الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن صفاته تعالى الصّفات الثبوتية -وهي الذّاتية والفعلية- وهي ما أثبته اللَّه تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهي كلّها صفاتُ كمالٍ لا نقص فيها: كالحياة، والعلم، والقدرة، والعلو، والنزول، والعين، والسماع، والرّؤية، واليد، والكف، والأصابع، والقدم، والسّاق، والإتيان، والمجيء، والضحك، والتعجب، والفرح، والحياء، والغيرة، والأخذ، والإمساك، والبطش، والكلام، والنفس، والاستواء، والقرب، والبعد، والحبّ، والكره، والمقت، والرّضا، والغضب، والسخط، والإرادة، والمشيئة، والمعية -أي معية العلم والإحاطة، لا معية الذّات- إلى غير ذلك مما نطق به الكتاب والسنة، فكلّ هذه الصّفات تساق مساقًا واحدًا، ويجب الإيمان بها على أنّها صفات حقيقية، لا تُشبه صفاتَ المخلوقين، ولا يمثّل ولا يعطّل، ولا يرد، ولا يجحد، ولا يؤول بتأويل يخالف ظاهره. انظر:"قطف الثّمر في بيان عقيدة أهل الأثر" للعلّامة صديق حسن خان، بتحقيق الدكتور عاصم بن عبد اللَّه القريوتي.
وأمّا الصّفات التي ورد فيها عن اللَّه تعالى في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، كالموت، والنوم، والسِّنَة، والجهل، والنسيان، والعجز، والتعب، والظلم، والغفلة، وغيرها من صفات النّقص في حقّه تعالى، فيجب نفيها مع إثبات ضدّها على الوجه الأكمل.
11 - باب أسماء اللَّه تعالى دالة على صفاته وأفعاله
• عن عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "قال اللَّه تعالى: أنا الرحمن وهي الرّحم، شققتُ لها من اسمي، من وصلها وصلتُه، ومن قطعها بتتّه".
صحيح: رواه أبو داود (1694) عن مسدّد، وأبي بكر بن أبي شيبة، قالا: حدّثنا سفيان، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن عوف، فذكره.
ورواه الترمذيّ (1907) من وجه آخر عن سفيان، بإسناده أنّ عبد الرحمن بن عوف عاد أبا الرّداد، قال -يعني عبد الرحمن-: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكر نحوه).
قال الترمذيّ: "حديث سفيان، عن الزّهريّ حديث صحيح. وروي معمر عن الزّهريّ هذا الحديث عن أبي سلمة، عن رداد اللّيثيّ، عن عبد الرحمن بن عوف. ومعمر كذا يقول! قال محمد (يعني البخاريّ) وحديث معمر خطأ" انتهى.
قلت: حديث معمر هو ما رواه عبد الرزاق (20234)، وعنه أبو داود، والإمام أحمد (1680)، والحاكم (4/ 157) عن الزّهريّ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنّ ردادًا اللّيثيّ أخبره عن عبد الرحمن بن عوف، فذكر مثله.
وردّاد الليثيّ والصّحيح أنّه أبو رداد.
فأدخل معمر بين أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وبين أبيه عبد الرحمن بن عوف ردّادًا اللّيثيّ. ثم ردّاد الليثي هذا لم يرو عنه سوى أبي سلمة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولكن
للحديث إسناد آخر من غير ذكر أبي الرداد، وهو ما رواه الإمام أحمد (1659)، وأبو يعلى (841)، والحاكم (4/ 157) كلهم من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا هشام الدّستوائيّ، عن يحيى ابن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن قارظ، أنّ أباه حدّثه أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف وهو مريض، فقال له عبد الرحمن: وصلَتْك رحم، إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"قال اللَّه عز وجل: أنا الرّحمن خلقتُ الرّحم، وشققتُ لها من اسمي فمن يصلها أصِله، ومن يقطعها أقطعه فأبتُّه - أو قال: من يبتُّها أبتُّه".
وأشار الحافظ إلى سند أبي يعلى فقال: "رواه أبو يعلى بسند صحيح من طريق عبد اللَّه بن قارظ، عن عبد الرحمن بن عوف من غير ذكر أبي الرّداد فيه" انظر: تهذيب التهذيب (3/ 271).
وعبد اللَّه بن قارظ في اسمه اختلاف كثير، ذكر ذلك الحافظ في ترجمة إبراهيم بن عبد اللَّه بن قارظ فقال:"ويقال: عبد اللَّه بن إبراهيم بن قارظ، وقال: جعل ابن أبي حاتم إبراهيم بن عبد اللَّه بن قارظ، وعبد اللَّه بن إبراهيم بن قارظ رجلين، والحقّ أنهما واحد، والاختلاف على الزهريّ وغيره. وقال ابن معين: كان الزهريّ يغلط فيه". ثم ذكر بعض الاختلافات.
قلت: وأي كان صحيحًا فإنه متابع في الإسناد السابق من طريق رداد الليثي، ثم إن الحديث صحيح بدونها.
قال ابن منده في كتابه "التوحيد"(2/ 47): "هذا الخبر يدل على أنّ جميع أفعال اللَّه عز وجل مشتقة من أسمائه بخلاف المخلوق مثل: الرّازق، والخالق، والباعث، والوهّاب ونحوها، تقدم أسماؤه على أفعاله بمعنى أن يخلق، ويرزق، ويبعث، ويهب، ويحيي ويميت، وأسماء المخلوق مشتقة من أفعالهم" انتهى.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قال اللَّه عز وجل: أنا الرّحمن، وهي الرّحم شققتُ لها اسمًا من اسمي، من يَصِلْها أَصِلْه، ومن يقطعْها أقطَعْه، فأبتُّه".
حسن: رواه الإمام أحمد (10469) عن يزيد، قال: أخبرنا محمد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة اللّيثيّ، فإنّه حسن الحديث.
ومن طريقه أخرجه الحاكم (4/ 157) وقال: "صحيح على شرط مسلم".
ورواه البخاريّ (5988) من وجه آخر عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إنّ الرّحم شجنة من الرحمن، فقال اللَّه عز وجل: من وصلكِ وصلتُه، ومن قطعك قطعتُه".
وله شواهد ستأتي في كتاب البرّ والصّلة.
وقوله: "الشُّجْنة" بضم الشين، وسكون الجيم، شعبة من غصن الشجرة، ومنه شجر متشجَّن إذا التفَّ بعضه ببعض.