واحتجوا بقول سيبويه: الكلمة اسم أو فعل أو حرف. فسمّى الاسم كلمة. انظر: للمزيد فتح الباري (11/ 219).
وأمّا روي عن أبي هريرة مرفوعًا، وفيه سرد لأسماء اللَّه تعالى وهي:
"هو اللَّه الذي لا إله إلا هو الرّحمن الرّحيم، الملك، القدُّوس، السّلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، المتكبُر، الخالق، البارئ، المصوّر، الغفّار، القهّار، الوهّاب، الرزّاق، الفتّاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرّافع، المعزّ، المذل، السّميع ، البصير، الحكم، العدل، اللّطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشّكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرّقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، المجيب، الباعث، الشهيد، الحقّ، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحمي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي ، القيّوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصّمد، القادر، المقتدر، المقدِّم، المؤخِّر، الأوّل، الآخر، الظّاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التّواب، المنتقم، العفو، الرّؤُوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقيط، الجامع، الغنيُّ، الْمُغْنِي، المانع، الضّار، النّافع، النُّور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرّشيد، الصَّبور".
ففيه ضعف ونكارة. رواه عن أبي هريرة: عبد الرحمن بن الأعرج، ورواه عنه اثنان: أحدهما موسى بن عقبة - ومن طريقه رواه ابن ماجه (3861) عن هشام بن عمّار، قال: حدثنا عبد الملك بن محمد الصنعانيّ، قال: حدثنا أبو المنذر زهير بن محمد التميميّ، قال: حدثنا موسى بن عقبة، قال: حدثني عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده ضعيف، عبد الملك بن محمد الصنعانيّ -من صنعاء دمشق- الحميريّ أبو الزرقاء مختلف فيه، والخلاصة فيه أنه ليّن الحديث كما قال الحافظ في التقريب. وقال ابن حبان:"كان يجيبُ فيما سئل عنه، ينفرد بالموضوعات، لا يجوز الاحتجاج بروايته"، وقال الأزديّ: "ليس
بالمرضي في حديثه".
وزهير بن محمد التميميّ أبو المنذر الخراساني، سكن الشّام ثم الحجاز، رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضُعِّف بسببها.
وهذا الحديث رواه عنه عبد الملك بن محمد وهو شاميّ.
قال أبو حاتم: "محله الصدق، وفي حفظه سوء، وكان حديثه بالشّام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه، فما حدّث من حفظه ففيه أغاليط، وما حدَّث من كتبه فهو صالح".
والثاني أبو الزّناد: ومن طريقه رواه الترمذيّ (3507) عن إبراهيم بن يعقوب، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزّناد، بإسناد مثله، واللّفظ له.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن منده في التوحيد (2/ 205)، وابن حبان في صحيحه (808)، والحاكم (1/ 16)، والبيهقي في الأسماء والصفات (6) من طريقين صفوان بن صالح، وموسى بن أيوب كلاهما عن الوليد بن مسلم.
وظاهره السّلامة من العلل؛ لأنّ صفوان بن صالح، والوليد بن مسلم كلاهما صرّحا بالتحديث، ولكن أعلّه الترمذيّ قائلًا:"هذا حديث غريب، حدثنا به غيرُ واحد عن صفوان بن صالح، ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث (كذا قال! وقد رواه أيضًا موسى بن أيوب كما مضى)، وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم في كبير شيء من الرّوايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث. وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه الأسماء وليس له إسناد صحيح" انتهى قول الترمذيّ.
ثم روى الترمذيّ من طريق سفيان، عن أبي الزّناد بإسناده مرفوعًا:"إنّ للَّه تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنّة". وقال: "وليس في هذا الحديث ذكر الأسماء، ورواه أبو اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزّناد، ولم يذكر فيه الأسماء" انتهى قوله.
ورواية سفيان، وشعيب بن أبي حمزة في الصحيح كما سبق.
وقال البغويّ في "شرح السنة"(1257) بعد أن روى الحديث من طريق صفوان بن صالح الدّمشقيّ، ونقل كلام الترمذيّ بكامله: "يحتمل أن يكون ذكرُ هذه الأسامي من بعض الرّواة، وجميع هذه الأسامي في كتاب اللَّه، وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم نصًا أو دلالة.
واللَّه عز وجل أسماءُ سوى هذه الأسامي أتى بها الكتاب والسنة، منها: الرّب، والمولي، والنّصير، والفاطر، والمحيط، والجميل، والصّادق، والقديم، والوتر، والحنّان، والمنّان، والشّافي، والكفيل، وذو الطَّوْل، وذو الفضْل، وذو العرش، وذو المعارج وغيرها، وتخصيص بعضهنّ بالذّكر لكونها أشهر الأسماء.
وقيل: معنى قوله: "من أحصاها" معناه: أحصى من أسماء اللَّه تسعًا وتسعين دخل الجنة، أي عمل بمقتضاها، سواء أحصى مما جاء في حديث الوليد بن مسلم، أو من سائر ما دلّ عليه الكتاب أو السنة، ذكر هذا المعنى الشيخ أحمد البيهقيّ رحمه الله".
وإليه ذهب أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى بأنّ هذه الأسماء مدرجة في الحديث، وليس من كلام النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولهذا جمعها قومُ آخرون على غير هذا الجمع، واستخرجوها من القرآن منهم: سفيان بن عيينة، والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم. وهذا كلّه يقتضي أنها عندهم مما يقبل البدل، فإن الذي عليه جماهير المسلمين أن أسماء اللَّه أكثر من تسعة وتسعين" انظر للمزيد:"مجموع الفتاوى"(6/ 380 - 381).
وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" -في تفسير سورة الأعراف آية (180) -: "والذي عوّل عليه جماعة من الحفّاظ أنّ سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصّنعانيّ، عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم انّهم قالوا ذلك. أي أنهم جمعوها من القرآن كما ورد عن جعفر بن محمد، وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغويّ".
وقال: "ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى ليستْ منحصرة في التسعة والتسعين بدليل حديث ابن مسعود الآتي. . . وذكر الفقيه الإمام أبو بكر بن العربيّ أحد أئمّة المالكيّة في كتابه "الأحوذي في شرح الترمذيّ" أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة من أسماء اللَّه ألف اسم".
قلت: ما ذُكر عن سفيان بن عيينة أنه جمع تسعة وتسعين اسمًا من كتاب اللَّه هو ما أخرجه ابن منده في كتاب التوحيد (3/ 312) فقال: أخبرنا خيثمة بن سليمان، ثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، ثنا عبد اللَّه بن الزبير الحميديّ، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ للَّه تسعة وتسعين اسمًا مائة غير واحد من حفظها أو من أحصاها دخل الجنة".
روى حيان بن نافع بن صخر هذا الحديث عن ابن عيينة بإسناده مثله. ثم ذكر حيان أن داود بن عمرو سأل ابن عيينة أن يملي عليه التسعة والتسعين اسمًا مائة إلّا واحدًا من كتاب اللَّه عز وجل فوعد أن يخرجها، قال: فلما أن طالت سألنا أبا زيد فأملى علينا، فأتينا سفيان فعرضنا عليه فنظر فيها أربع مرّات فقال: هي هذه، فقلنا: اقرأ علينا فقرأها في فاتحة الكتاب خمسة أسماء: يا اللَّه، ياربّ، يا رحمن، يا رحيم، يا مالك. وفي البقرة ستة وعشرون اسمًا: يا حفيظ، يا قدير، يا عظيم، يا حكيم، يا تواب، يا بصير، يا واسع، يا بديع، يا سميع، يا كافي، يا رؤوف، يا شاكر، يا اللَّه، يا واحد، يا مقتدر، يا حليم، يا فاطر، يا باسط، يا اللَّه لا إله إلا هو، يا حي، يا قيوم، يا عليّ، يا عظيم، يا ولي، يا غني، يا حميد. وفي آل عمران أربعة أسماء: يا قائم، يا وهاب، يا سميع، يا خبير. وفي النساء: ستة أسماء يا رقيب، يا حسيب، يا شهيد، يا عفو، يا مغيث، يا وكيل. وفي الأنعام
خمسة أسماء: يا فاطر، يا طاهر، يا قاهر، يا لطيف، يا خبير. وفي الأعراف اسمان: يا محيي، يا مميت. وفي الأنفال اسمان: يا نعم المولى، ويا نعم النّصير. وفي هود سبعة أسماء: يا حفيظ، يا رقيب، يا مجيب، يا قوي، يا مجيد، يا ودود، يا فعال. وفي الرّعد اسمان: يا كبير، يا متعال. وفي إبراهيم اسم: يا منان. وفي الحجر اسم: يا خلّاق. وفي مريم اسمان: يا صادق، يا وارث. وفي الحجّ اسم: يا باعث. وفي المؤمنين اسم: يا كريم. وفي النور ثلاثة أسماء: يا حقّ، يا مبين، يا نور. وفي الفرقان اسم: يا هادي. وفي سبأ اسم: يا فتاح. وفي المؤمن أربعة أسماء: يا غافر، يا قابل، يا شديد، يا ذا الطّول. وفي الذاريات ثلاثة أسماء: يا رزاق، يا ذا القوة المتين. وفي الطور اسم: يا بارّ. وفي اقتربت اسم: يا مقتدر. وفي الرحمن ثلاثة أسماء: يا باق، يا ذا الجلال والإكرام. وفي الحديد أربعة أسماء: يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن. وفي الحشر عشرة أسماء: يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا خالق، يا بارئ، يا مصور. وفي البروج اسمان: يا مبدئ، يا معيد. وفي قل هو اللَّه أحد اسمان: يا أحد، يا صمد".
قال حيان: "قال داود بن عمرو: فمن زعم أن أسماء اللَّه محدثة فقد زعم أن القرآن محدث".
من طريق حيان بن نافع أخرجه أبو القاسم تمام بن محمد في "فوائده"(4/ 406 - 406) وإليه عزاه الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 217).
وابن منده نفسه جمع أسماء اللَّه تعالى من كتاب اللَّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل تحت كلّ اسم ما جاء من الآيات والأحاديث، فقال:
"هو اللَّه الذي لا إله إلّا هو، وهو الرّحمن ، الرحيم، الملك والمالك، الربّ ربّ كلّ شيء ومليكه، الأحد، الصّمد، عالم الغيب والشّهادة، هو الرّحمن الرّحيم، هو اللَّه الذي لا إله إلّا هو الملك، القدّوس، السّلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، المتكبّر، الخالق، البارئ، المصوّر، الأوّل والآخر، والظّاهر والباطن، الأحد، القيّوم، الدّائم، القائم، الباعث، الباقي، البديع، البصير، البارّ، الباسط، التوّاب، الجواد، الجميل، الجليل، الجامع، الحقّ، الحليم، الحافظ، الحفيظ، الحميد، الحي، المحيي، الحسيب، الحكم، الخالق، الخلاق، الخبير، الدافع، الديّان، ذو الجلال والإكرام، الرّءوف، الرّقيب، الرّازق، الرزّاق، الرّافع، والرّفيق، الرّشيد، السّيد، السّلام، السميع، السّبوح، السّريع، الستّار، الشّافي، الشّديد، الشّهيد، الشّاهد، الشّكور، الشّاكر، الصّادق، والصّاحب، والصّبور، الطّيّب، الظُّهَر، الطّاهر، العلي، الأعلى، العظيم، العزيز، العدل، العالم، العليم، العلّام، العفو، الغفور، الغافر، الغفّار، الغني، الفاتح، الفتّاح، الفاطر، القدير، القادر، المقتدر، القيام، القهار، القاهر، القدوس، القريب، القوي، القابض، القديم (كذا في الكتاب، وقال المعلق الدكتور علي ناصر الفقيهي: "إنما الوارد اسم اللَّه "الأوّل" كما هو نصّ القرآن، وحسب اطلاعي إنه لم يرد في أسماء اللَّه الحسنى "القديم"، وإنما هذا من قول المتكلمين، إنّ أخص ما وصف له سبحانه القدم، والوارد كما ذكرت "الأوّل".
وأسماء اللَّه وصفاته توقيفية، والمصنّف ممن يقول بهذا، ولذا فإنني لا أستبعد أن عبارة "القديم" خطأ من النّاسخ بدليل أن المصنف سرد الأسماء كما في الحديث -رقم 366 - ولم يذكر "القديم" فيها)، والكبير، الكريم، الكافي، الكفيل، اللّطيف، المجيد، الماجد، المعزّ، المذلّ، المقدر، المعطي، المانع، المعين، المنان، المبين، المفضل، الموسع، المنعم، المفرج، المقسط، المعافي، المطعم، النور، الناصر، النذير، الواحد، الوتر، الوهاب، الودود، الولي، الوفي، الهادي".
ثم قال ابن منده: "ومن أسماء اللَّه عز وجل المضافة إلى صفاته وأفعاله -وذكر منها-: ذو الجلال والإكرام، ذو الفضل العظيم، ذو القوة المتين، ذو العرش المجيد، ذو الطول والإحسان، ذو الرحمة الواسعة، ذو الجبروت والملكوت، فاطر السموات والأرض، فالق الحبّ والنّوى، منزل الكتاب، سريع الحساب، علّام الغيوب، غافر الذنب، وقابل التوب، فارج الهمّ، كاشف الكرب، مقلب القلوب".
وممّا ذكره أيضًا: ربّ العرش العظيم ربّ العرش الكريم، ربّ السماوات السبع، خير الراحمين، أرحم الرّاحمين، خير الفاتحين، خير الناصرين، خير الوارثين، خير الفاصلين، خير المُنزِلين، أحكم الحاكمين، احسن الخالقين، ولي المؤمنين" انتهى. ثم ذكر حديث أبي هريرة الذي رواه الترمذيّ وغيره مع سرد الأسماء مرفوعًا كما سبق، وبَيَّن أن سرد الأسماء مرفوعًا لا يصح.
وبهذا تبين النكارة في المتن في تحديد أسامي اللَّه وقصرها عليها ورفعها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم مع أنها أكثر من هذا العدد.
وأمّا قول الحاكم: "هذا حديث قد خرجاه في الصحيحين بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامي فيه، والعلة فيه عندهما أن الوليد بن مسلم تفرّد بسياقته بطوله، وذكر الأسامي فيه، ولم يذكرها غيره، وليس هذا بعلة، فإني لا أعلم اختلافًا بين أئمة الحديث أن الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجلّ من أبي اليمان، وبشر بن شعيب، وعلي بن عياش وأقرانهم من أصحاب شعيب، ثم نظرنا فوجدنا الحديث قد رواه عبد العزيز بن الحصين، عن أيوب السختياني وهشام بن حسان جميعًا عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بطوله".
ثم روى الحديث من الطريق المشار إليه وقال: "هذا حديث محفوظ من حديث أيوب، وهشام عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مختصرًا دون ذكر الأسامي الزائدة فيها كلها في القرآن. وعبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ثقة وإن لم يخرجاه، وإنما جعلته شاهدًا للحديث الأول" انتهى.
فتعقبه الذّهبي فقال: "عبد العزيز ضعّفوه".
قلت: الاختلاف ليس في قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه تسعة وتسعين اسمًا. . . "، فإنّه صحيح ثابت بدون ذكر الأسامي، وإنما الاختلاف فيمن سرد هذه الأسامي وجعلها مرفوعًا، ومن هؤلاء عبد العزيز بن
حصين بن الترجمان وهو ضعيف كما قال الذهبي، كما ثبت تضعيف كل من ذكر الأسامي، فتبين من هذا أن الحاكم لم يأتِ بشيء جديد يعتمد عليه، واللَّه الموفق.
ولذا تعقبه الحافظ في "الفتح"(11/ 215) -بعد أن نقل كلام الحاكم بكامله-: "وليست العلة عند الشّيخين تفرّد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه والاضطراب وتدليه، واحتمال الإدراج. قال البيهقي: يحتمل أن يكون العين وقع من بعض الرواة في الطريقين معًا، ولهذا وقع الاختلاف الشديد بينهما، ولهذا الاحتمال ترك الشيخان تخريج التعيين".
• عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب عبدًا قطّ همٌّ ولا غمٌّ ولا حزنٌ، فقال: اللهمّ إني عبدك، ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلّ اسم هو لك سمّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري وجلاء حزني، وذهاب همّي وغمّي، إلّا أذهب اللَّه همَّه وغمَّه، وأبدله مكانه فرحًا" قالوا: يا رسول اللَّه، أفلا نتعلمهنّ؟ قال: بلى، ينبغي لمن يسمعهنّ أن يتعلمهنّ".
حسن: رواه الإمام أحمد (3712)، وأبو يعلى (5297)، والطبراني في الكبير (10/ 209 - 210)، والبيهقي في الأسماء والصفات (7)، وصحّحه ابن حبان (972)، والحاكم (1/ 509) كلهم من طريق فضيل بن مرزوق، قال: حدثنا أبو سلمة الجهني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود، فذكره.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، إن سَلِم من إرسال عبد الرحمن بن عبد اللَّه عن أبيه، فإنه مختلف في سماعه عن أبيه".
وتعقبه الذهبي فقال: "أبو سلمة لا يدري من هو، ولا رواية له في الكتب السّتة".
قلت: صنيع الحاكم يدل على أنّ أبا سلمة الجهني هو موسى بن عبد اللَّه، ويقال في كنيته أيضًا أبو عبد اللَّه وهو من رجال مسلم، قال الحافظ في "التقريب":"لم يصح أن القطّان طعن فيه".
إن صحَّ ذلك فلا وجه لتعقيب الذهبي على الحاكم، ولكن وقع الخلاف في تعيينه فمن ذهب إلى أنه موسى بن عبد اللَّه صحّح هذا الحديث مثل ابن القيم في كتابيه "شفاء العليل"(2/ 749 - 750)، وكتابه "الفوائد".
ومن ذهب إلى غيره قال: إنه مجهول، وإن كان ابنُ حبان ذكره في "الثقات"، وإليه يشير الهيثمي في "المجمع" (10/ 136) بقوله:"رواه الطبرانيّ، ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثّقه ابن حبان" فلم يجعل أبا سلمة من رجال الصحيح.
إن كان أبو سلمة مجهولًا فهو لم ينفرد به، بل تابعه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطيّ، عن القاسم بالإسناد المقدم، رواه البزار في "البحر الزّخار"(1994)، والبيهقي في الأسماء والصفات (8).
إلّا أن عبد الرحمن بن إسحاق أبا شيبة الواسطيّ ضعيف عند جماهير أهل العلم، لكن هذه المتابعة تقوي الحديث مع شاهده الضعيف الذي رُوي عن أبي موسى الأشعريّ، أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(341) وفيه جهالة وانقطاع؛ فإن عبد اللَّه بن زبيد الياميّ الكوفي مجهول، ولم يلق أبا موسى الأشعريّ. وقال الهيثمي في "المجمع" (10/ 136 - 137) بعد أن عزاه للطبرانيّ:"وفيه من لم أعرفه".
فوائد مهمّة:
الأصل في إثبات الأسماء والصّفات أو نفيها عن اللَّه تعالى هو الكتاب والسنة الصحيحة، فما ورد فيهما يجب إثباته، وما ورد نفيه فيهما يجب نفيه.
وأما ما لم يرد إثباته ونفيه فلا يصح استعماله في باب الأسماء والصفات.
قال الإمام أحمد: "لا يوصف اللَّه إلّا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والسنة"، انظر: مقدمة العرش للذهبي بقلم الدكتور محمد خليفة التميميّ (1/ 238).
وعلى هذا فأسماء اللَّه توقيفية غير محصورة بعدد معين.
قال الحافظ ابن القيم في كتابه القيم "بدائع الفوائد"(1/ 293): "إنّ الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تُحَدُّ بعدد، فإنّ للَّه تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل، كما في الحديث الصحيح: "أسألك بكلِّ اسم هو لك سمّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك"، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام:
1 -
قسم سمّي به نفسه، فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم يُنزل به كتابه.
2 -
وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده.
3 -
وقسم استأثر به في علم غيبه، فلم يُطلع عليه أحدًا من خلقه.
ولهذا قال: "استأثرت به" أي انفردت بعلمه، وليس المراد: انفراده بالتّسمي به؛ لأنّ هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه، ومن هذا قول النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث الشّفاعة:"فيفتَحُ عليَّ من مَحامده بما لا أُحسنُه الآن". وتلك المحامد هي بأسمائه وصفاته" اهـ.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ للَّه تسعة وتسعين اسمًا. . . " فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد به الحصر لقال:"ما للَّه إلا تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة" أو نحو ذلك.
فمعنى الحديث أنّ هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة.
وأمّا الإلحاد في كلام العرب فهو العدل عن القصد، والميل والجور والانحراف، ومنه اللّحد
في القبر، لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر.
والإلحاد في أسماء اللَّه أنواع كما قال الحافظ ابن القيم في "البدائع"(1/ 298 - 299):
الأوّل: أن يسمي الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية، والعزى من العزيز، وتسميتهم الصنم إلها.
والثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له: أبا، وتسمية الفلاسفة له: موجبًا لذاته، أو علة فاعلة بالطبع، ونحو ذلك.
والثالث: وصفه بما يتعالي عنه ويتقدس من النقائص، كقول أخبث اليهود: إنه فقير، وقولهم: إنه استراح بعد أن خلق خلقه، وغير ذلك من أقوالهم الباطلة.
والرّابع: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها، وإنكار ما دلّتْ عليه من الصفات والأحكام كما فعل أهلُ التعطيل من الجهمية وغيرهم.
والخامس: جعل أسمائه سبحانه دالة على صفات تشبه صفات المخلوقين، كما فعلت المشبهة. تعالى اللَّه عما يقول المشبهون علوًّا كبيرًا. أهـ بتصرف واختصار.
وصفاتُ اللَّه كلُّها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، وهي توقيفية لا تُعدُّ ولا تحصى؛ لأنّ من الصّفات ما يتعلق بأفعاله تعالى، وأفعالة لا منتهى لها، كما أنّ أقواله لا منتهى لها.
لقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة لقمان: 27].
وصفاته تعالى أوسع من الأسماء، والكلام في الصّفات فرع عن الكلام في الذّات؛ ولذا قال السّلف: إنّ كيفيتها لا تُفسَّر.
قال العباس بن محمد الدُّوريّ: "سمعتُ أبا عبيد القاسم بن سلام، وذكر الباب الذي يروي في الرّؤية، والكرسي، وموضع القدمين، وضحك ربّنا من قنوط عباده، وقرب غيره، وأين كان ربُّنا قبل أن يخلق السّماء، وأنّ جهنّم لا نمتلئ حتى يضع ربّك عز وجل قدمه فيها فتقول: قطّ قطّ وأشباه هذه الأحاديث.
فقال: هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم على بعض، وهي عندنا حقّ لا شك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسّر هذا، ولا سمعنا أحدًا يفسّره".
وروي مثل هذا عن سفيان بن عيينة وغيره.
وقال وكيع: "من رأيتموه ينكر هذه الأحاديث فاحسبوه من الجهميّة".
وقال وكيع أيضًا: "نسلم هذه الأحاديث كما جاءت ولا نقول: كيف هذا؟ ولِمَ جاء هذا؟ "
انظر للمزيد: "الصفات" للدارقطنيّ (ص 68 - 70)، والتوحيد لابن منده (3/ 115 - 116).