الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ الشِّجَاجِ وَكسْرِ الْعِظَامِ
الشَّجَّةُ اسْمٌ لِجُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ خَاصَّةً؛ وَهِىَ عَشْرٌ؛ خَمْسٌ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا؛ أَوَّلُهَا، الْحَارِصَةُ الَّتِى تَحْرِصُ الْجِلْدَ، أَىْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا ولا تُدْمِيهِ، ثُمَّ الْبَازِلَةُ الَّتِى يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ، ثُمَّ الْبَاضِعَةُ الَّتِى تَبْضِعُ اللَّحْمَ، ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ الَّتِى أَخَذَتْ في اللَّحْمِ.
ــ
بابُ الشِّجاجِ وكَسْرِ العِظامِ
(الشَّجَّةُ اسْمٌ لجُرْحِ الرَّأْسِ والوَجْهِ خاصَّةً، وهى عَشْرٌ، خَمسٌ لا مُقَدَّرَ فيها، أوَّلُها الحارِصَةُ) وهى (التى تَحْرِصُ الجِلْدَ، أى تَشُقُّه قَلِيلًا ولا تُدْمِيه، ثم البازِلَةُ) وهى الدّامِيَةُ التى يَخرُجُ منها دَمٌ يَسِيرٌ (ثم
ثُمَّ السِّمْحَاقُ الَّتِى بَيْنَهَا وَبَينَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ. فَهَذِهِ الْخَمْسُ فِيهَا حُكومَةٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، في الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ، وَفِى
ــ
الباضِعَةُ) وهى التى تَشُقُّ اللَّحْمَ بعدَ الجِلْدِ (ثم المُتَلاحِمَةُ) وهى التى تَنْزِلُ فيها اللَّحْمِ (ثم السِّمْحاقُ التى بينَها وبينَ العَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ. فهذه الخَمْسُ فيها حُكومةٌ في ظاهرِ المَذْهَبِ) وجملةُ ذلك، أنَّ الشِّجاجَ عَشْرٌ؛ خَمسٌ لا تَوْقِيتَ فيها، أوَّلُها الحارِصَةُ -قالَه الأصْمَعِىُّ- وهى التى تَشُقُّ الجِلْدَ قليلًا. يَعْنِى (1) تَقْشِرُ شيئًا يَسِيرًا مِن الجِلْدِ، لا يَظْهَرُ منه دَمٌ، ومنه: حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ. إذا شَقَّه قليلًا. وقال بعْضُهم: هى الحَرْصَةُ. ثم البازِلَةُ وهى التى يَنْزِلُ منها الدَّمُ، أى يَسِيلُ. وتُسَمَّى الدَّامِيَة أيضًا، والدَّامِعةَ، لقِلَّةِ سَيَلانِ دَمِها، تَشْبِيهًا له بخرُوجِ الدَّمْعِ من العَيْنِ. ثم الباضِعَةُ وهى التى تَشُقُّ اللَّحْمَ بعدَ الجِلْدِ. ثم المُتَلاحِمَةُ وهى التى أخَذَتْ في اللَّحْمِ، يعنى دَخَلَتْ فيه دُخُولًا كثِيرًا، تَزِيد على الباضِعَةِ ولم تَبْلُغِ السِّمْحاقَ. ثم السِّمْحاقُ وهى التى تَصِلُ إلى قِشرَةٍ رَقِيقَةٍ فوقَ العَظْمِ، تُسَمَّى تلك القِشْرَةُ سِمْحَاقًا، وسُمِّيتِ الجِراحُ الواصِلَةُ إليها بها،
(1) سقط من: الأصل، تش.
الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ، وَفِى الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَة، وَفِى السِّمْحَاقِ أربَعَةٌ.
ــ
ويُسَمِّيها أهلُ المدينةِ المِلْطى والمِلْطَاةَ، وهى تأخُذُ اللَّحْمَ كلَّه حتى تَخْلُصَ منه. وهذه الشِّجاجُ الخمسُ لا تَوْقِيتَ فيها في ظاهِرِ المَذْهَبِ. وهو قَوْلُ أَكْثَرِ الفُقَهاءِ. يُرْوَى ذلك عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، ومالِكٍ، والأوْزَاعِىِّ، والشافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى. ورُوِىَ عن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى أنَّ (في الدَّامِيَةِ بَعِيرًا، وفى الباضِعَةِ بغِيرَيْنِ، وفى المُتَلاحِمَةِ ثلاثةَ أبعِرَةٍ (1)، وفى السِّمْحاقِ أرْبَعَةَ أبعِرَةٍ) لأَنَّ ذلك يُرْوَى عن زَيْدِ بنِ ثابتٍ. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، في السِّمْحاقِ مثلُ ذلك. روَاه سعيدٌ عتهما (2). لى عن عمرَ، وعُثمانَ، فيها نِصْفُ أَرْشِ المُوضِحَةِ (3). والصَّحِيحُ الأَوَّلُ، فإنَّها جِراحاتٌ لم يَرِدْ فيها تَوْقِيت في الشَّرْع، فكان الواجِبُ فيها حُكومةً، كجِرِاحاتِ البَدَنِ. رُوِى عن مَكْحُولٍ قال: قَضَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: في المُوضِحَةِ بخمْسٍ من الإِبلِ، ولم يَقْضِ فيما دُونَها (4). ولأنَّه لم يَثْبُتْ فيها مُقَدَّرٌ (5) بتَوْقِيفٍ، ولا له (1) قِياسٌ يَصِحُّ، فوجَب
(1) سقط من: م.
(2)
وأخرجه عهما عبد الرزاق، في: المصنف 9/ 312، 313. كما أخرجه عن زيد بن ثابت البيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 84.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 9/ 313. والبيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 83.
(4)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب الموضحة كم فيها، من كتاب الديات. المصنف 9/ 141، 142. وهو ضعيف. انظر: الإرواء 7/ 324، 325.
(5)
بعده في م: «له» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرُّجوعُ إلى الحُكُومَةِ، كالحَارِصَةِ. وذكرَ القاضى أنَّه متى (1) أمْكَنَ اعْتِبارُ [هذه الجِراحاتِ مِن المُوضِحَةِ، مثلَ أن يكونَ في رأسِ المَجْنِىِّ عليه مُوضحَة إلى جانِبِها، قُدِّرَتْ](2) هذه الجِراحةُ منها، فإنْ كانتْ بقَدْرِ النِّصْفِ، وجَب نِصْفُ أَرْشِ المُوضِحَةِ، وإنْ كانتْ بقَدْرِ الثُّلُثِ، وجبَ ثُلُثُ الأَرْشِ. وعلى هذا إلَّا أَنْ تَزِيدَ الحُكُومَةُ على قَدْرِ ذلك، فتُوجِبُ (3) ما تُخْرِجُه الحُكُومَةُ، فإذا كانتِ الجراحَة قَدْرَ نِصْفِ المُوضِحَةِ، وشَيْنُها يَنْقُصُ قَدْرَ ثُلُثَيْها، فيُوجِبُ ثُلُثَى أَرْشِ المُوضِحَةِ، وإنْ نَقَصتِ الحُكُومَةُ أقَلَّ مِن النِّصْفِ، أوجبَ النِّصْفَ، فيُوجِبُ الأكْثَرَ ممَّا تُخْرِجُه الحُكومةُ أو قَدْرِها من المُوضِحَةِ؛ لأنَّه اجْتَمَعَ سَببانِ (4) مُوجِبانِ؛ الشَّيْنُ وقَدْرُها مِن المُوضِحَةِ، فوجَبَ فيها، والدَّلِيلُ على
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في الأصل، تش:«فوجب» .
(4)
في الأصل: «شيئان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إيجابِ (1) المِقْدارِ، أنَّ هذا اللَّحْمَ فيه مُقَدَّرٌ، فكان في بَعْضِه بقَدْرِه مِن دِيَتِه، كالمارِن، الحَشَفَة، الشَّفَة، والجَفْنِ. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ. قالَ شَيْخُنا (2): وَهذا لا نَعلَمُه مَذْهَبًا لأحمدَ ولا يقْتَضِيه مَذْهَبُه، ولا يَصِحُّ؛ لأَنَّ هذه جِراحَةٌ تَجِبُ فيها الحُكُومَةُ، فلا يجبُ فيها مُقَدَّرٌ، كجراحاتِ البَدَنِ، ولا يَصِحُّ قِياسُ هذا على ما ذكَرُوه، فإنَّه لا تجبُ فيه الحُكُومةُ، ولا نَعْلَمُ لِما ذَكَرُوه نَظيرًا، وما لم يَكُنْ فيه مِن الجِراحِ تَوْقِيتٌ، ولم يَكُنْ نَظِيرًا لِمَا وُقِّتَتْ دِيَتُه، ففيه حُكُومَةٌ. أمَّا الذى فيه تَوْقِيتٌ، فهو الذى نَصَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عليه، وبَيَّنَ قَدْرَ دِيَتِه، كقَوْلِه:«في الأنْفِ الدِّيَةُ (3)، وفى اللِّسَانِ الدِّيَةُ» (4). [وقد ذَكَرْناه](5). وأمَّا نَظِيرُه،
(1) بعده في م: «هذا» .
(2)
في: المغنى 12/ 177.
(3)
سقط من: م.
(4)
تقدم تخريجه في 25/ 309.
(5)
سقط من: م.